30 أكتوبر 2024
فوضى الذّاكرة في الجزائر.. إلى متى؟
منعت السّلطات في الجزائر، أخيرا، عرض فيلم سينمائي عن بطولات الشهيد العربي بن مهيدي، على الرّغم من أنّ تمويله كان من الجهات الرّسمية التابعة لوزارة الثقافة، وهو ما يمثل استمرارا في إصرار تصدير ذاكرة موجّهة عن أحداث الثورة التحريرية الكبرى (1954-1962)، إضافة إلى إصرارٍ على إنتاج ذاكرة واحدة، تكفل "شرعية تاريخية" للنظام، كان قد تخلّى عنها منذ إقرار الرئيس الراحل، هواري بومدين، لدستور 1976.
تحاول المقالة التطرّق إلى فوضى الذّاكرة، من خلال عرض سياسة النّظام في فرض رؤية موجّهة، وقراءة محدّدة للذّاكرة، وصناعة وعيٍ تريد منه "شرعنة التّاريخ" كما تحكيه هي، ضاربة عرض الحائط بمقاربة تعدّد الرّؤى والروايات، حتى مع إجماع الجزائريين، كلهم، بأن الحرب التحريرية كانت ضد عدّو هو فرنسا، وبهدفٍ أسمى يتمثّل في "إقامة الدولة الجزائرية المستقلة".
بدأت هذه الفوضى في الانتشار مع إرادة النظام فرض رواية مستقطبة لما جرى في أثناء الثورة التحريرية، بل وفي فترات التاريخ المختلفة للجزائر، ومنها، مثلا، اعتبار أن الوجود العثماني في الجزائر كان طبيعيا، استفاد منه الجزائريون، في حين أن الدولة الجزائرية، أو ما كان يمكن اعتباره كذلك، توقّف عن الوجود منذ بداية القرن السادس عشر، مع مجيء العثمانيين، لصالح طغيان النخبة التركية على المؤسسات التي كانت تعكس تبعيةً للباب العالي، وليس استقلالا، كما أرادت الرواية الرسمية، لما بعد الاستقلال، ترسيخه في الأذهان.
ومع إضعاف العثمانيين البلاد من جرّاء الإدارة الفاشلة، فُتح الباب واسعا لفرنسا لاستعمار البلاد استعمارا استيطانيا (وُجدت، في العالم، ثلاثة نماذج من الاستعمار الاستيطاني، زال اثنان: الجزائر وجنوب أفريقيا، وبقي الثالث في فلسطين). وكان من تبعات هذا الاستعمار (سمّاه المفكر والأديب البشير الإبراهيمي "استدمارا") محاولة جادّة لمسخ الشّخصية الجزائرية قرنا ونيف من ذلك الاستيطان، وما تولّد عن ذلك ميلاد نخبة، في الجزائر، مفرنسة (تعلمت باللسان الفرنسي)، وأصبحت مدافعة، نوعا، عما عُرف ب"الاندماج" إلى غاية وقوع قطيعة مايو/ أيار 1945 (قتلت فرنسا زهاء 45 ألف من الجزائريين المطالبين باحترام فرنسا وعودها، غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية، بمنح الجزائر الاستقلال)، وانطلاق مسار التحضير للثورة التحريرية الكبرى التي شهدت أحداثا جساما، وخلافات بين أعضاء القيادة، وهي خلافاتٌ لم تفسد للود قضية، لأنها كانت نقاشاتٍ مثمرة، هدفها فسح المجال للوصول إلى تجسيد حلم إقامة الدولة الجزائرية المستقلة. ولكن، بعد الاستقلال، كانت هناك إرادة لفتح الباب أمام روايةٍ واحدةٍ، تمجّد مسارا أرادت السلطة إملاءه على الشعب "صنعا لذاكرة جماعية موحدة"، واستمر، على تلك الحالة، إلى غاية تسعينيات القرن الماضي، حيث بدأت بعض المذكرات تظهر مدافعةً عن روايات للثورة التحريرية، وممجّدة بطولاتٍ كانت الرواية الرسمية قد أغفلتها.
أطلقت تحليلات، كُتبت عن النظام الجزائري، في الفترة التي تلت الاستقلال، أن الهدف من فرض تلك الرواية الرسمية اجترار شرعية تاريخية، كان يمكن أن تبنى على أساسها شرعية للنظام، ولاستمراره، وهي شرعية ما زالت موجودة، وإن إلى جانب "الشرعية الدستورية" التي أقرها الرئيس الراحل، هواري بومدين، في 1976.
يعيد منع عرض هذا الفيلم إلى الواجهة تلك الاستراتيجية المتضمنة صنع وعي في كل الميادين، يكون بمثابة ثقافة سياسية، ولكن بتوجّهٍ يخدم تبرير طريقة تسيير الشأن العام سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا وأمنيا. ويمكن، في هذا الباب، الرجوع إلى تصريحات وزارة الثقافة، لمعرفة أن منع العرض جاء في إطار "خروج المحتوى النهائي عن روايةٍ تاريخيةٍ هي الغالبة في البلاد"، وبأن الفيلم كان "سياسيا أكثر من اللازم"، لأنه لم يتضمن مشاهد عسكرية، بل تم التركيز، فيه، على خلافاتٍ، نقاشاتٍ ورواياتٍ بعيدة، كل البعد، عن التوجه العام لفرض تلك الذاكرة المنحازة بدون خلفية تعدّد الرؤى، كون من خاضوا الثورة من خلفياتٍ متعدّدة عملوا كلّهم تحت راية جبهة التحرير الوطني، أي جبهة ضمّت تياراتٍ مختلفة، ضمّتها حركات مقاومة الاستعمار السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
تحدّث الإعلام في الجزائر بإسهابٍ عن منع عرض الفيلم عن العربي المهيدي، والحجج التي أدّت إلى ذلك، ونحن في العام 2018، أي في تاريخٍ آخر بمضمون آخر، لعلّ أكبر مثال له وسائل التواصل الاجتماعي والجيل الذي سيعرض عليه الفيلم، ويقدّم له مضمونا تاريخيا، ووعيا بالذاكرة الوطنية.. "الجيل الرقمي". وقد ربطت تلك الوسائل الإعلامية بين منع العرض وطابع حياتنا الحالية التي تشهد ثورة رقمية، بسبب أن الفيلم موجّه إلى جيل آخر، لا يعرف تاريخ الثورة الجزائرية جيدا، ولا يعرف التجاذبات والتناقضات التي كانت محلّ الأخذ والرد الأيديولوجيين منذ الاستقلال. الجيل الجديد المعروف بـــ "الجيل الرقمي"، بسبب تلك الحجج الواهية للمنع، سيسعى، بكل ما أوتي من قوّة، ليبحث عن نسخة الفيلم، بل، بالموازاة مع ذلك، سيحبّذ كل روايةٍ عن التاريخ، تخرج من غير "المعين الرسمي"، إيذانا بموت الرواية الرسمية، من جهة، وباستحالة "خداع" الذاكرة بإجراءات فوقية تنتمي لعصر قديم، من جهة أخرى.
وربط الإعلام بين ذلك المنع لفيلم جزائري صرف وسعي المنظومة الثقافية الرسمية في البلاد إلى الدفاع عن مشاركة ممثل فرنسي، هو جيرارد ديبارديو في فيلم تاريخي يمثل فيه شخصية الداي حسين، آخر داي (حاكم) للجزائر، وآخر علامة على الوجود العثماني فيها، حيث دافعت وسائل الإعلام الرسمية عن الممثل المنتقَد في بلاده (فرنسا) بسبب سلوكات غير سوية (يواجه، الآن، تهما بمحاولة اغتصاب وسياقة في حالة سكر)، إضافة إلى علاقات مشبوهة مع الكيان الصهيوني. وقد تساءلت وسائل الإعلام تلك: كيف لفيلم جزائري عن الثورة التحريرية الكبرى أن يمنع من العرض، في الجزائر، في حين أن شخصيةً تمثّل التاريخ الجزائري يسمح لممثل فرنسي بأدائها؟ وكيف يمكن تفسير الأمر، من وجهة نظر سينمائية بحتة، حيث كان يمكن، بالنظر إلى طبيعة الشخصية (الداي حسين)، إسناد الدور لممثل جزائري أو، بحثا عن العالمية والانتشار الفني، لممثل عربي أو تركي (كان الداي تركيا)؟
من ناحية ثانية، سعت الانتقادات إلى التأكيد على طبيعة الجمهور الذي تُوجّه له تلك الأعمال، وضرورة تضمين الخطاب الإعلامي والفني توجهات جديدة، يفهمها "الجيل الرقمي"،
ويستوعب، من خلالها، الرواية التاريخية. ولكن ليس بتوجّه مستقطب، وليس من خلال، أيضا، المنع، حيث أن زمن الرقيب الفني والإعلامي قد ولى مع انتشار الشبكة العنكبوتية، ووسائل الاتصال الاجتماعية، واستحالة منع منتج فني من الوصول إلى جمهوره، أو تضمين رسالة إعلامية ما طابع الرقابة، المنع أو التوجيه.
لا يمكن أن تكون صناعة الوعي والذاكرة بالتوجيه، كما لا يمكن للرسالة الإعلامية والفنية، في زمن الرقمي الخالص، أن تكون في يد الرقيب، أو بتوجيه من الأيديولوجيا، بل يحتاج الأمر خبراء في الاتصال وصناعة الرأي العام، إضافة إلى حاجة الزمن الذي نعيشه إلى شكلٍ ومضمون فنيين وإعلاميين، مختلفيْن تماما عما يريده النظام. إنه زمنٌ جديدٌ وجيلٌ جديد. ولعل منع عرض الفيلم السينمائي "بن مهيدي" هو انتقاص للشخصية، عدم فهم لمتغيرات الزمن الجديد، ورغبة في دفع الذاكرة الوطنية الجزائرية إلى أن تتشكل في إطار "جبهة الرفـض"، وهي جبهة من السهل أن تكبر من حيث الحجم، تماما كما تكبر كرة الثلج وهي تتدحرج، ولكن، وهو الخطر، يمكن أن تحمل معها، في تدحرجها، ما لا يمكن تخيّله، وليس الذاكرة، الوعي والتوجيه "المستقطب" ذلك كله.
إنها فوضى الذاكرة، وآن لها أن تنتهي في الزمن الرقمي، وفي عهد الجيل الرقمي.
تحاول المقالة التطرّق إلى فوضى الذّاكرة، من خلال عرض سياسة النّظام في فرض رؤية موجّهة، وقراءة محدّدة للذّاكرة، وصناعة وعيٍ تريد منه "شرعنة التّاريخ" كما تحكيه هي، ضاربة عرض الحائط بمقاربة تعدّد الرّؤى والروايات، حتى مع إجماع الجزائريين، كلهم، بأن الحرب التحريرية كانت ضد عدّو هو فرنسا، وبهدفٍ أسمى يتمثّل في "إقامة الدولة الجزائرية المستقلة".
بدأت هذه الفوضى في الانتشار مع إرادة النظام فرض رواية مستقطبة لما جرى في أثناء الثورة التحريرية، بل وفي فترات التاريخ المختلفة للجزائر، ومنها، مثلا، اعتبار أن الوجود العثماني في الجزائر كان طبيعيا، استفاد منه الجزائريون، في حين أن الدولة الجزائرية، أو ما كان يمكن اعتباره كذلك، توقّف عن الوجود منذ بداية القرن السادس عشر، مع مجيء العثمانيين، لصالح طغيان النخبة التركية على المؤسسات التي كانت تعكس تبعيةً للباب العالي، وليس استقلالا، كما أرادت الرواية الرسمية، لما بعد الاستقلال، ترسيخه في الأذهان.
ومع إضعاف العثمانيين البلاد من جرّاء الإدارة الفاشلة، فُتح الباب واسعا لفرنسا لاستعمار البلاد استعمارا استيطانيا (وُجدت، في العالم، ثلاثة نماذج من الاستعمار الاستيطاني، زال اثنان: الجزائر وجنوب أفريقيا، وبقي الثالث في فلسطين). وكان من تبعات هذا الاستعمار (سمّاه المفكر والأديب البشير الإبراهيمي "استدمارا") محاولة جادّة لمسخ الشّخصية الجزائرية قرنا ونيف من ذلك الاستيطان، وما تولّد عن ذلك ميلاد نخبة، في الجزائر، مفرنسة (تعلمت باللسان الفرنسي)، وأصبحت مدافعة، نوعا، عما عُرف ب"الاندماج" إلى غاية وقوع قطيعة مايو/ أيار 1945 (قتلت فرنسا زهاء 45 ألف من الجزائريين المطالبين باحترام فرنسا وعودها، غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية، بمنح الجزائر الاستقلال)، وانطلاق مسار التحضير للثورة التحريرية الكبرى التي شهدت أحداثا جساما، وخلافات بين أعضاء القيادة، وهي خلافاتٌ لم تفسد للود قضية، لأنها كانت نقاشاتٍ مثمرة، هدفها فسح المجال للوصول إلى تجسيد حلم إقامة الدولة الجزائرية المستقلة. ولكن، بعد الاستقلال، كانت هناك إرادة لفتح الباب أمام روايةٍ واحدةٍ، تمجّد مسارا أرادت السلطة إملاءه على الشعب "صنعا لذاكرة جماعية موحدة"، واستمر، على تلك الحالة، إلى غاية تسعينيات القرن الماضي، حيث بدأت بعض المذكرات تظهر مدافعةً عن روايات للثورة التحريرية، وممجّدة بطولاتٍ كانت الرواية الرسمية قد أغفلتها.
أطلقت تحليلات، كُتبت عن النظام الجزائري، في الفترة التي تلت الاستقلال، أن الهدف من فرض تلك الرواية الرسمية اجترار شرعية تاريخية، كان يمكن أن تبنى على أساسها شرعية للنظام، ولاستمراره، وهي شرعية ما زالت موجودة، وإن إلى جانب "الشرعية الدستورية" التي أقرها الرئيس الراحل، هواري بومدين، في 1976.
يعيد منع عرض هذا الفيلم إلى الواجهة تلك الاستراتيجية المتضمنة صنع وعي في كل الميادين، يكون بمثابة ثقافة سياسية، ولكن بتوجّهٍ يخدم تبرير طريقة تسيير الشأن العام سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا وأمنيا. ويمكن، في هذا الباب، الرجوع إلى تصريحات وزارة الثقافة، لمعرفة أن منع العرض جاء في إطار "خروج المحتوى النهائي عن روايةٍ تاريخيةٍ هي الغالبة في البلاد"، وبأن الفيلم كان "سياسيا أكثر من اللازم"، لأنه لم يتضمن مشاهد عسكرية، بل تم التركيز، فيه، على خلافاتٍ، نقاشاتٍ ورواياتٍ بعيدة، كل البعد، عن التوجه العام لفرض تلك الذاكرة المنحازة بدون خلفية تعدّد الرؤى، كون من خاضوا الثورة من خلفياتٍ متعدّدة عملوا كلّهم تحت راية جبهة التحرير الوطني، أي جبهة ضمّت تياراتٍ مختلفة، ضمّتها حركات مقاومة الاستعمار السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
تحدّث الإعلام في الجزائر بإسهابٍ عن منع عرض الفيلم عن العربي المهيدي، والحجج التي أدّت إلى ذلك، ونحن في العام 2018، أي في تاريخٍ آخر بمضمون آخر، لعلّ أكبر مثال له وسائل التواصل الاجتماعي والجيل الذي سيعرض عليه الفيلم، ويقدّم له مضمونا تاريخيا، ووعيا بالذاكرة الوطنية.. "الجيل الرقمي". وقد ربطت تلك الوسائل الإعلامية بين منع العرض وطابع حياتنا الحالية التي تشهد ثورة رقمية، بسبب أن الفيلم موجّه إلى جيل آخر، لا يعرف تاريخ الثورة الجزائرية جيدا، ولا يعرف التجاذبات والتناقضات التي كانت محلّ الأخذ والرد الأيديولوجيين منذ الاستقلال. الجيل الجديد المعروف بـــ "الجيل الرقمي"، بسبب تلك الحجج الواهية للمنع، سيسعى، بكل ما أوتي من قوّة، ليبحث عن نسخة الفيلم، بل، بالموازاة مع ذلك، سيحبّذ كل روايةٍ عن التاريخ، تخرج من غير "المعين الرسمي"، إيذانا بموت الرواية الرسمية، من جهة، وباستحالة "خداع" الذاكرة بإجراءات فوقية تنتمي لعصر قديم، من جهة أخرى.
وربط الإعلام بين ذلك المنع لفيلم جزائري صرف وسعي المنظومة الثقافية الرسمية في البلاد إلى الدفاع عن مشاركة ممثل فرنسي، هو جيرارد ديبارديو في فيلم تاريخي يمثل فيه شخصية الداي حسين، آخر داي (حاكم) للجزائر، وآخر علامة على الوجود العثماني فيها، حيث دافعت وسائل الإعلام الرسمية عن الممثل المنتقَد في بلاده (فرنسا) بسبب سلوكات غير سوية (يواجه، الآن، تهما بمحاولة اغتصاب وسياقة في حالة سكر)، إضافة إلى علاقات مشبوهة مع الكيان الصهيوني. وقد تساءلت وسائل الإعلام تلك: كيف لفيلم جزائري عن الثورة التحريرية الكبرى أن يمنع من العرض، في الجزائر، في حين أن شخصيةً تمثّل التاريخ الجزائري يسمح لممثل فرنسي بأدائها؟ وكيف يمكن تفسير الأمر، من وجهة نظر سينمائية بحتة، حيث كان يمكن، بالنظر إلى طبيعة الشخصية (الداي حسين)، إسناد الدور لممثل جزائري أو، بحثا عن العالمية والانتشار الفني، لممثل عربي أو تركي (كان الداي تركيا)؟
من ناحية ثانية، سعت الانتقادات إلى التأكيد على طبيعة الجمهور الذي تُوجّه له تلك الأعمال، وضرورة تضمين الخطاب الإعلامي والفني توجهات جديدة، يفهمها "الجيل الرقمي"،
لا يمكن أن تكون صناعة الوعي والذاكرة بالتوجيه، كما لا يمكن للرسالة الإعلامية والفنية، في زمن الرقمي الخالص، أن تكون في يد الرقيب، أو بتوجيه من الأيديولوجيا، بل يحتاج الأمر خبراء في الاتصال وصناعة الرأي العام، إضافة إلى حاجة الزمن الذي نعيشه إلى شكلٍ ومضمون فنيين وإعلاميين، مختلفيْن تماما عما يريده النظام. إنه زمنٌ جديدٌ وجيلٌ جديد. ولعل منع عرض الفيلم السينمائي "بن مهيدي" هو انتقاص للشخصية، عدم فهم لمتغيرات الزمن الجديد، ورغبة في دفع الذاكرة الوطنية الجزائرية إلى أن تتشكل في إطار "جبهة الرفـض"، وهي جبهة من السهل أن تكبر من حيث الحجم، تماما كما تكبر كرة الثلج وهي تتدحرج، ولكن، وهو الخطر، يمكن أن تحمل معها، في تدحرجها، ما لا يمكن تخيّله، وليس الذاكرة، الوعي والتوجيه "المستقطب" ذلك كله.
إنها فوضى الذاكرة، وآن لها أن تنتهي في الزمن الرقمي، وفي عهد الجيل الرقمي.