قائد الجيش الجزائري: كشفنا مؤامرة وتعاملنا معها بحزم

18 سبتمبر 2019
قائد الجيش يردد الأسطوانة نفسها (Getty)
+ الخط -
أعلن قائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، اليوم الأربعاء، أن المؤسسة العسكرية كشفت مؤامرة من قبل من وصفهم بـ"العصابة" كانت تستهدف تدمير البلاد، وذلك في خطابه الأسبوعي، خلال زيارته للمنطقة العسكرية بتمنراست، جنوبي الجزائر.

وأوضح أن "القيادة العليا للجيش أدركت منذ البداية أن هناك مؤامرة تحاك في الخفاء ضد الجزائر، كشفنا عن خيوطها وحيثياتها في الوقت المناسب وتعاملت معها بحزم".

ويقصد قائد الجيش بـ"العصابة" القوى السياسية والمدنية المعارضة التي طالبت بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ببدء مرحلة انتقالية وتعيين هيئة رئاسية مشركة، اعترض عليها الجيش وأصر على تطبيق مخرجات الحل الدستوري الذي آل إلى الوضع الحالي.

 ويعد مفهوم "العصابة" هذا بالنسبة للجيش تطورا لمفهوم سابق كان يقصد به الجيش المجموعة المحيطة بسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري المستقيل، وعددا من القيادات الأمنية والعسكرية والشخصيات السياسية ورجال الأعمال المستفيدين من نظام حكم بوتفليقة.

وأوضح قايد صالح، الذي يلقي منذ بدء الحراك الشعبي في 22 فبراير/ شباط الماضي خطابا أسبوعيا، أن الجيش قرر "من موقع مسؤوليته التاريخية مواجهة العصابة وإفشال مخططاتها الدنيئة".

وأضاف المسؤول العسكري أن "قيادة الجيش تبنت منذ بداية الأزمة خطابا واضحا، وحرصت على تبليغ مواقفها الثابتة للرأي العام الوطني كلما أتيحت لها الفرصة، ووضعت استراتيجية محكمة تم تنفيذها على مراحل وفقا لما يخوله لنا الدستور".

وحتى الآن استطاع الجيش فرض مسار دستوري انتهت مخرجاته إلى إقرار تنظيم الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر/ كانون الأول القادم، ومنع القوى السياسية من رسم مسار حل سياسي مغاير.

واعتبر الرجل القوي والحاكم الفعلي للجزائر في الوقت الحالي أن الجيش نجح بمواقفه في "الحفاظ على مؤسسات الدولة وعلى سيرها الحسن"، قائلا إن "هذه المؤسسات تمكنت من تحقيق نتائج معتبرة ساهمت في طمأنة الشعب وخلق جو من الثقة المتبادلة".


وهاجم قائد الجيش قوى سياسية معارضة، ووصفها بنعوت مختلفة، على خلفية رفضها للطريقة التي فرض بها الجيش المسار الانتخابي، في مقابل التمسك ببقاء حكومة نور الدين بدوي ورفض تنفيذ إجراءات تهدئة واعتقال الناشطين.

الجيش يمهد لمنع المظاهرات
من جانب آخر، أصدر قائد الجيش تعليمات جديدة تقضي بحجز المركبات والحافلات التي تقوم بنقل المتظاهرين من ولايات قريبة إلى العاصمة الجزائرية، للمشاركة في مظاهرات الحراك الشعبي يوم الجمعة.

وأعلن قايد صالح عن توجيه تعليمات إلى الدرك الوطني تقضي بوقف العربات والحافلات التي تقل المتظاهرين من ولايات مجاورة إلى العاصمة، أيام الجمعة. وقال "لقد لاحظنا ميدانيا أن هناك أطرافا من أذناب العصابة ذات النوايا السيئة، تعمل على جعل حرية التنقل ذريعة لتبرير سلوكها الخطير والمتمثل في خلق كل عوامل التشويش على راحة المواطنين، من خلال الزج الأسبوعي بعدد من المواطنين يتم جلبهم من مختلف ولايات الوطن إلى العاصمة، بهدف تضخيم الأعداد البشرية في الساحات العامة التي ترفع شعارات مغرضة وغير بريئة تتبناها هذه الأطراف".

وبرأي قائد الجيش فإن "الغرض الحقيقي من وراء كل ذلك، هو تغليط الرأي العام الوطني بهذه الأساليب المخادعة لتجعل من نفسها أبواقا ناطقة كذبا وبهتانا باسم الشعب الجزائري"، وكشف عن إصداره "تعليمات إلى الدرك الوطني بغرض التصدي الصارم لهذه التصرفات، من خلال التطبيق الحرفي للقوانين السارية المفعول بما في ذلك توقيف العربات والحافلات المستعملة لهذه الأغراض وحجزها وفرض غرامات مالية على أصحابها".

ومنذ بدء الحراك الشعبي تفرض قوات الدرك الوطني رقابة مشددة وتقوم بغلق مداخل العاصمة خاصة من الجهة الشرقية التي تربطها بولايات منطقة القبائل. وقبل ذلك كانت السلطات الجزائرية السياسية والأمنية قد اتخذت قرارا بمنع إقامة مباريات كرة القدم في إطار الدوري المحترف الأول والثاني في العاصمة الجزائرية، يوم الخميس، لمنع قدوم متظاهرين في صورة أنصار للفرق التي تلعب في العاصمة (خاصة فرق منطقة القبائل)، وبقائهم في العاصمة للمشاركة مظاهرات اليوم الموالي (الجمعة)، وكذا منع إقامة المباريات يوم الجمعة لمنع قدوم المتظاهرين مع الفرق أيضا.

وفي ما يتعلق بالانتخابات، أكد قائد الجيش أن "كافة الظروف الملائمة لإجراء هذا الاستحقاق الانتخابي في جو من الثقة والشفافية قد تحققت، من خلال تشكيل السلطة الوطنية وانتخاب رئيسها وتنصيبها بكافة أعضائها الخمسين، من بين الكفاءات الوطنية"، مشيرا إلى أن "هذه السلطة أصبحت ولأول مرة تتمتع بكامل الصلاحيات من أجل تنظيم العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها". وتعهد بمساعدة الجيش لها، معتبرا أنه لم يعد هناك "أي مبرر لأي كان أن يبحث عن الحجج الواهية للتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية أو عرقلة مسارها".

وبغض النظر عن عدم أهلية قائد الجيش لاتخاذ قرارات تخص السير العام ومنع التنقل، باعتبارها من مهام الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية والنقل، فإن هذه التدابير والقرارات تمثل مؤشرا واضحا نحو قرار لاحق يتعلق بمنع التظاهر بشكل نهائي وإنهاء الحراك الشعبي، خاصة مع فرض الجيش للمسار الانتخابي وتحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، وتوجيه قسري للجزائريين نحو الانتخابات والحد من المظاهرات التي تدخل شهرها السابع.


ويعتقد المحلل السياسي محمد ايوانوغان أن مثل هذه القرارات قد تشوش أكثر على الانتخابات، لأنها ستقطع شهية حتى الراغبين في المشاركة في المسار الانتخابي، مضيفا في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذا نوع من تعفين الوضع، لأنه لا يعقل أن من ينظم الانتخابات بعد ثلاثة أشهر من الآن يقدم على منع المواطنين من الدخول إلى العاصمة وبهذا الأسلوب".