03 مارس 2022
في الشأن الفلسطيني
بالمتابعة السريعة للشأن الفلسطيني، يمكن تسجيل ملاحظات مهمة كثيرة، لا ينبغي أن تمر من دون التدقيق فيها. أولها يتعلق بإطلاق حكومة بنيامين نتنياهو حملة "ما بعد" الرئيس محمود عباس، طبعاً بمباركة إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وتظهر ملامح الحملة في الأخبار المتلاحقة التي ينشرها الإعلام الإسرائيلي، سواء لجهة التأكيد على استمرار التنسيق الأمني بين الأجهزة الفلسطينية ونظيرتها الإسرائيلية، والهدف طبعاً النيل من مصداقية الرئيس محمود عباس وقرارات المجلس المركزي أخيرا. أو لجهة النيْل من سمعة عباس عبر نشر أخبار من قبيل شرائه طائرة خاصة بخمسين مليون دولار. ويترافق نشر هذه الأخبار مع نوع آخر من المعلومات التي تفرّقها أجهزة المخابرات الإسرائيلية هنا وهناك، من قبيل بدء التباحث مع شخصيات فلسطينية أمنية وسياسية واقتصادية، لإيجاد بديل عن عباس الذي لم يعد "ذا صلة"، وهو الوصف نفسه الذي أطلقته الأجهزة الإسرائيلية على الرئيس ياسر عرفات لاغتياله سياسياً، قبل تصفيته جسدياً. وفي مقابل ذلك، لا تتوقف الأجهزة الأمنية عن تسريب أخبار عن لقاءات إسرائيلية مع شخصيات فلسطينية تحت عنوان البحث عن بديل للرئيس أبو مازن.
ولم يعد خافياً، ما وجهته شخصيات أميركية وعربية للرئيس محمود عباس من تهديداتٍ قاسيةٍ، تضعه بين خياراتٍ أحلاها مُر، فإما يقبل بالانضمام لصفقة القرن، أو يترك منصبه طوعاً، أو أن يُخلع من موقعه بفضائح فساد، قد لا تكون صفقة شراء الطائرة الخاصة إلا أول الغيث.
الملاحظة الأخرى، وتتعلق بما تسمى "صفقة القرن"، التي صارت خطوطها العريضة واضحة إلى حد بعيد، غير أن الجانب الأهم في هذا السياق هي الإشارات التي يرسلها الأميركي والإسرائيلي، وتوحي أن الدوائر السياسية في واشنطن وتل أبيب وعواصم عربية مؤثرة لم تعد تكترث كثيراً بمسألة "توقيع" الجانب الفلسطيني على ما يُتفق عليه، وضرورة تجاوز معضلة "لا قائد فلسطيني يمكنه التوقيع على ما رفضه ياسر عرفات". بمعنى أن صفقة القرن لن تكون تقليدية في جوانبها البروتوكولية، ولن يكون هناك مراسم توقيع على غرار "اتفاق أوسلو" أو "وادي عربة"، بل ستمر إلى مرحلة التنفيذ على الأرض مباشرة من دون احتفالات شكلية.
وبربط الملاحظة الثانية بالتي سبقتها، يمكن استنتاج الملاحظة الثالثة، وهي أن إدارتي ترامب ونتنياهو، تبحثان الآن عن "شريكٍ" فلسطيني من نوع آخر، يحل مكان أبو مازن، وتكون مهمته أمنية أولاً، إدارية ثانية، ولا سياسية. وضمن التصور الأميركي الجديد، ستحمّل أطراف عربية "وزر" التسوية السياسية مع الجانب الإسرائيلي، في حين تُناط بالرئيس الفلسطيني الجديد مهام ضبط الشارع الفلسطيني وترويضه، مواصلة التنسيق الأمني مع الأجهزة الإسرائيلية، وإدارة الأموال التي تعهدت دول عربية (السعودية تحديداً) بتقديمها لدعم الكيان الفلسطيني الذي سيُولد من جنبات "صفقة القرن".
وبالنظر إلى ما يجري من أحداثٍ على أرض الواقع، يبدو أن الإدارة الأميركية، والحكومة الإسرائيلية، وبعض العواصم العربية في خلفية المشهد، باشرت باختبار ما توافقت عليه في ثلاثة مسارات. تمثل الأول بشطب مسألة القدس عن طاولة المفاوضات، وكان بإعلان الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. والمسار الثاني هو السعي إلى شطب مسألة اللاجئين، عبر تجفيف منابع تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وكان ذلك بما أعلنته ممثلة واشنطن في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، عن توقيف مساهمة بلادها في الوكالة. ويتمثل المسار الثالث بحملات شطب الرئيس أبو مازن، واستبداله بشخصية أمنية، أو بشخصية اقتصادية إدارية، مسنودة بشخصية أمنية قوية. ومن غير المُتوقع أن تواجه واشنطن أي مقاومةٍ وهي تخلع أبو مازن، فالشارع الفلسطيني لا يبدو مُكترثاً، أو قادرا على فعلٍ ما، بعد ما أصابه من تجريف سياسي عبر 25 سنة مضت. أما الطبقة الفلسطينية السياسية، وليدة "أوسلو"، فتتمتع بجيناتٍ براغماتيةٍ جعلت ولاءها لمصالحها الشخصية أقوى بكثيرٍ من حرصها على بقاء رئيسٍ بات في عداد الماضي، لا سيما بعد الخطاب "الانتحاري" الذي ألقاه أمام المجلس المركزي منتصف الشهر الماضي.
ولم يعد خافياً، ما وجهته شخصيات أميركية وعربية للرئيس محمود عباس من تهديداتٍ قاسيةٍ، تضعه بين خياراتٍ أحلاها مُر، فإما يقبل بالانضمام لصفقة القرن، أو يترك منصبه طوعاً، أو أن يُخلع من موقعه بفضائح فساد، قد لا تكون صفقة شراء الطائرة الخاصة إلا أول الغيث.
الملاحظة الأخرى، وتتعلق بما تسمى "صفقة القرن"، التي صارت خطوطها العريضة واضحة إلى حد بعيد، غير أن الجانب الأهم في هذا السياق هي الإشارات التي يرسلها الأميركي والإسرائيلي، وتوحي أن الدوائر السياسية في واشنطن وتل أبيب وعواصم عربية مؤثرة لم تعد تكترث كثيراً بمسألة "توقيع" الجانب الفلسطيني على ما يُتفق عليه، وضرورة تجاوز معضلة "لا قائد فلسطيني يمكنه التوقيع على ما رفضه ياسر عرفات". بمعنى أن صفقة القرن لن تكون تقليدية في جوانبها البروتوكولية، ولن يكون هناك مراسم توقيع على غرار "اتفاق أوسلو" أو "وادي عربة"، بل ستمر إلى مرحلة التنفيذ على الأرض مباشرة من دون احتفالات شكلية.
وبربط الملاحظة الثانية بالتي سبقتها، يمكن استنتاج الملاحظة الثالثة، وهي أن إدارتي ترامب ونتنياهو، تبحثان الآن عن "شريكٍ" فلسطيني من نوع آخر، يحل مكان أبو مازن، وتكون مهمته أمنية أولاً، إدارية ثانية، ولا سياسية. وضمن التصور الأميركي الجديد، ستحمّل أطراف عربية "وزر" التسوية السياسية مع الجانب الإسرائيلي، في حين تُناط بالرئيس الفلسطيني الجديد مهام ضبط الشارع الفلسطيني وترويضه، مواصلة التنسيق الأمني مع الأجهزة الإسرائيلية، وإدارة الأموال التي تعهدت دول عربية (السعودية تحديداً) بتقديمها لدعم الكيان الفلسطيني الذي سيُولد من جنبات "صفقة القرن".
وبالنظر إلى ما يجري من أحداثٍ على أرض الواقع، يبدو أن الإدارة الأميركية، والحكومة الإسرائيلية، وبعض العواصم العربية في خلفية المشهد، باشرت باختبار ما توافقت عليه في ثلاثة مسارات. تمثل الأول بشطب مسألة القدس عن طاولة المفاوضات، وكان بإعلان الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. والمسار الثاني هو السعي إلى شطب مسألة اللاجئين، عبر تجفيف منابع تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وكان ذلك بما أعلنته ممثلة واشنطن في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، عن توقيف مساهمة بلادها في الوكالة. ويتمثل المسار الثالث بحملات شطب الرئيس أبو مازن، واستبداله بشخصية أمنية، أو بشخصية اقتصادية إدارية، مسنودة بشخصية أمنية قوية. ومن غير المُتوقع أن تواجه واشنطن أي مقاومةٍ وهي تخلع أبو مازن، فالشارع الفلسطيني لا يبدو مُكترثاً، أو قادرا على فعلٍ ما، بعد ما أصابه من تجريف سياسي عبر 25 سنة مضت. أما الطبقة الفلسطينية السياسية، وليدة "أوسلو"، فتتمتع بجيناتٍ براغماتيةٍ جعلت ولاءها لمصالحها الشخصية أقوى بكثيرٍ من حرصها على بقاء رئيسٍ بات في عداد الماضي، لا سيما بعد الخطاب "الانتحاري" الذي ألقاه أمام المجلس المركزي منتصف الشهر الماضي.