في ذكرى نجيب سرور... المسرح خشبة للنضال

24 أكتوبر 2019
عانى سرور من تنكيل السلطة به (فيسبوك)
+ الخط -
في بيئة إقطاعية ظالمة ولد ونشأ، وفي ظلّ حياة قاسية مضطربة عاش ومات، لكنه لم يتنازل عن مبادئه، فظل واقفًا ضد الطغيان والاستبداد. كان شاعراً رقيق المشاعر، وسليط اللسان أحيانًاً، ومسرحيًا فريدًا حين وظف الخشبة توظيفًا نضاليًا متميزًا.

هكذا كان نجيب سرور، الذي ولد في أول يونيو/حزيران عام 1932، في إحدى قرى محافظة الدقهلية، وفي بيئة إقطاعية لوالد فلاح يُهان ويضرب أمام ابنه من عمدة القرية المتجبر الذي يتحكم في أرزاق الفلاحين، وأطلق عليه نجيب سرور لقب "الإله" في قصيدة "الحذاء". وقال: "رأيت الإله يقوم فيخلع ذاك الحذاء/ وينهال كالسيل فوق أبي/ أهذا أبي؟!"، ولذا سخّر سرور موهبته للدفاع عن المطحونين، مجاهدًا من أجل تحقيق الحرية والعدالة.

ولم تشبع دراسته للحقوق رغبته الجامحة في استثمار موهبته، فترك كلية الحقوق قبيل تخرجه منها، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية ليتخرج منه عام 1956، حيث بدأت موهبته المسرحية بالبزوغ إلى جانب شاعريته. وعند تخرّجه انضمّ إلى "المسرح الشعبي" الذي كان تابعًا لمصلحة الفنون، مؤلفًا ومخرجًا وممثلًا. 

وانضم سرًا إلى منظمة "حدتو" الشيوعية، قبل أن يُرسل ببعثة إلى موسكو لدراسة المسرح عام 1958، لتبدأ معاناته مع زملائه الذين عمدوا لكتابة التقارير الأمنية ضده، وإبلاغ السفارة المصرية بميوله الشيوعية. وانتقل بعدها إلى المغرب ليقضي هناك عدة سنوات قبل أن يعود إلى مصر، ويحل ضيفًا دائمًا على سجونها في زمن رئيس جهاز المخابرات سيئ السمعة، صلاح نصر. وتزامنت حقبة الستينيات مع مشكلات اجتماعية وسياسية، ألقت بـ"شاعر العقل" في مستشفى للأمراض العقلية، وقيل إنّ هذا الأمر كان إحدى وسائل السلطة للتنكيل به.


وعرف جمهور المسرح نجيب سرور رغم ما تعرض له، من خلال العديد من أعماله الفنية، منها: "الشحاتين"، و"ياسين وبهية"، و"الحكم قبل المداولة"، و"كان جدع"، و"منين أجيب ناس"، و"قولوا لعين الشمس"، و"الذباب الأزرق"، و"الكلمات المتقاطعة"، و"آه يا ليل يا قمر" و"على ناصية الجحيم". كما أخرج مسرحية "وابور الطحين" لنعمان عاشور، وأعدّ وأخرج للمسرح رواية "ميرامار" لنجيب محفوظ، بالإضافة إلى العديد من الأغاني التي غناها الشيخ إمام من تأليفه.


وتزوج نجيب سرور من الفنانة سميرة محسن، وأنجب منها ولدًا واحدًا هو الشاعر والمترجم الراحل شهدي سرور الذي عانى كثيرًا بسبب نشره بعض قصائد والده، ما اضطره للهجرة والرحيل إلى أن توفي في الهند قبل أشهر.

وتوفي نجيب سرور في 24 أكتوبر/تشرين الأول عام 1978 في مدينة دمنهور، تاركًا خلفه تراثًا مسرحيًا وشعريًا كبيرًا، وجدلًا لا ينتهي حول فنه وحياته الشخصية.
المساهمون