شرطي إسرائيلي يعترف بقتل الفلسطيني يعقوب أبو القيعان دون خطر على حياته

07 يونيو 2019
من مراسم تشييع جنازة أبو القيعان (العربي الجديد)
+ الخط -

كشف تقرير مطول لصحيفة "هآرتس"، اليوم الجمعة، أن الشرطي الإسرائيلي الذي أطلق النار باتجاه سيارة المعلّم الفلسطيني يعقوب أبو القيعان، في 18 يناير/كانون الثاني 2017، وأرداه شهيداً، اعترف بأنّه لم يكن يشعر بأي خطر حقيقي على حياته.

وذكرت الصحيفة أنّ الشرطي الإسرائيلي اعترف، بعد وقت قصير من إطلاق النار باتجاه سيارة أبو القيعان، خلال تحقيق أجراه معه مركز لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، في موقع عملية القتل في قرية أم الحيران في النقب، بأنّه لم يكن يشعر بأي خطر حقيقي على حياته عندما مرت سيارة أبو القيعان، وقام بإطلاق عيارات نارية باتجاه عجلات السيارة، ثم باتجاه سائقها.

وقالت الصحيفة إنّ الشرطي أكد اعترافه بهذه الحقيقة لكنّه عاد لاحقاً، بعد أن أدى تسلسل الأمور إلى تسريع حركة سيارة الشهيد أبو القيعان وانحرافها عن مسارها الحقيقي، وإصابة شرطي إسرائيلي وقتله، فغيّر من إفادته وادّعى خلال التحقيق معه على مرحلتين مع قسم التحقيقات في الشرطة، بأنّه شعر بالخطر، بالرغم من إقراره طيلة الوقت بأنّ سيارة أبو القيعان لم تسر بسرعة كبيرة ووصفها مرة بالبطيئة، ومرة بأنّ سرعتها تصل إلى نحو 50 كيلومتراً في الساعة.

ووفقاً لتقرير "هآرتس"، فقد أثارت شهادات الشرطي الإسرائيلي والتقرير الذي رفعه جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، ذهول قسم التحقيقات في الشرطة، الذي حدّد بشكل قاطع أنّ الشهيد أبو القيعان لم يقد سيارته بسرعة، ولا حاول دهس أفراد شرطة كانوا في طريقهم لترحيل أهالي قرية أم حيران من بلدتهم، وفق قرار لحكومة الاحتلال الإسرائيلي.

واتضح من التفاصيل التي أوردها التقرير، أنّ الشرطي أقرّ أمام ضابط "الشاباك"، بأنّه أطلق الرصاص باتجاه سيارة الشهيد أبو القيعان، دون أن يشعر بخطر على حياته، بعد أن سمع أوامر من أفراد شرطة آخرين لأبو القيعان بالتوقّف، وبينما لم يفعل الأخير ذلك، قرّر هو إطلاق النار.

وتبين أنّ الشرطي كان مسلّحاً، ويحمل بندقية من طراز "إم 16"، وأنّه أطلق صلية من النيران وليس رصاصات معدودة.

وبيّنت تحقيقات قسم التحقيق في الشرطة، وتقرير "الشاباك"، بحسب ما أوردته "هآرتس"، أنّه كان واضحاً خلال وقت قصير، عدوم وجود أي محاولة لتنفيذ عملية دهس من قبل أبو القيعان لعناصر شرطة الاحتلال، وأنّه كان حمل متاع بيته في سيارته.

كما تبيّن أنّ الرصاصات التي أطلقها الشرطي أول مرة، دفعت بقية عناصر الشرطة في الموقع إلى إطلاق مزيد من العيارات النارية باتجاه سيارة الشهيد أبو القيعان، وأنّه حتى بعد اصطدام سيارة الأخير بشرطي إسرائيلي لقي مصرعه، وتوقفها ظلّ زمّورها منطلقاً لنحو ساعة، فيما كان شرطي قد اقترب وأخرج أبو القيعان من باب السيارة، وتُرك من دون تقديم العلاج له لأكثر من ساعتين، على الرغم من أنّه كان لا يزال على قيد الحياة، ورغم وجود شرطية في الموقع.

وأكد تقرير "هآرتس"، أنّ شاي نيتسان المدعي العام في إسرائيل، رفض، في مايو/ أيار 2018، إعادة التحقيق في ملابسات استشهاد أبو القيعان، عندما أعلن إغلاق التقرير رسمياً بالرغم من تقرير مركز "الشاباك"، بادعاء أنّ "مكانة الإفادة القانونية لمركز الشاباك مع الشرطي مطلق الرصاص غير واضحة ولا يمكن الاعتماد عليها لإعادة فتح التحقق في الملف".


وكان كل من رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، والمفتش العام للشرطة روني الشيخ، قد ادعوا أنّ الشهيد أبو القيعان كان "متطرفاً"، وعضواً في تنظيمات "متطرفة"، وزعموا أنّه حاول تنفيذ عملية فدائية لقتل عناصر الشرطة.

وادعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أنّها تأكدت من ذلك بفعل عثورها على عدد لصحيفة "يسرائيل هيوم"؛ المعروفة بدعمها لنتنياهو، كان الملف الرئيسي فيه حينها حول تنظيم "القاعدة" و"داعش". 

وحاولت حكومة الاحتلال، رغم كل الثغرات والشواهد، الادعاء أنّ أبو القيعان كان يريد تنفيذ عملية لقتل عناصر الشرطة، وذلك للتغطية على جريمة قتله، حتى بعد أن ثبتت رواية الشرطة بأنّ أبو القيعان قاد سيارته من دون إضاءة كاذبة، وأنّه كان شغّل أضواء سيارته، وقادها بسرعة تصل إلى 10 كيلومترات لا غير، بحسب خبراء المواصلات التابعين للشرطة، وبحسب توثيق مصور لقناة "الجزيرة" أظهر السيارة وهي تتهادى ببطء إلى أن أطلقت النيران باتجاهها، وفقد أبو القيعان السيطرة عليها.

وكانت شرطة الاحتلال قد اقتحمت قرية أم الحيران في النقب، في منتصف يناير/ كانون الثاني 2017، لإخلاء القرية وترحيل أهلها وهدم بيوتها، تمهيداً لإقامة مستوطنة يهودية على أراضيها تحمل اسم حيران. وتم ترحيل أهالي القرية، في العامين الماضيين، بعد قتل أبو القيعان، إلى قرية حورة.