قانون لاجتذاب المستثمرين يثير قلقاً من تكريس الفساد بمصر

24 ابريل 2014
الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور
+ الخط -

أثار قانون جديد أصدرته الحكومة الانتقالية في مصر، لمنع أي طرف ثالث من الطعن في العقود المبرمة بين المستثمرين والحكومة، قلق خبراء اقتصاد ونشطاء قانونيين، من أنه سيكرس الفساد في البلاد، رغم قول الحكومة إنه يهدف إلى تشجيع الاستثمارات الأجنبية.

وأقر الرئيس المؤقت عدلي منصور، يوم الثلاثاء الماضي القانون الذي يقصر الحق في الطعن على عقود الأعمال التجارية والصفقات العقارية، التي تبرمها الدولة أو أحد أجهزتها على أطراف التعاقد دون غيرهم.

ويهدف القانون، الذي طال انتظار رجال الأعمال والمستثمرين له، إلى إنعاش الاستثمار الذي تضرر جراء ضعف الاستقرار السياسي، وحل مشكلة الطعن على عقود بيع شركات القطاع العام المعروفة باسم الخصخصة.

وقال أحمد إبراهيم، المحلل الاقتصادي في تصريح لـ"العربي الجديد" في فبراير/شباط الماضي: "قصر الطعن على الصفقات على الحكومة والمستثمر يغلق الباب أمام أي طرف ثالث للطعن في شفافية هذه الصفقات.. السؤال الأهم: كيف يطعن طرف من طرفي الصفقة على عملية البيع وهما اللذان ارتضيا بها؟".

وأضاف إبراهيم: "يبدو أن الحكومة عازمة على جذب الاستثمارات، لاسيما الخليجية، والهروب من مأزق استرداد الشركات التي تمت خصخصتها في سنوات سابقة بأي ثمن، لكن في الواقع جذب الاستثمارات لا يقتصر على سن التشريعات فقط، وإنما دعم الاستقرار الأمني والسياسي، الذي أصبح العامل الرئيسي في ضح المستثمرين، سواء كانوا محليين أو أجانب، أموالاً في البلاد".

ومنذ ثورة 2011، أصدرت المحاكم المصرية 11 حكماً على الأقل تقضي ببطلان عقود، وقعتها حكومات سابقة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي أطاحته ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

وقدم الطعون نشطاء ومحامون اتهموا فيها الدولة ببيع شركات بثمن بخس، في ما يعكس ممارسات فساد في قطاع الأعمال أثناء عهد مبارك.

وباعت حكومات مبارك المتعاقبة عدداً من الشركات المملوكة للدولة بين 1991 و2008. وكان عدد الشركات المصرية، قبل تنفيذ برنامج الخصخصة، 27 شركة قابضة و314 شركة تابعة، وبعد تنفيذه وصلت إلى 9 شركات قابضة و146 شركة تابعة، وفقاً لإحصائيات حكومية في شهر يونيو/ حزيران 2012.

ومن المرجّح أن يثير القانون، الذي وافق مجلس الوزراء على مسودته في شهر أبريل/نيسان الجاري، غضب نشطاء ومحامين، يؤكدون أنه سيزيد من الفساد.

وقال مصطفى بسيوني الاقتصادي في معهد سيجنت المتخصص في الأبحاث الاقتصادية لرويترز، إن هذا القانون يزيل فعلياً جانباً من الإشراف القضائي والمدني على الصفقات الحكومية.

كما أن هناك قلقاً من ألا تجد الشركات التي لن يحالفها الحظ في الفوز بالصفقة سبيلاً قانونياً للطعن في قرارات الحكومة.

وقال مايكا مينيو بالويلو، الباحث بمجموعة بلاتفورم لندن، التي تركز على قضايا العدالة الاجتماعية والبيئية، إن القانون الجديد سيضعف الإشراف الديموقراطي.

وأضاف أن القانون لا يتضمن "آلية أو وسيلة تتيح للمواطنين التدخل ومنع الفساد أو الطعن في انتهاكات القانون والعقود الجائرة".

وتابع: "إذا كنت مستثمراً خلوقاً فلن يكون هذا في صالحك، لأن هذا سيدخلك في مواجهة مع مستثمرين آخرين ينتهكون المعايير البيئية ولا يدفعون أجوراً مناسبة".

ووضعت الأحكام القضائية المتوالية ببطلان بيع شركات حكومية إلى مستثمرين محليين وأجانب، الحكومة المؤقتة الحالية في مأزق تنفيذ هذه الأحكام.

وفي الوقت الحالي سيكون القانون على الأرجح بمثابة مبعث ارتياح للمستثمرين الذين تأقلموا مع عقبات تبدأ بضعف البنية الأساسية وتنتهي بالبيروقراطية الخانقة.

ويأتي قانون قصر الطعن على الصفقات الاستثمارية على الحكومة والمستثمر فقط، بعد أقل من ستة أشهر على تصاعد جدل في مصر حول تكليف وزراء العدل والاستثمار والعدالة الانتقالية، بإعداد مشروع قانون لحماية تصرفات كبار المسؤولين في الدولة، التي تحصل بما وصفته الحكومة بـ"حسن نية ودون قصد جنائي".

وتراهن الحكومة الانتقالية في مصر بقوة على الاستثمارات الخليجية، خصوصاً من الدول الداعمة لها في أعقاب إطاحة الجيش الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013، من أجل إنعاش اقتصاد البلاد المتأزم بسبب استمرار الاضطرابات قرابة 3 أعوام.

وعقب الانقلاب العسكري ضد مرسي، قدمت السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، مساعدات لمصر بقيمة 12 مليار دولار.

ويمارس المستثمرون الخليجيون ضغوطاً للحصول على مزيد من الضمانات بأن أموالهم في مصر ستكون في أمان.

وكان منير فخري عبد النور وزير الصناعة المصري، قد قال في تصريحات نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، إن الحكومة تلقت ردود أفعال سلبية من الخارج بشأن أحكام بطلان خصخصة بعض الشركات.

وفي عام 2011 ألغت محكمة صفقة بيع سلسلة "عمر أفندي" أحد أقدم المتاجر المصرية الشهيرة، إلى مستثمر سعودي، بعدما انتقد البعض صفقة البيع قائلين إنها بثمن بخس.

وحتى الآن لم يطبق غير حكم واحد يتعلق ببطلان خصخصة "عمر أفندي"، فيما أبدت حكومة حازم الببلاوي الانتقالية التي استقالت نهاية فبراير/ شباط، استعدادها لاسترداد الشركات الصادر بشأنها أحكام قضائية نهائية.

وصدرت أحكام نهائية باسترداد شركة طنطا للكتان والزيوت، التي اشتراها المستثمر السعودي عبد الإله الكحكي قبل نحو 8 سنوات، بعد ثبوت أن الصفقة تمت بأقل من قيمة السوق.

وقال عبد الله بن محفوظ، رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري لرويترز، إن مثل هذه القضايا أثنت أثرياء سعوديين عن شراء أصول في مصر.

وأضاف محفوظ "أنا واثق أننا سنرى بسبب هذا القانون تدفقاً في الاستثمارات لن يقل عن 15 مليار دولار في السنوات الثلاث المقبلة لأن هناك فرصاً ضخمة في قطاعات الصلب والتعدين والمصانع التي تعتبر الأكبر بالشرق الأوسط".

وقال جيسون توفي، المحلل الاقتصادي في شركة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث: "كان الشك في قانونية العقود أحد العوامل وراء قلة تدفق الاستثمار الأجنبي على مصر منذ ثورات الربيع العربي، لذا فإن هذا القانون قد يوفر الحماية التي يتوق إليها بعض المستثمرين".

ومصر بحاجة ماسة إلى أي أموال جديدة، بعدما انخفض الاستثمار الأجنبي فيها إلى ثلاثة مليارات دولار في السنة المالية المنتهية في يونيو/حزيران 2013، وهو ما يقل بمليار دولار عن السنة السابقة.

وانخفض الاحتياطي الأجنبي المصري إلى مستوى ينذر بالخطر بلغ 13.4 مليار دولار في العام الماضي، وسجل الاقتصاد نمواً هزيلاً بلغ 2.1%.

ورغم التوقعات بأن يزيل القانون الجديد عوائق قانونية، قد يظل غياب الاستقرار السياسي عاملاً معرقلاً للاستثمار.

ومنذ أن أطاح الجيش الرئيس مرسي، بعد عام واحد من وصوله للحكم عبر أول انتخابات رئاسية تشهدها البلاد بعد ثورة يناير 2011، تشهد مصر اضطرابات سياسية وأمنية وتراجعاً حاداً في مؤشرات الاقتصاد.
وقالت شركة سنتامين لاستخراج الذهب إن قانوناً جديداً دخل حيز التنفيذ في مصر أمس الأربعاء قد يؤدي إلى إسقاط دعوى قضائية بحقها.

وكانت الشركة التي تتركز أعمالها في مصر قد أقامت دعوى استئناف في 2012 على حكم قضائي يشكك في حقها تشغيل منجم السكري منجمها الوحيد المنتج.

وقالت الشركة في بيان اليوم الخميس "تواصل سنتامين المناقشات مع مستشاريها بشأن العملية التي يمكن بها إسقاط الدعوى الأصلية بخصوص اتفاق امتياز السكري ... بموجب مواد هذا القانون الجديد".

دلالات
المساهمون