مشروع قانون منح الإقامة الدائمة لغير القطريين هو استثمار في الكفاءات وتعزيز لانتماء المقيمين إلى قطر، بحسب ما يؤكّد برلمانيون وقانونيون لافتين إلى أنّ من شأن ذلك تحقيق مردود إيجابي على العمل والإنتاج، الأمر الذي ينعكس على مسيرة التطوّر التي تشهدها البلاد. ويوضح هؤلاء في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ مشروع القانون هذا هو التشريع الوحيد في دول مجلس التعاون الخليجي الذي يمنح فئات معيّنة حق الإقامة الدائمة.
وكان مجلس الوزراء القطري قد وافق، أوّل من أمس الأربعاء، على مشروع قانون منح بطاقة إقامة دائمة لغير القطريين، تُمنح بضوابط لثلاث فئات تشمل "أبناء المرأة القطرية المتزوجة من غير قطري، والأشخاص الذين أدّوا خدمات جليلة للدولة، وذوي الكفاءات الخاصة التي تحتاج إليها الدولة".
يقول نائب رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، المحامي يوسف أحمد الزمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مشروع قانون منح البطاقة الدائمة لـغير القطريين إنساني بامتياز، فهو يحرص على احترام حقوق الإنسان، ويؤكد على تلك الحقوق لكل فرد يعيش على أرض قطر". وموافقة مجلس الوزراء على مشروع القانون الذي يمنح الإقامة الدائمة لغير القطريين إذا كانوا من الذين أدوا خدمات جليلة لقطر، أو من ذوي الكفاءات التي تحتاجها الدولة، تدفع إلى السؤال عن هؤلاء الأشخاص الذين شملهم القانون، فيجيب الزمان أنّ "مئات آلاف المقيمين يشاركون المواطنين القطريين بناء النهضة التنموية الشاملة التي تشهدها قطر، في المجالات الاقتصادية والعمرانية والتعليمية والصحية والثقافية وغيرها. وممّا لا شكّ فيه أنّ من بين هؤلاء المقيمين مَن ترك بصمة معيّنة في مجال عمله أو اختصاصه العلمي على مسيرة التنمية القطرية، والمشرّع أراد تكريم هؤلاء ومكافأتهم. وعلى سبيل المثال، مقيم يعمل طبيباً أجرى عمليات ناجحة ونادرة وظهرت بصماته في علاج مرض معين، هنا تشجّعه الدولة على البقاء والاستفادة من خبراته فتمنحه إقامة دائمة. وثمّة مخترع أو مؤلف كتبٍ مؤثّر في المجتمع القطري والبشرية، يُمنح بطاقة الإقامة الدائمة".
ويتابع الزمان أنّ "منح هؤلاء بطاقة إقامة دائمة، سوف يحقق لهم الأمن والاستقرار النفسي، الأمر الذي سوف يجنّبهم القلق حول تجديد إقاماتهم من عدمه، والقلق حول عرقلة توظيفهم وحصولهم على الخدمات التعليمية والصحية، بالإضافة إلى تقلّدهم وظائف عامة في الدولة. ويندرج هذا في إطار تقدير دولة قطر لهؤلاء الأفراد لمشاركتهم في تنمية هذا الوطن وازدهاره، بما يحقق الطمأنينة لهم والمستقبل لأسرهم الذين يعيشون معهم".
وعن منح الإقامة الدائمة لأبناء القطرية المتزوجة من غير قطري، يقول الزمان إنّ "معاملة أبناء القطريات المتزوجات من غير قطريين معاملة كريمة عبر منحهم بطاقة إقامة دائمة، يتفق تماماً مع الاعتبارات الإنسانية، لا سيّما أنّهم سوف يحصلون من خلال هذه البطاقة على جملة من الامتيازات التي تقترب من تلك التي يتمتع بها المواطن القطري، سواءً في التعليم أو الصحة أو التملك العقاري أو تقلّد الوظائف العامة في الدولة. ويمنحهم مشروع القانون حياة كريمة في الوطن الذي تنتمي إليه أمهاتهم، فيشعرون بالفخر والاعتزاز، ويقوى لديهم شعور الانتماء إلى هذا الوطن المعطاء".
من جهته، يقول عضو مجلس الشورى القطري، سعيد بطي السحوتي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوقت أصبح مثالياً بالنسبة إلى قطر حتى تستثمر في الكفاءات الوطنية من أبنائها والمقيمين على أرضها، الذين أثبتوا حرصاً كبيراً على نهضتها ورقيّها ودوام استقرارها. وثمّة مقيمون عملوا في قطر لسنوات طويلة، وكثيرون وُلدوا فيها وما زالوا يعملون في مجالات متعددة ويساهمون مع أشقائهم القطريين في مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها قطر في مختلف المجالات. وهؤلاء يمكن منحهم الإقامة الدائمة وفقاً للقانون". يضيف أنّ "أبناء القطرية المتزوجة من غير قطري يستحقون كذلك منحهم الإقامة الدائمة، فهؤلاء يُعَدّون مواطنين بالمنبع، وبطاقة الإقامة الدائمة تجعلهم يُعامَلون مثل القطريين في التعليم والرعاية الصحية في المؤسسات الحكومية، وتمنحهم الأولوية في التعيين بعد القطريين في الوظائف العامة العسكرية والمدنية".
ويلفت الزمان إلى أنّ "منح الإقامة لغير القطريين، يخضع لتقديرات اللجنة التي سوف تشكلها وزارة الداخلية ويُطلق عليها اسم لجنة منح بطاقة الإقامة الدائمة، وهي تختص بالنظر في طلبات منح بطاقة الإقامة الدائمة وفقاً لأحكام القانون". ويؤكّد أنّ "مشروع قانون منح الإقامة الدائمة هو التشريع الوحيد في دول مجلس التعاون الخليجي الذي يمنح فئات معيّنة حق الإقامة الدائمة نظير خدمات جليلة قدمتها للدولة، من أجل التشجيع على مواصلة العطاء والمشاركة في التنمية المستدامة". ويكمل أنّ "التقدّم التشريعي المتعلق بإقامة الوافدين في دولة قطر يسير بخطى ثابتة، ويمنح المقيمين الحرية الكاملة في الإقامة وحرية التنقل بين الوظائف والأعمال".
تجدر الإشارة إلى أنّ حامل تلك البطاقة سوف يكون له "الحق في التملك العقاري، وممارسة بعض الأنشطة التجارية بدون شريك قطري، وذلك وفقاً للقرارات التنفيذية التي سيصدرها مجلس الوزراء، وفقاً لأحكام هذا القانون".
وكانت قطر قد ألغت نظام الكفالة في 13 ديسمبر/كانون الأول 2016، في خطوة نحو تحسين حقوق جميع العمال وحمايتها، واستبدلته بنظام حديث يعتمد على عقد العمل الذي من شأنه حفظ حقوق العمال وتسهيل التنقل من جهة عمل إلى أخرى.