قانون الاستثمار الجديد يهدر أموال المصريين

06 مايو 2014
شعار حملة مواجهة قانون الاستثمار الجديد
+ الخط -

أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريراً اليوم الثلاثاء، انتقد فيه ما وصفه بـ"طوفان التشريعات المشبوهة بعدم الدستورية التي تهدر بوضوح سيادة القانون، وحقوق المواطنين، ودور السلطة القضائية"، وذلك ضمن حملة حقوقية شملت مراكز حقوقية مصرية أخرى. 

وأعلن المركز أنه نجح في استصدار تصريح من المحكمة الإدارية بالطعن بدستورية قانون الاستثمار رقم 32 لسنة 2014، الذي صدر في 22 أبريل/نيسان الماضي، بتوقيع رئيس المحكمة الدستورية، المستشار عدلي منصور، بصفته الرئيس المؤقت للجمهورية. وقد اعتبر المركز أن هذا القانون هو أحد أسوأ القوانين الجديدة المهدرة للمال العام وحقوق الدولة.

وأشار التقرير إلى أنه في أي حكم ديمقراطي، هناك رقابة سياسية وأخرى إدارية وثالثة قضائية. ونجاح أي حكم يكون بمدى فعاليتها جميعاً. فالرقابة السياسية تكون بمجرد وجود الهيئات المنتخبة الموكل إليها القيام بهذا الدور، كما أن الرقابة الإدارية تقوم بها السلطة التنفيذية بنفسها، وفقاً للقوانين والقرارات المنظمة لعملها، إلا أن الرقابة القضائية لا تكون موجودة إلا بطريق واحدة، وهي كفالة حق التقاضي، إذ نصت الدساتير على كفالة هذا الحق، وقربت جهات التقاضي ونظمت العمل في مرفق القضاء.

وتابع التقرير أن عدداً من القوانين جاء ليغلق الطريق أمام الرقابة، وخصوصاً قانون الاستثمار الجديد الذي يمنع الطعن بالقرارات من قبل من تتوافر بهم الصفة والمصلحة في الطعن، ما أنتج تشريعاً يحد من الدور الرقابي للقضاء عموماً، وقضاء مجلس الدولة خصوصاً.

فساد التحصين


وأوضح تقرير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أوجه الفساد في قانون الاستثمار. إذ جاء القانون الجديد من مادتين: تفيد الأولى بعدم جواز الطعن بتعاقدات الدولة إلا من طرفي التعاقد (أي الحكومة أو المستثمر فقط)، وتقضي المادة الثانية بوقف كل الطعون المنظورة حاليا أمام محكمة القضاء الإداري.

ويوضح المركز الحقوقي أنه ترتب عن هذا القانون "تحصين تعاقدات الدولة السابقة والإيذان بإبرام المزيد من التعاقدات التي تهدر أصول الدولة وثرواتها الطبيعية للمواطنين، أصحاب المصلحة الحقيقية والحق في الرقابة التي تحاول الحكومة اغتصابها من بين أيديهم ومن بين أيدي السلطة القضائية، وخاصة القضاء الإداري. وذلك بعد العديد من الأحكام للمركز المصري وغيره التي أبطلت العديد من العقود الفاسدة وأعادت الكثير من الهيئات والشركات التي بيعت في ظروف أقل ما توصف به أنها مشبوهة".

وتابع التقرير "اشترط القانون صدور حكم نهائي في جرائم الأموال من أجل إعمال الدور الرقابي لمحكمة القضاء الإداري، كما أنه أهدر مبدأ تكافؤ الفرص بين المتقاضين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة، فهو يفرق بين الطاعنين الذين صدرت لهم أحكام قضائية قديمة، والطاعنين التي تتداول طعونهم الآن".

 تبريرات واهية


وعن تبريرات الحكومة التي وصفها التقرير بـ"لا منطقية ولا مقبولة"، قال: "لعل من أهم التبريرات التي لجأت إليها الحكومات المصرية المتعاقبة، من أجل إضفاء الشرعية على قوانين تمنع المواطن من الطعن بالعقود التي تبرمها الدولة مع المستثمرين، هو حجة زيادة عدد القضايا المنظورة دوليا ضد مصر".

وأضاف: "بالرغم من أن مصر بالفعل تأتي ضمن أكثر أربعة دول تتقاضى دولياً، إلا أن الحل بالتأكيد لا يكمن في غلق باب التقاضي المحلي ضد الفساد، ولكنه يكمن في اتفاقيات الاستثمار الثنائية التي وقعت عليها الحكومة والتي تفتح الباب على مصراعيه أمام المستثمرين لمقاضاة مصر دولياً، متخطين بذلك القضاء المصري، ومتجاهلين أحكامه".

حزمة من التشريعات الفاسدة

ويلفت تقرير المركز إلى أن "العامل المشترك البارز للتشريعات والإجراءات المشبوهة هو أنها تعكس انحيازاً واضحا للسلطة الانتقالية المستندة لمصالح رجال الأعمال والمستثمرين ويضاف إليهم مسؤولو البيروقراطية المصرية التي شاع فيها الفساد ولا يزال".
 
ويضيف: "في المقابل تجتمع هذه التشريعات والإجراءات على إهدار مصالح الغالبية العظمى من الشعب ولا تتورع في سبيل ذلك عن إهدار الدستور والقانون. وهي بذلك لا تضر فقط بالاقتصاد المصري بإهدار أصول وموارد مملوكة للشعب، وإنما توجه ضربة تلو الأخرى إلى الأساس القانوني للدولة المصرية".

وفي ختام التقرير، طالب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رئيس الجمهورية بـ"تدارك الموقف الشاذ الذي يخلقه صدور قانون الاستثمار وذلك بالمسارعة إلى وقف العمل به".

كما طالب المركز رجال السلطة القضائية والمجلس الأعلى للقضاء "بصفته الممثل الأول لهذه السلطة، وكذا بصفة خاصة الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة، باتخاذ موقف واضح من هذا القانون المعيب ينتصر للسلطة القضائية واستقلالها وحقها في القيام بدور الرقيب على أعمال وقرارات الحكومة كما يقرر الدستور".

دلالات
المساهمون