اعتصم آلاف الفلسطينيين في رام الله، وسط الضفة الغربية، اليوم الثلاثاء، رفضا لقانون الضمان الاجتماعي الذي صادق عليه الرئيس محمود عباس، الشهر الماضي، وينص على إنشاء صندوق للضمان لجمع اشتراكات مالية من العاملين في القطاعين الخاص والأهلي (العام)، لقاء حصولهم على تقاعد بعد خروجهم من سوق العمل.
وجاء الاعتصام بدعوة من "اللجنة الوطنية للضمان الاجتماعي"، التي تضم قرابة 300 شخصية ومؤسسة أهلية ونقابية واتحادات عمالية، ترى جميعها أن صيغة القانون فيها إجحاف بحق العمال لصالح أرباب العمل.
وكان القانون قد صدر بناء على حوار استمر 4 سنوات بين ممثلين عن القطاع الخاص الفلسطيني، والاتحاد العام لعمال نقابات فلسطين، ووزارة العمل الدولية، ومنظمة العمل الدولية، انتهى بمسودة تم تداولها في أوساط الحكومة الفلسطينية، قبل إحالتها للرئيس عباس، الذي صادق بدوره عليها وأصبحت قانونا نافذا.
ويرفض المحتجون اعتبار "الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين" جهة تمثلهم، بينما تقول الحكومة الفلسطينية إن "كل الأطراف كانت ممثلة في الحوار".
ورأى النقابي عبد الحكيم فقهاء، في كلمة له أمام المعتصمين، أن صيغة القانون تختلف عن المسودة التي تم تداولها، بحيث تم إسقاط عبارة تنص على أن "الحكومة الفلسطينية هي الجهة الضامنة لأموال صندوق الضمان".
واعتبر أن إسقاط ضمانة الدولة يجعل من أموال الصندوق عرضة للتلاعب أو الاختلاس مستقبلا، ومن شأنه أن ينسف القانون برمته.
وأكد فقهاء أن جملة أخرى أضيفت للقانون لم ترد في نص المسودة، وتنص على "تحويل الأموال المتعلقة بصناديق الادخار وحسابات التوفير إلى صندوق تكميلي منفصل عن إدارة صندوق الضمان الاجتماعي".
وينص قانون الضمان على جمع اشتراكات شهرية بنسبة 7.5% من أجر العامل مقابل 8.5% يدفعها رب العمل، على أن يكون معامل احتساب التقاعد بنسبة 1.7% من قيمة الراتب الأساسي عن كل سنة يمضيها العامل في الخدمة.
ورأى المعتصمون أن نسب الاشتراك فيها إجحاف كبير بحق العمال، الذين سيحصلون بعد سنوات طويلة من الخدمة، على تقاعد دون ما ينالونه تحت مسمى "مكافأة نهاية الخدمة" التي نص عليها قانون العمل الفلسطيني.
وقال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية، عصام العاروري، أمام المعتصمين، إن "قانون الضمان الاجتماعي يستثني قطاعات واسعة من المجتمع، خاصة ذوي الإعاقة"، داعيا إلى وقف إنفاذه لمدة عام، وإعادته إلى حوار مجتمعي ليحظى بموافقة الجهات الممثلة للعاملين في القطاعات المختلفة.
وكانت الحكومة الفلسطينية قالت، في بيانها الأسبوعي الأخير، إن "سريان تطبيق القانون حالياً، هو لأغراض تشكيل مجلس الإدارة وتأسيس مؤسسة الضمان الاجتماعي، وإعداد الهيكلية الخاصة".
وذكرت أن مجلس إدارة الصندوق سيشكل لجنة قانونية وفنية متخصصة، تقوم بإدارة حوار مجتمعي حول القانون، كمقدمة لتعديله قبل البدء بتطبيقه فعلياً.
في المقابل، تؤكد "الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي" أن الحكومة "تجاهلت جملة الملاحظات والانتقادات الجوهرية التي أكدت عليها الحملة بشأن آلية إقرار القرار بقانون، الذي أعد في غرف مغلقة، وتجاهل التعديلات الجوهرية التي جرت عليه، وغيرت مجرى القرار بقانون برمته؛ ومن بينها حذف دور الدولة كضامن نهائي للضمان الاجتماعي".
وأعلن في عدد من الجامعات والبنوك والمدارس الخاصة والشركات عن تعليق الدوام لإفساح المجال للموظفين أمام المشاركة في الاعتصام، الذي شارك فيه الآلاف من مختلف محافظات الضفة الغربية.
واتهم المتحدثون القائمين على قانون الضمان الاجتماعي بأن هدفهم مستحقات العمال الفلسطينيين في إسرائيل، حيث يتم الاقتطاع من أجورهم منذ سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم.
ونص بروتوكول باريس بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل على أن تحويل مستحقات العمال سيتم لمؤسسة ضمان فلسطينية أو لنقابة موحدة تمثل كافة العمال الفلسطينيين.
وتقدر قيمة مستحقات العمال ما بين 3 و6 مليارات دولار، وما زالت محتجزة في الخزينة الإسرائيلية.
بينما نص قانون الضمان الفلسطيني على تحويلها إلى صندوق تكميلي، على أن تعاد إلى مستحقيها عند بلوغهم سن التقاعد كرواتب تقاعدية، وهو يثير حفيظة الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي التي تدعو إلى اعتبار هذه الأموال حقوقا شخصية لأصحابها يحصلون عليها متى شاؤوا.