فوضى أمنية في محافظة درعا برعاية النظام

17 مايو 2019
سيطرت قوات النظام على درعا العام الماضي(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من سيطرة قوات النظام السوري على محافظة درعا جنوبي البلاد منذ نحو عشرة أشهر، نتيجة عملية عسكرية وتسويات مناطقية بمساعدة من روسيا، الا أن التطورات اليومية تشير إلى أن الأوضاع هناك ما زالت بعيدة عن الاستقرار، ومرشحة لمفاجآت عدة. وقد قضت اتفاقيات التسوية، والتي تخللت وأعقبت حملة النظام العسكرية على المحافظة صيف العام الماضي، بعدم دخول قوات النظام إلى بعض المناطق مثل درعا البلد، وإبقاء السلاح الخفيف بيد عناصر المعارضة المسلحين هناك، فيما التحق الكثير من هؤلاء بأجهزة النظام العسكرية والأمنية، وسط تنافس محموم بين تلك الأجهزة المدعوم بعضها من إيران وبعضها الآخر من روسيا، على استقطاب عناصر التسويات للعمل لصالحها. وتخلل ذلك عمليات اغتيال واعتقال طاولت شخصيات من قادة المعارضة السابقين، وحتى من انخرط منهم في العمل مع أجهزة النظام، في ظل اعتقاد سائد بأن أجهزة النظام المتنافسة تقف وراء معظم هذه الاغتيالات.

وفي الأيام الأخيرة ازدادت مظاهر الاحتجاج والرفض من جانب أبناء المحافظة لسلطات النظام، التي يكاد يقتصر حضورها في المحافظة على الاعتقالات والاغتيالات ومضايقة الأهالي، من دون تقديم الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء ومحروقات وسلع أساسية. وذكرت مصادر محلية، أنه "جرى في مدينة داعل بريف درعا الأوسط، توزيع مناشير مناهضة للنظام السوري، على خلفية الحملة العسكرية الجارية في إدلب، فيما قتل أشخاص عدة خلال محاولة قوات النظام اعتقال بعضهم في بلدة الصنمين شمالي المحافظة".

وذكر "تجمع أحرار حوران" أن "اشتباكات بالأسلحة الخفيفة دارت في الحي الشمالي الشرقي لمدينة الصنمين بين مدنيين وعناصر من الأمن الجنائي التابع لقوات النظام، أسفرت عن مقتل ضابط برتبة ملازم وإصابة 3 عناصر آخرين، وذلك إثر دخول مجموعة من قوات النظام إلى المدينة متخفية بلباس مدني لمحاولة اعتقال القيادي السابق في الجيش الحر وليد الزهرة، الذي لم يكن موجوداً في منزله، فجرى اعتقال شقيقه أغيد وابن عمه مجدي الزهرة وشاب آخر، فيما ذكرت مصادر أخرى أن شقيقه أغيد قتل خلال الاشتباك". وتلى ذلك قيام شبان من المدينة بإطلاق النار على سيارة "فان" كانت تقل ضابطاً وعناصر من قوات النظام ما أسفر عن مقتل أحد العناصر، وذلك احتجاجاً على عملية الاعتقال وسط تهديدات من الأهالي بالتصعيد المستمر إذا لم يتم إطلاق سراح المعتقلين. وهو ما دفع عناصر النظام إلى التوقف عن التجوال في أحياء المدينة، وبادروا إلى إغلاق مداخلها ومخارجها.

وعلى خلفية هذه التطورات، جرى وفق "تجمع أحرار حوران" رصد تحركات كثيفة لقوات النظام واستنفار أمني داخل الفرقة التاسعة في المدينة، وسط تخوّف الأهالي من عمليات دهم واعتقالات جديدة بحقهم. وسبق لقوات النظام محاولة اعتقال وليد الزهرة مطلع العام الحالي، بعد مداهمة أحد أحياء المدينة. الأمر الذي استدعى تدخل أقارب الزهرة، وقاموا بطرد قوات النظام خارج المدينة وتخليص الزهرة من بين أيديهم.



ويحظى الزهرة، القيادي السابق في "حركة أحرار الشام"، بشعبية كبيرة داخل مدينة الصنمين، فيما تسعى قوات النظام للتخلص منه. وفي معرض روايتها لهذه التطورات، ذكرت وزارة داخلية النظام، في بيان لها، أن "ثلاثة من عناصرها قُتلوا في درعا، أثناء اعتقالهم لأخطر 5 مجرمين في درعا".

وفي سياق هذه الحوادث، قُتل ملازم في قوات النظام يوم الثلاثاء الماضي في درعا أيضاً برصاص مجهولين، فيما ألقيت قنبلة يدوية على عناصر قوات النظام في مدخل ثكنة الأغرار شرق مدينة طفس بريف درعا، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى.

وكانت مدينة الصنمين نفسها شهدت في 24 إبريل/نيسان الماضي هجوماً شنّه مجهولون على حواجز لقوات النظام، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد منهم. واستهدف الهجوم حواجز المربع الأمني في المدينة، وتلى ذلك استنفار كبير لقوات النظام وتحريك للدبابات من المقر الرئيسي للفرقة التاسعة، واقتحام لمنطقة السوق التي كانت سابقاً تحت سيطرة قوات المعارضة. كما شهدت المدينة قبل ذلك بأسابيع عدة استهداف حافلة تقل ضباط وعناصر من الفرقة التاسعة وشهدت أيضاً اشتباكات طاولت المواقع نفسها سابقاً.

وتضم مدينة الصنمين عشرات المواقع العسكرية التابعة لقوات النظام منها الفرقة التاسعة وثلاثة ألوية مستقلة وكتائب دبابات ومدفعية، كما تحاط بعشرات الحواجز وتحوي على مساكن عسكرية لعائلات قوات النظام وقاعدة روسية ضمن مقار الفرقة التاسعة.

وفي إطار هذه الحوادث، قُتل قيادي بارز في "حزب الله" بعد تعرضه لإطلاق رصاص من قبل مجهولين في مدينة طفس بريف درعا الغربي، وذلك عقب ساعات من محاولة اغتيال رئيس بلدة المزيريب أحمد النابلسي، هي الثانية من نوعها التي تستهدفه خلال أشهر.

وشهد شهر إبريل الماضي، أوسع عمليات ومحاولات الاغتيال في محافظة درعا، منذ سيطرة قوات النظام على المحافظة، فوثق مكتب توثيق الشهداء في درعا 30 عملية ومحاولة اغتيال أدت إلى مقتل 12 شخصاً وإصابة 13 آخرين، بينما نجا 5 أشخاص منها. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن أي من هذه العمليات التي اشتملت على قتل 4 عناصر من فصائل المعارضة سابقاً ممن التحقوا بقوات النظام و4 آخرين ممكن لم يلتحقوا بصفوف قوات النظام، ومدنيان و5 قادة سابقين في فصائل المعارضة. وأغلب هذه العمليات تمت في ريف درعا الغربي.

وتشن قوات النظام حملات اعتقال بشكل متكرر تطاول شبانا وموظفين سابقين بالمجالس المحلية إضافة إلى مقاتلين وقياديين سابقين بالجيش السوري الحر، على الرغم من إجرائهم تسويات معها، بعضهم بتهم جنائية أو سياسية، وهو ما بات يواجه بمقاومة من جانب المطلوبين والأهالي.



المساهمون