قبل أيام من حلول الذكرى الأولى لاقتحام قوات الأمن المصرية نقابة الصحافيين في القاهرة في الأول من مايو/ أيار الماضي، تستعد "جبهة الدفاع عن الصحافيين والحريات المستقلة" لإحياء الذكرى وإعادة طرْح قضية الصحافيين المعتقلين وحرية التعبير، من خلال تنظيم فعاليات ومؤتمرات لهذا الغرض.
أصل الأزمة
كانت قوات الأمن المصرية قد اقتحمت مقر نقابة الصحافيين المصرية، يوم 1 مايو/ أيار الماضي، للقبض على الصحافيين المصريين، عمرو بدر ومحمود السقا، على خلفية كتاباتهما الصحافية ومواقفهما السياسية من رفض تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، لصالح السعودية في الثامن من إبريل/ نيسان الماضي.
وينص قانون نقابة الصحافيين المصري، في مادتيه الـ70 و71، على أنه "لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحافيين ونقاباتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بمعرفة أحد أعضاء النقابة العامة وبحضور نقيب الصحافيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلهما"، و"للنقابة وللنقابات الفرعية حق الحصول على صور الأحكام الصادرة في حق الصحافي والأحكام والتحقيقات التي تجري معه بغير رسوم".
وتطورت الأزمة بدعوة مجلس نقابة الصحافيين لاجتماع جمعية عمومية طارئ، شارك فيه آلاف الصحافيين، ورفعوا مطالبهم وهي اعتذار من الرئاسة، وإقالة وزير الداخلية، والإفراج عن الصحافيين المعتقلين وغيرها من المطالب التي أصرّ عليها الصحافيون الغاضبون، فيما لم تلتزم بها المؤسسات الصحافية إلا بضعة أيام، بعد ممارسة ضغوط عليها من قبل رجال الأعمال المالكين لها والحكومة.
ثم تفاقم الأمر بإحالة نقيب الصحافيين يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة، جمال عبد الرحيم وخالد البلشي، إلى المحاكمة، بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة، وصدر حكم من الدرجة الأولى بالسجن المشدد عامين وكفالة عشرة آلاف جنيه لكل منهم في الثالث والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.
الذكرى الأولى
ونطراً إلى أن اقتحام نقابة الصحافيين اعتبر سابقة في تاريخ الصحافة المصرية وتاريخ النقابة، وحتى تاريخ تعاطي الأنظمة المصرية المتعاقبة مع النقابة، عقدت "جبهة الدفاع عن الصحافيين والحريات" التي تتبنّى قضايا حقوقية وإنسانية وعمالية خاصة بالصحافيين، أخيراً، اجتماعاً في مقر نقابة الصحافيين المصرية، حضره عدد من أسر الصحافيين المعتقلين في مصر، واستقرت على إحياء ذكرى اقتحام النقابة.
كذلك أعلنت اللجنة بعد اجتماعها أن "سقف مجلس نقابة الصحافيين المصرية الحالي "يقلقها"، ولفتت إلى أن نقيب الصحافيين الجديد، عبد المحسن سلامة، أعلن أكثر من مرة عدم نيته الدخول في أي صدام مع الدولة، وأنه يتفاخر بارتباطه القوي بها، وأن قضايا الصحافيين المعتقلين بيد القضاء. وقد انعكس هذا الكلام على خطاب النقابة، والذي بدا منذ انتخاب سلامة هادئاً ومهادناً للنظام الذي لم يتوقّف منذ انقلابه في الثالث من يوليو/ تموز 2013 عن قمع حرية الصحافة والتنكيل بالصحافيين المصريين، وحتى الأجانب العاملين في مصر.
المطالب
وصعّدت الجبهة مطلبها بنقل الصحافيين المعتقلين من سجن العقرب شديد الحراسة الذي تصفه الجبهة بـ"سيئ السمعة"، وذلك في أعقاب تصاعد الشكاوى من الانتهاكات التي يتعرضون لها، ومنع الزيارة عنهم، وتردي أوضاعهم الصحية، وخصوصاً الصحافيين هاني صلاح، وهشام جعفر، وأحمد زهران، وأحمد سبيع، وغيرهم.
وتحضّر الجبهة حالياً أيضاً تقريرها السنوي عن "حريات الصحافة في مصر" لتقدم فيه الحصر الجديد للصحافيين المعتقلين، لإعلانه بالتزامن من اليوم العالمي لحرية الصحافة.
ويحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافية في الثالث من مايو/ أيار من كل عام، وهو اليوم الذي اختير لإحياء ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي خلال اجتماع للصحافيين الأفريقيين الذي نظّمته اليونسكو وعُقِد في ناميبيا في 3 أيار/ مايو 1991. وينص الإعلان على أنّه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة وقائمة على التعدّدية. وهذا شرط مسبق لضمان أمن الصحافيين أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقاً سريعاً ودقيقاً.
وأشار آخر تقرير صادر عن لجنة الحريات في نقابة الصحافيين إلى أنه يقبع أكثر من 27 صحافياً في الحبس، في قضايا متنوّعة. وبحسب التقرير ذاته، فإنه تمت إحالة ثمانية صحافيين لمحكمة الجنايات بسبب ممارستهم عملهم، بسبب بلاغات من وزير العدل المُقال، أحمد الزند.
أما الأرقام غير الرسمية، الصادرة عن منظمات حقوقية مصرية، فتشير إلى أن هناك 64 صحافياً وصحافية ألقي القبض عليهم وقضوا فترات في الحبس، بحسب توثيق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ــ منظمة مجتمع مدني مصرية ــ التي ضمنت في حصرها جميع العاملين في الصحافة والإعلام من نقابيين وغير نقابيين. ويرتفع الرقم كثيراً، بحسب حصر المرصد المصري للحقوق والحريات، والذي وثق اعتقال 92 صحافياً ما زال منهم 67 في السجون حتى اليوم.
ويعتبر عدد الصحافيين في السجون المصرية هو الأعلى على الإطلاق منذ عام 1990، بحسب تقرير لـ"اللجنة الدولية لحماية الصحافيين" الصادر في يونيو/ حزيران الماضي.
رأس القائمة السوداء
وحلّت مصر على رأس "القائمة السوداء"، والتي أعدتها منظمة "مراسلون بلا حدود"، لحرية الصحافة في الدول، وهي القائمة التي تضم الدول التي يُعتبر فيها وضع الصحافة "خطيراً للغاية"، بعدما تراجعت مصر من المرتبة 159 إلى المرتبة 161 من بين 180 دولة على مستوى العالم في حرية الصحافة لعام 2017.
وأكد التقرير الصادر عن "مراسلون بلا حدود" أن مصر أصبحت ضمن 21 دولة على مستوى العالم تعد الأسوأ في حرية الصحافة وتأتي على رأس القائمة السوداء التي أعدتها المنظمة بشأن حرية الصحافة.
وبحسب التقرير، فإن المصور الصحافي محمود أبو زيد، المعروف باسمه المستعار شوكان، لا يزال قيد الاعتقال التعسفي منذ ثلاث سنوات، لا لشيء سوى لأنه غطى التدخل الأمني الدموي لتفرقة اعتصام نظمته جماعة الإخوان المسلمين، والتي تعتبرها السلطات المحلية منظمة إرهابية، في إشارة إلى مذبحة فضّ اعتصام رابعة العدوية.
وفي سياق متصل، لا يزال الصحافي المستقل إسماعيل الإسكندراني وراء القضبان منذ اعتقاله في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، على الرغم من صدور حكم يقضي بالإفراج عنه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016. وقالت المنظمة "ففي عهد السيسي يضرب النظام المصري بالقوانين عرض الحائط غير آبه بالانتقادات بتاتاً، حيث يضيق الخناق على الفضاء العام ويحاول بكل وقاحة الإجهاز على التعددية الإعلامية، موجهاً سياطه على نقابة الصحافيين بينما يدفع الفاعلين الإعلاميين باستمرار نحو هاوية الرقابة الذاتية".
تقارير بالجملة
ويذكر أن تقرير "مراسلون بلا حدود" ليس الأول من نوعه، بل منذ الانقلاب تتوالى التقارير الحقوقية حول انتهاك النظام المصري حقوق الإنسان، ومن ضمنها الحقوق البديهية للصحافيين، مثل حرية العمل، وحرية التصوير، والتكتّم عن مصادر الأخبار، وحرية التعبير والكتابة، وجاء حادث اقتحام النقابة ليجدّد المخاوف من سقوط كل الخطوط الحمر في التعاطي مع الصحافيين في مصر.
اقــرأ أيضاً
أصل الأزمة
كانت قوات الأمن المصرية قد اقتحمت مقر نقابة الصحافيين المصرية، يوم 1 مايو/ أيار الماضي، للقبض على الصحافيين المصريين، عمرو بدر ومحمود السقا، على خلفية كتاباتهما الصحافية ومواقفهما السياسية من رفض تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، لصالح السعودية في الثامن من إبريل/ نيسان الماضي.
وينص قانون نقابة الصحافيين المصري، في مادتيه الـ70 و71، على أنه "لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحافيين ونقاباتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بمعرفة أحد أعضاء النقابة العامة وبحضور نقيب الصحافيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلهما"، و"للنقابة وللنقابات الفرعية حق الحصول على صور الأحكام الصادرة في حق الصحافي والأحكام والتحقيقات التي تجري معه بغير رسوم".
وتطورت الأزمة بدعوة مجلس نقابة الصحافيين لاجتماع جمعية عمومية طارئ، شارك فيه آلاف الصحافيين، ورفعوا مطالبهم وهي اعتذار من الرئاسة، وإقالة وزير الداخلية، والإفراج عن الصحافيين المعتقلين وغيرها من المطالب التي أصرّ عليها الصحافيون الغاضبون، فيما لم تلتزم بها المؤسسات الصحافية إلا بضعة أيام، بعد ممارسة ضغوط عليها من قبل رجال الأعمال المالكين لها والحكومة.
ثم تفاقم الأمر بإحالة نقيب الصحافيين يحيى قلاش، وعضوي مجلس النقابة، جمال عبد الرحيم وخالد البلشي، إلى المحاكمة، بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة، وصدر حكم من الدرجة الأولى بالسجن المشدد عامين وكفالة عشرة آلاف جنيه لكل منهم في الثالث والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.
الذكرى الأولى
ونطراً إلى أن اقتحام نقابة الصحافيين اعتبر سابقة في تاريخ الصحافة المصرية وتاريخ النقابة، وحتى تاريخ تعاطي الأنظمة المصرية المتعاقبة مع النقابة، عقدت "جبهة الدفاع عن الصحافيين والحريات" التي تتبنّى قضايا حقوقية وإنسانية وعمالية خاصة بالصحافيين، أخيراً، اجتماعاً في مقر نقابة الصحافيين المصرية، حضره عدد من أسر الصحافيين المعتقلين في مصر، واستقرت على إحياء ذكرى اقتحام النقابة.
كذلك أعلنت اللجنة بعد اجتماعها أن "سقف مجلس نقابة الصحافيين المصرية الحالي "يقلقها"، ولفتت إلى أن نقيب الصحافيين الجديد، عبد المحسن سلامة، أعلن أكثر من مرة عدم نيته الدخول في أي صدام مع الدولة، وأنه يتفاخر بارتباطه القوي بها، وأن قضايا الصحافيين المعتقلين بيد القضاء. وقد انعكس هذا الكلام على خطاب النقابة، والذي بدا منذ انتخاب سلامة هادئاً ومهادناً للنظام الذي لم يتوقّف منذ انقلابه في الثالث من يوليو/ تموز 2013 عن قمع حرية الصحافة والتنكيل بالصحافيين المصريين، وحتى الأجانب العاملين في مصر.
المطالب
وصعّدت الجبهة مطلبها بنقل الصحافيين المعتقلين من سجن العقرب شديد الحراسة الذي تصفه الجبهة بـ"سيئ السمعة"، وذلك في أعقاب تصاعد الشكاوى من الانتهاكات التي يتعرضون لها، ومنع الزيارة عنهم، وتردي أوضاعهم الصحية، وخصوصاً الصحافيين هاني صلاح، وهشام جعفر، وأحمد زهران، وأحمد سبيع، وغيرهم.
وتحضّر الجبهة حالياً أيضاً تقريرها السنوي عن "حريات الصحافة في مصر" لتقدم فيه الحصر الجديد للصحافيين المعتقلين، لإعلانه بالتزامن من اليوم العالمي لحرية الصحافة.
ويحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافية في الثالث من مايو/ أيار من كل عام، وهو اليوم الذي اختير لإحياء ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي خلال اجتماع للصحافيين الأفريقيين الذي نظّمته اليونسكو وعُقِد في ناميبيا في 3 أيار/ مايو 1991. وينص الإعلان على أنّه لا يمكن تحقيق حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرّة ومستقلّة وقائمة على التعدّدية. وهذا شرط مسبق لضمان أمن الصحافيين أثناء تأدية مهامهم، ولكفالة التحقيق في الجرائم ضد حرية الصحافة تحقيقاً سريعاً ودقيقاً.
وأشار آخر تقرير صادر عن لجنة الحريات في نقابة الصحافيين إلى أنه يقبع أكثر من 27 صحافياً في الحبس، في قضايا متنوّعة. وبحسب التقرير ذاته، فإنه تمت إحالة ثمانية صحافيين لمحكمة الجنايات بسبب ممارستهم عملهم، بسبب بلاغات من وزير العدل المُقال، أحمد الزند.
أما الأرقام غير الرسمية، الصادرة عن منظمات حقوقية مصرية، فتشير إلى أن هناك 64 صحافياً وصحافية ألقي القبض عليهم وقضوا فترات في الحبس، بحسب توثيق الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ــ منظمة مجتمع مدني مصرية ــ التي ضمنت في حصرها جميع العاملين في الصحافة والإعلام من نقابيين وغير نقابيين. ويرتفع الرقم كثيراً، بحسب حصر المرصد المصري للحقوق والحريات، والذي وثق اعتقال 92 صحافياً ما زال منهم 67 في السجون حتى اليوم.
ويعتبر عدد الصحافيين في السجون المصرية هو الأعلى على الإطلاق منذ عام 1990، بحسب تقرير لـ"اللجنة الدولية لحماية الصحافيين" الصادر في يونيو/ حزيران الماضي.
رأس القائمة السوداء
وحلّت مصر على رأس "القائمة السوداء"، والتي أعدتها منظمة "مراسلون بلا حدود"، لحرية الصحافة في الدول، وهي القائمة التي تضم الدول التي يُعتبر فيها وضع الصحافة "خطيراً للغاية"، بعدما تراجعت مصر من المرتبة 159 إلى المرتبة 161 من بين 180 دولة على مستوى العالم في حرية الصحافة لعام 2017.
وأكد التقرير الصادر عن "مراسلون بلا حدود" أن مصر أصبحت ضمن 21 دولة على مستوى العالم تعد الأسوأ في حرية الصحافة وتأتي على رأس القائمة السوداء التي أعدتها المنظمة بشأن حرية الصحافة.
وبحسب التقرير، فإن المصور الصحافي محمود أبو زيد، المعروف باسمه المستعار شوكان، لا يزال قيد الاعتقال التعسفي منذ ثلاث سنوات، لا لشيء سوى لأنه غطى التدخل الأمني الدموي لتفرقة اعتصام نظمته جماعة الإخوان المسلمين، والتي تعتبرها السلطات المحلية منظمة إرهابية، في إشارة إلى مذبحة فضّ اعتصام رابعة العدوية.
وفي سياق متصل، لا يزال الصحافي المستقل إسماعيل الإسكندراني وراء القضبان منذ اعتقاله في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، على الرغم من صدور حكم يقضي بالإفراج عنه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016. وقالت المنظمة "ففي عهد السيسي يضرب النظام المصري بالقوانين عرض الحائط غير آبه بالانتقادات بتاتاً، حيث يضيق الخناق على الفضاء العام ويحاول بكل وقاحة الإجهاز على التعددية الإعلامية، موجهاً سياطه على نقابة الصحافيين بينما يدفع الفاعلين الإعلاميين باستمرار نحو هاوية الرقابة الذاتية".
تقارير بالجملة
ويذكر أن تقرير "مراسلون بلا حدود" ليس الأول من نوعه، بل منذ الانقلاب تتوالى التقارير الحقوقية حول انتهاك النظام المصري حقوق الإنسان، ومن ضمنها الحقوق البديهية للصحافيين، مثل حرية العمل، وحرية التصوير، والتكتّم عن مصادر الأخبار، وحرية التعبير والكتابة، وجاء حادث اقتحام النقابة ليجدّد المخاوف من سقوط كل الخطوط الحمر في التعاطي مع الصحافيين في مصر.