ويؤكّد الخبراء، بحسب التقرير، أنّه حتى بعد تطوير ونشر لقاح كوفيد-19، فمن المرجّح أن يبقى الفيروس التاجي لسنوات قادمة، وقد يصبح في نهاية المطاف متوطناً مثل فيروس نقص المناعة البشرية والحصبة وغيرهما من الأمراض. ويرى الخبراء أنّ الفيروس الحالي سينضمّ إلى سلسلة الفيروسات التاجية، والتي يصل عددها إلى أربعة أنواع، تسبّب نزلات البرد وارتفاعا في درجات الحرارة.
من جهتها، تقول سارة كوبي، عالمة الأوبئة وعلم الأحياء التطوّري في جامعة شيكاغو: "هذا الفيروس وُجِد ليبقى، ولذلك، فالسؤال الرئيسي الذي لا بد لنا من طرحه، هو كيف يمكننا أن نعيش معه بأمان؟".
نقص الاستراتيجية الطبية
عادة ما تتطلّب مكافحة الأمراض المتوطنة تفكيرًا طويل الأمد ومجهوداً مدعوماً وتنسيقًا عالمياً، لذا قد يستغرق التخلّص من العدوى عقوداً. ويرى توم فريدن، المدير السابق لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، أنّ الأمر يشبه اضطراب نقص الانتباه في الوقت الحالي، فإنّ كل ما نقوم به، هو مجرد ردّ على المدى القصير، ولا يوجد استراتيجية واضحة على المدى البعيد. ويضيف: "دائماً يُطرح سؤال حول ما يتعيّن علينا القيام به؟ والإجابة ببساطة، هي أنّه علينا أن نفهم أنّنا بحاجة إلى استراتيجية ومعركة شاملة، للقضاء على الفيروس، وهذا يتطلّب عقودا من الزمن".
وتسعى الولايات المتحدة إلى جانب دول أخرى، للحصول على لقاح سريع للقضاء على الفيروس، لكن الخبراء يعتبرون أنّ مساعي الدول لن تنجح على المدى المنظور، فالتجربة الناجحة في هذا الصدد، كانت مع مرض الجدري، لكن الأمر استغرق ما يقارب القرنين بعد اكتشاف لقاح.
جهد دولي غير مسبوق
ويعتقد علماء الصحة أن كوفيد-19، يمكن أن يصبح مرضاً حميداً نسبياً، يتسبّب في إصابات أقل خطراً في المستقبل، خاصة إذا ما تمكّن البشر من تطوير أنظمة مناعية ذاكرة لاستجابات الفيروس. ولذا بدأت الدول تعتمد خططا لإنهاء الإغلاق، والعودة تدريجياً إلى الحياة الطبيعية. وتقول ناتالي دين، عالمة الإحصاء الحيوية في جامعة فلوريدا: "فيما يحاول الأفراد مواصلة حياتهم اليومية، فإنّ عليهم الانتباه إلى نقطة مفادها بأنّ المستقبل لن يكون خالياً من الفيروس، لذا علينا أن نجد مناهج مختلفة للتكيّف حتى نتمكّن من استعادة أجزاء من حياتنا".
الأمر الذي يؤكّده، أندرو نويمر، اختصاصي في علم الأوبئة بجامعة إيرفين، إذ يعتبر أنّ هذه العملية قد تستغرق وقتًا طويلاً.
ووفق بارني غراهام، نائب مدير مركز أبحاث اللقاحات التابع للحكومة الفيدرالية، فإنّ الخطط الناشئة للتطعيم قد تمتد بالفعل حتى 10 سنوات. ويقول: "أجرينا نقاشات حول إمكانية أن يكون اللقاح جاهزًا قبل شتاء 2021، ومع هذا أعتقد أنّ اللقاح يحتاج حتى العام 2022 ليصبح جاهزاً وفعالاً".
في السنوات القليلة الأولى من اللقاح، سيفوق الطلب العالمي بكثير ما يستطيع المصنّعون توريده؛ إذ نحتاج لتلقيح ما يقرب من 60 إلى 80 في المائة من سكّان العالم، للوصول إلى مناعة القطيع، ومن دون التوصل إلى اتفاقيات دولية مسبقة، يمكن أن يتحوّل النقص في العرض إلى حروب، واكتناز، وحملات التطعيم غير الفعّالة. وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذّرت في وقت سابق من هذا الشهر، من أنّ الفيروس قد لا يختفي أبداً، وقال مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، الدكتور مايك رايان، إنّ "محاولة التنبؤ بموعد اختفاء الفيروس، أمر صعب". وأضاف أنّه حتى في حال العثور على لقاح، فإنّ السيطرة على الفيروس تتطلّب مجهوداً كبيراً.