قاد رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق قايد أحمد صالح، اليوم الأحد، وفدا عسكريا رفيعا من القيادات الميدانية لتفقد مناطق تمنراست وعين قزام وبرج باجي مختار، الحدودية مع مالي، بعد يومين على إعلان ثلاثة تنظيمات مسلحة عن اندماجها في تشكيل مسلح جديد باسم "جامعة المسلمين ونصرة الاسلام".
وتدرس القيادة العسكرية والأمنية في الجزائر تقارير عن التنظيم المسلح الجديد المعلن عنه في مالي، بعد تحالف ثلاثة تنظيمات موالية لـ"القاعدة"، وتجمع معلومات ومعطيات عن توجهات وخطط التنظيم الجديدة.
وجدد قائد أركان الجيش الجزائري تحذيراته لوحدات الجيش المرابطة في مناطق الجنوب والصحراء والحدود الجنوبية مع مالي، من أي تراخ في مكافحة الإرهاب وشبكات الجريمة والتهريب الأسلحة والمخدرات والبشر.
وقال صالح الذي يشغل منصب نائب الدفاع الوطني، في زيارة تفقد قادته إلى الوحدات العسكرية الميدانية على الحدود، إن "قوات الجيش يجب أن تبقى في مستوى رفيع من اليقظة والحذر لأجل تشديد الخناق أكثر فأكثر على العصابات الإرهابية، ولقطع الطريق أمام أي رافد من روافدها الإجرامية"، مشيرا الى أن "المجموعات الإرهابية تتغذى من شبكات التهريب".
وقال إن "من أكثر هذه الروافد خطورة، شبكات التهريب المختلفة، لاسيما تهريب الأسلحة التي كان لها الجيش دائما بالمرصاد، وأفشل تحقيق أهدافها المعادية لوطننا وشعبنا".
ونقلت قيادة الجيش الجزائري أكثر من 35 ألف جندي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014 لتعزيز القوات المرابطة على الحدود، بسبب تزايد التهديدات في المناطق الحدودية القريبة من ليبيا ومالي والنيجر، إضافة إلى إنشاء 28 موقعا عسكريا متقدما على طول الحدود الجنوبية، وتسيير دوريات عسكرية مشتركة بين قوات الجيش وحرس الحدود، لمنع تسلل المجموعات المسلحة وتهريب الأسلحة.
ونجحت قوات الجيش والأمن الجزائري في كشف ترسانة من الأسلحة في مخابئ منتشرة في مناطق الجنوب والصحراء، بعضها صواريخ من نوع ستينغر وغراد، بشكل بدا للمراقبين أشبه ما يكون بحرب استنزاف حقيقة تخوضها قوات الجيش، كان آخرها الكشف، تزامنا مع زيارة قائد الجيش عن مخبأ يحوي ثماني قطع أسلحة وقاذفا صاروخيا، وقذائفا من نوع أربي جي 7، وقنابل وكمية من الذخيرة.
وبرأي الفريق قايد صالح فإن وحدات الجيش حققت منجزات هامة على صعيد "تشديد الخناق على العصابات الإجرامية وروافدها التي لا تقل خطورة، كشبكات التهريب المختلفة والهجرة غير الشرعية".
واعتبر قائد الجيش الجزائري أن الجيش يملك دعماً سياسياً وشعبياً، ويملك الوسائل اللوجستية للدفاع عن أمن الجزائر وحدودها، موضحا أن "مقاربتنا لمفهوم الأمن هي مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد، أبرزها تطوير قدرات الجيش والقوات المسلحة".
ونفذت الجزائر في السنوات العشر الماضية خطة لتسليح الجيش وتطوير ترسانته العسكرية، وتطوير قدراته القتالية وتجهيزه، بعد عقد التسعينات الذي فرضت فيه أوروبا وأميركا حظرا على توريد الأسلحة للجزائر، خلال فترة الأزمة الأمنية العاصفة التي شهدتها الجزائر، إلى غاية مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم، حيث استأنفت الدول الأوروبية بيع الأسلحة إلى الجزائر.
وتأتي زيارة التفقد لقائد أركان الجيش إلى المناطق الحدودية، بعد يومين على إعلان ثلاثة تنظيمات مسلحة تنشط في شمال مالي والنيجر قرب الحدود مع الجزائر، وهي "إمارة الصحراء" التابعة لتنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي، و"كتيبة المرابطون"، وتنظيم "أنصار الدين"، إضافة إلى فرع التنظيم في النيجر ويسمى كتائب ماسينا، تحت لواء تنظيم جديد باسم "جامعة المسلمين وأنصار الإسلام" بقيادة زعيم أنصار الدين إياد غالي، والذي كان بين 1996 إلى 2001 سفيرا لمالي في الرياض.
ويعد هذا الإعلان عن التنظيم المسلح الجديد تحديا أمنيا جديدا بالنسبة للقيادة العسكرية والأجهزة الأمنية في الجزائر، في المناطق الجنوبية القريبة من مالي والنيجر، خاصة وأن التنظيم الجديد أعلن مبايعته لزعيم تنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك درودكال، المعروف باسم أبي مصعب عبد الودود، والذي يقاتل الجيش في مناطق تمركزه ببومرداس البويرة تيزي وزو، على محور يمتد إلى 120 كيلو متر شرقي العاصمة الجزائرية، ويعني ذلك وضع الجزائر ضمن خطة استهداف من قبل التنظيم الجديد.