قائد الجيش الجزائري يصف مجموعة بوتفليقة بـ"العصابة" ويستعجل تنحيه

02 ابريل 2019
الجيش الجزائري أعلن رفضه للقرارات غير الدستورية(Getty)
+ الخط -

رفض قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، مساء اليوم الثلاثاء، الاعتراف بالبيان الذي صدر أمس باسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مؤكداً أنه لم يصدر من قبل الأخير، بل من جانب جهة غير دستورية، في إشارة إلى السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري، واصفاً المجموعة المقربة من بوتفليقة بالعصابة التي نهبت مقدرات البلاد، والتي قد حان وقت إنهاء وجودها السياسي.  

وقال بيان نشرته وزارة الدفاع الجزائرية، عقب اجتماعٍ للقيادات العسكرية العليا وُصف بالحاسم، إن قائد أركان الجيش تطرق في الاجتماع إلى البيان الصادر نهار أمس، والمنسوب إلى رئيس الجمهورية. وقال قايد صالح في هذا الإطار إنه "وفي الوقت الذي كان الشعب الجزائري ينتظر بفارغ الصبر الاستجابة لمطالبه المشروعة، صدر يوم الفاتح من أبريل بيان منسوب لرئيس الجمهورية، لكنه في الحقيقة صدر عن جهات غير دستورية وغير مخولة، يتحدث عن اتخاذ قرارات هامة تخص المرحلة الانتقالية، وفي هذا الصدد بالذات، نؤكد أن أي قرار يتخذ خارج الإطار الدستوري مرفوض جملة وتفصيلاً".

وكان قائد الجيش يتحدث عن البيان الذي نُسب إلى بوتفليقة، والذي يعلن فيه نيته تقديم استقالته قبل 28 أبريل المقبل، واتخاذ قرارات دستورية تضمن السير العادي للمؤسسات في المرحلة الانتقالية التي تلي استقالته.  

ويشير قايد صالح بوضوح الى شقيق بوتفليقة ومستشاره السعيد بوتفليقة، الذي يهمين على  سلطة القرار، واعتبر أن "أشخاصاً يعملون على إطالة عمر الأزمة لمصالحهم الشخصية، وعصابة حاولت الالتفاف على مطالب الشعب".

ويعني ذلك أن المؤسسة العسكرية في الجزائر لن تعترف بدءاً من اليوم بأي قرار أو بيان يصدر من الرئاسة، وهي تستعجل استقالة بوتفليقة بسبب المرض وانعقاد المجلس الدستوري لإقرار شغور المنصب، وترفض انتظار تاريخ نهاية العهدة الرئاسية في 28 أبريل المقبل.

وحضر الاجتماع كل قادة القوات البرية والجوية والبحرية وقادة النواحي العسكرية والأمين العام لوزارة الدفاع الوطني ورئيسا دائرتي أركان الجيش. وقال البيان إنه خُصص لمتابعة التطورات المرتبطة بالاقتراح الذي تقدم به الجيش الوطني الشعبي الرامي إلى تفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور.

واتهم قايد صالح مجموعة شقيق الرئيس بوتفليقة بالعمل على إطالة الأزمة، وبعقد "الاجتماعات المشبوهة التي تعقد في الخفاء من أجل التآمر على مطالب الشعب، وتبني حلول مزعومة خارج نطاق الدستور، من أجل عرقلة مساعي الجيش ومقترحاته لحلّ الأزمة، وبالتالي تأزيم الوضع أكثر فأكثر، كل هذا تم بتنسيق الجهات غير الدستورية، إلا أن بعض هذه الأطراف خرجت تحاول عبثاً نفي تواجدها في هذه الاجتماعات ومغالطة الرأي العام، رغم وجود أدلة قطعية تثبت هذه الوقائع المغرضة".

وكان قائد الجيش يرد في هذا السياق على الرئيس الجزائري السابق ليامين زروال، الذي زعم في بيان نشره اليوم، أن مشاركته في اجتماع مع القائد السابق لجهاز الاستخبارات، الفريق محمد مدين، كان لبحث مقترح من شقيق بوتفليقة لإنشاء هيئة رئاسية تدير المرحلة الانتقالية، وأنه رفض المقترح.

وجدد قائد أركان الجيش الجزائري تمسكه بـ"مقترح حل الأزمة عبر تطبيق المادة 102 من الدستور، والتي تقر بحالة شغور منصب الرئيس".

وقال إن "الشعب الجزائري استحسن ورحب بهذا المسعى، وبارك هذه المساعي وثمّن حرص الجيش على إيجاد حلٍّ دستوري للأزمة في أقرب الآجال، ورأى فيه بادرة خير وأمل للخروج من الأزمة قدمها الجيش، انطلاقاً من إحساسه بالمسؤولية التاريخية تجاه الشعب والوطن"، موضحاً أن هذا المقترح "مع الأسف الشديد قوبل بالتماطل والتعنت، بل والتحايل من قبل أشخاص يعملون على إطالة عمر الأزمة وتعقيدها، والذين لا يهمهم سوى الحفاظ على مصالحهم الشخصية الضيقة غير مكترثين بمصالح الشعب وبمصير البلاد".

وذكّر قائد أركان الجيش الجزائري بمساعي الجيش لإيجاد حل للأزمة منذ بداية المسيرات، منذ خطاب 18 مارس الماضي في تندوف جنوبي الجزائر، حيث كان قد طالب بضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة في أقرب الآجال، وأن هناك حلاً، بل حلولاً، لهذه المعضلة، شريطة أن تندرج في الإطار الدستوري، لكن وأمام عدم الاستجابة لهذا المسعى، ونظراً لإدراكه العميق بحساسية الوضع، ثم عاد الى الملف في خطابٍ ثانٍ ألقاه في منطقة جانت جنوبي الجزائر في 26 مارس، وأكد على ضرورة إيجاد حل للخروج من الأزمة حالاً وقدم اقتراح تفعيل المادة 102 من الدستور، كحل يندرج حصراً في الإطار الدستوري، الذي يعد الضمانة الوحيدة للحفاظ على وضع سياسي مستقر، ثم بتاريخ 30 مارس حيث أكد هذه المرة على ضرورة تفعيل المواد 7 و8 و102 من الدستور وأنه لا يمكن تصور أي حل آخر خارج نطاق الدستور.

ونفى قائد الجيش وجود أيّ طموحات سياسية في علاقة بموقفه من الأزمة، وطمأن القوى السياسية والمدنية التي لها مخاوف بهذا الشأن، قائلاً إن "المساعي المبذولة من قبل الجيش الوطني الشعبي منذ بداية الأزمة وانحيازه الكلي إلى المطالب الشعبية، تؤكد أن طموحه الوحيد هو السهر على الحفاظ على النهج الدستوري للدولة، وضمان أمن واستقرار البلاد، وحماية الشعب من العصابة التي استولت بغير وجه حق على مقدرات الشعب الجزائري، وهي الآن بصدد الالتفاف على مطالبه المشروعة من خلال اعتماد مخططات مشبوهة، ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد والدفع بها نحو الوقوع في فخ الفراغ الدستوري".

واتهم قائد الجيش مجموعة من رجال الأعمال استغلت قربها من بوتفليقة ومحيطه، لتكوين ثروة غير مشروعة. وقال "بخصوص عمليات النهب التي عاشتها البلاد، وتبذير مقدراتها الاقتصادية والمالية، كيف تمكنت هذه العصابة من تكوين ثروات طائلة بطرق غير شرعية وفي وقت قصير، دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة، وها هي تحاول هذه الأيام تهريب هذه الأموال المنهوبة والفرار إلى الخارج".

ولفت إلى أن "قرارات المتابعات القضائية المتخذة ضدها، صدرت عن العدالة من خلال النيابة العامة التي تحركت استجابة لمطالب شعبية ملحة، حيث تمّ اتخاذ تدابير احترازية تتمثل في منع بعض الأشخاص من السفر، لحين التحقيق معهم كما قامت الهيئات المخولة لوزارة النقل بتفعيل إجراءات منع إقلاع وهبوط طائرات خاصة تابعة لرجال أعمال في مختلف مطارات البلاد، طبقاً للإجراءات القانونية السارية المفعول".

وكان القضاء الجزائري قد أعلن أمس منع سفر عدد من رجال الأعمال كانوا على علاقة مباشرة بمحيط بوتفليقة، ولهم صلات بقضايا فساد مالي في البلاد. وكانت السلطات قد أوقفت الأحد رجل الأعمال وزعيم الكارتل المالي علي حداد، لدى محاولته الفرار الى الخارج عبر تونس.  

المساهمون