في العام 2095

07 نوفمبر 2014
ضرورة سد الفجوة التمييزية بين النساء والرجال (Getty)
+ الخط -
أخبارٌ عدة جرى تداولها أخيراً عن أمور مأساوية طاولت النساء في إيران وبعض البلدان العربية. هنا، لا بد من التوقّف عند "الحيّز المكاني" الذي حدثت فيه. يبدو الأمر بديهياً للوهلة الأولى. لكن "المكان" الذي حصلت فيه يقول الكثير.

في سرد الأحداث: تعرضت نحو 17 امرأة (بينهن فتاة) في مدينة أصفهان الإيرانية إلى اعتداء من قبل مجموعات متطرفة، وجرى رشق وجوههن بالأسيد. أما في مصر، فاختطفت السلطات الأمنية طالبات من أمام جامعات الأزهر من دون أن يعرف مصيرهن. ولدى احتجاج زميلاتهن، ذهبت السلطات الأمنية إلى حد الاعتداء عليهن والتحرش ببعضهن. تذكرنا هذه الأحداث الجماعية بما شهدته مصر في الأيام الأولى من حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وخصوصاً بلاغات الاغتصاب الجماعي حيال النساء في ميدان التحرير.

القاسم المشترك بين شوارع مدينة أصفهان وصروح الجامعات في القاهرة وميدان التحرير، أنها أماكن عامة. أماكن باتت شيئاً فشيئاً ممنوعة على النساء. كأنهن، من خلال تعرّضهن لممارسات كهذه، بتن يتلقين رسائل ضمنية لاواعية بترك هذه الأماكن والعودة إلى الحيّز الخاص، أي المنزل.

لطالما كان للشارع طابعاً "ذكورياً" حرَمَ النساء من السيطرة عليه بشكل متكافئ. وها هي الممارسات تعود لتذكرهن بضرورة تركه حتى في ساعات النهار، والدليل على ذلك ما باتت تشعر به النساء في إيران من ذعر وخوف. ليس الشارع وحده ما يُفترض بالنساء مغادرته، بل وصل الأمر إلى المدارس والجامعات، إذ بدأت موجات "تهجيرهن" من المؤسسات التعليمية.
وفي ميدان التحرير، رمز المشاركة السياسية، خرجت أدوات المنظومة الذكورية بأبشع أشكالها لمنع النساء (والرجال) من المشاركة السياسية. تتقاطع هذه الممارسات إذاً في كونها فاشية ممنهجة ترمي إلى إقصاء النساء عن المكان العام في رسالة ضمنية بأنه ليس لديهن دوراً في المجتمع والسياسة والاقتصاد.

يميل الخبراء إلى استخدام مؤشري الوقت والمكان لقياس وتحليل مدى وصول النساء إلى تحقيق المساواة. بناءً على هذين المؤشرين، يجري قياس الأدوار التي يقوم بها الرجال والنساء، والمكان الذي تمارس فيه (داخل المنزل أم خارجه)، والوقت الذي يتطلّبه القيام بها. بحسابات ذهنية بسيطة، نجد أنه في مقابل التحديات الأسرية والقبلية التي تتكبّدها النساء للخروج إلى الحيّز العام، هناك تحديات أكثر خطورة في الحيّز العام يجبرهن على العودة للمنزل. دعونا لا نستغرب إذاً لو تطلّب أمر الوصول إلى سد الفجوة التمييزية بين النساء والرجال 81 سنة من الآن، بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2014، إذا كنا متفائلين.
دلالات
المساهمون