هناك عدد من النجوم العرب الذين حملوا ألقاباً بالجملة، كسفراء للنوايا الحسنة تعيّنهم برامج الأمم المتحدة، خلال السنوات الماضية. ألقاب منحتهم إيّاها جهات رسمية عالمية، لأسباب إنسانية أو سياسية أو غيرها.
السؤال هو: أيّهما أهم في اللقب: جزؤه الأوّل، أي لقب "سفير"، أم جزؤه الثاني، أي "النوايا الحسنة"؟ وإذا كانت النوايا الحسنة هي لبّ الموضوع، فأين هي؟ أم أنّ الأعمال تبقى محصورة في النيّات؟
أسئلة كثيرة يمكن أن ترد في الأذهان، مع تدهور أوضاع معظم الشعوب العربية التي تمّ اختيار نجوم منها في مجالات مختلفة، للعمل على النهوض بأجزاء من مجتمعاتهم وتحسين ظروفها. فماذا فعلوا؟ وما هي الإنجازات التي حقّقوها؟ وهل كانت مكاسب عامّة أو خاصّة؟
محمود ياسين
هو واحد من سفراء النوايا الحسنة. سافر إلى سورية في عام 2008، وزار منطقة السيدة زينب في العاصمة دمشق. وهناك التقى بعض الأسر العراقية التي يساعدها برنامج المساعدات الغذائية. كما زار مشروعات البرنامج في اليمن ودارفور ومصر، في أوّل إعلان إنساني يصدره البرنامج باللغة العربية، لنشر الوعي بقضايا الجوع.
وهو قدّم عدداً من الإعلانات الإرشادية في التلفزيون المصري وتبرّع بأجره منها. وعرض مسرحية "بداية ونهاية" على المسرح العائم لمدّة 40 يوما بلا مقابل، لمصلحة الأعمال الخيرية.
عادل إمام
من الواضح أن الفنان عادل إمام يرى أنّ إنجازاته ومجهوداته كسفير للنوايا الحسنة لمفوضية شؤون اللاجئين كثيرة. وفي هذا الإطار أكّد أنّه خلع نجوميته فور تقلّده المنصب. وهو يقول إنّه أنجز الكثير من دون إعلان "لأنّها أعمال خيرية تطوّعية وليست لشهرة الفنان"، بحسب قوله.
وأشار إمام إلى أنّه لم يكتفِ بأجندة الأمم المتحدة، لافتاً إلى أنّه على مدار سنوات حقّق نجاحات لمصلحة قضايا السلام في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية وقضايا اللاجئين.. لكنّ شيئاً ملموساً لم يتحقّق.
يسرا
لم تهدأ الفنانة يسرا في تقديم الدعم لكلّ الجهات التي طلبت. فقد شاركت في عدد من المنتديات العلمية والفكرية حول مكافحة الأمراض. ثم تبرّعت بجزء كبير من أجور أعمالها لصالح مساعدات إنسانية. ورفضت ما يشاع عن أنّ المسألة أصبحت "تقليعة" لجأ إليها المسؤولون عن منظمات الأمم المتحدة لتزيين اللقب بصبغة فنية، مؤكّدة أنّها حقّقت الكثير مما سعت إليه كسفيرة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، سواء في قضايا المرأة أم في قضايا الأمراض المزمنة أم الأطفال.
محمود قابيل
سعى الفنان محمود قابيل إلى حشد الرأي العام لدعم البرامج التي توفر للأطفال خدمات صحية وتعليمية. ودعم رسالة "اليونيسيف" التي تهدف إلى ضمان حقّ كلّ طفل في الصحّة والتعليم والمساواة والحماية. وساهم في دعم مادي ومعنوي لمتضرّري المجازر الوحشية التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في لبنان، وقدّم تبرّعات لعدد من المتضرّرين في الدول العربية.
حسين فهمي
ركّز الفنان حسين فهمي على قضايا إدمان المخدرات والفقر والأطفال المعوّقين. كما شارك في ورشة عمل لمحترفي الإعلام والفنون، للفت أنظار الناس إلى فيروس H1N1 ومرض الإيدز في المنطقة، وطرق محاربتهما. كما حشد الرأي العام لدعم قضية التنمية، بعدما أشارت إحصاءات برنامج الأمم المتحدة إلى نحو مليار و200 مليون شخص يعيشون تحت خطّ الفقر، ونقص الخدمات الصحية للملايين، و500 مليون طفل يعانون سوء التغذية، و90 مليون طفل خارج نظام التعليم الأساسي... كما طالب حسين فهمي بضرورة إنتاج مجموعة من الأفلام عن أطفال العراق والشعب الفلسطيني، وطالب الأمم المتحدة بضرورة إيجاد حلول لنزع الألغام التي ما زالت مزروعة في الصحراء المصرية، وتحديدا في العلَمين، ويتجاوز عددها المليون، بعدما أصابت أكثر من 20 ألف مواطن مصري، معظمهم من البدو.
صفية العمري
هي أوّل سفيرة مصرية وعربية، اختيرت في عام 1994، وظلّت تشغل هذا المنصب لمدّة 12 عاماً، ركزت خلالها على الاهتمام بالصحّة الإنجابية والتعليم، وشاركت زملاءها الفنانين من الوطن العربي في البحث عن سبل للتعاون، لتكثيف الجهود في دعم قضايا الشعوب. إلى أن اعتذرت عن عدم الاستمرار في المنصب عام 2006. وقبل تولّيها المنصب، كانت صفية تقوم بالكثير من الأعمال الخيرية والإنسانية، خصوصاً في فترة زلزال 1992.
هند صبري
هي سفيرة مكافحة الجوع. بداية عملها مع البرنامج كانت حين بدأت الحرب على غزّة، إذ قادت حملة تبرّعات لمساعدة ضحايا الحرب. كما زارت مدرستين في محافظة الفيوم لتعزيز الجهود الرامية إلى تشجيع الالتحاق بالمدارس والمواظبة على الحضور، خصوصاً للفتيات. وقالت هند إنّها استغلّت شهرتها بين جمهورها ومعجبيها ليروا كيف يمكن أن تساعد المساهمات البسيطة في الحدّ من الجوع. كما دعت إلى المشاركة في حملة "مليار مقابل مليار"، التي تقوم على مساعدة مليار مستخدم للإنترنت في العالم لمليار شخص يعانون الجوع، وينشرها برنامج الأغذية العالمي حالياً.
ماجدة الرومي
تم تكليف الفنانة ماجدة الرومي بمهمة الترويج لقضية تعرّض الإمدادات الغذائية للخطر والاندثار، ودعمها، وحشد الرأي العام لها، من خلال اختيارها سفيرة النوايا الحسنة لمنظمة الأغذية والزراعة. فقدّمت ريع حفلات غنائية لحلّ هذه المشكلات، وقامت بجولات ميدانية للفت أنظار العالم. كما شاركت سفراء النوايا الحسنة في منظمة الأغذية والزراعة، بإطلاق نداء عاجل بصوت واحد نيابة عن أكثر من مليار شخص يعانون الجوع المزمن في مختلف أنحاء العالم. وساعدها انضمام مطرب الراي العالمي الشاب خالد إلى قائمة سفراء النوايا الحسنة لمنظمة الأغذية والزراعة أيضاً.
راغب علامة
كثيرة هي إنجازات الفنان راغب علامة. فهو وضع حجر الأساس للحديقة العامة في مدينة صيدا، تحت عنوان "الحلم صار حقيقة، والجبل أصبح حديقة"، بعدما تمّت إزالة جبل النفايات منها. ودعم الصليب الأحمر اللبناني، بإعلانه أنّ ولديه خالد ولؤي سيتطوعان في الصليب الأحمر. وشارك في مؤتمرات إقليمية وعالمية للتنمية المستدامة في باريس وبيروت.
نانسي عجرم
تولّت النجمة اللبنانية نانسي عجرم تمثيل علامة "أنلين" التجارية سفيرة لدى الشرق الأوسط، بهدف تشجيع ملايين النساء، في كل أنحاء المنطقة، على إيلاء المزيد من الاهتمام لصحّة عظامهنّ، إذ تعاني واحدة من بين كلّ 3 سيدات ممن تقلّ أعمارهنّ عن 40 عاما، في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، من خطر الإصابة بمرض هشاشة العظام. وهي أطلقت حملة حثّت الآباء على تطعيم أطفالهم ضدّ شلل الأطفال، من خلال حملة توعية قامت بها منظمة اليونيسيف، من خلال دورها كسفيرة للنوايا الحسنة في اليونيسيف.
كارول سماحة
خلال فترة لا تتعدّى الستة أشهر من تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة للشبكة الدولية للحقوق والتنمية GNRD، زارت الفنانة كارول سماحة جمعية رعاية الأيتام في مدينة صيدا جنوب لبنان، وزارت مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن، بهدف استطلاع ظروف اللاجئين السوريين، وتأمين الاحتياجات اللازمة والضرورية لحياتهم اليومية، مع الشبكة الدولية للحقوق والتنمية. ودشّنت حملة لتطوير المناطق غير المخططة (العشوائية) في مصر، أطلقتها الشبكة الدولية للحقوق والتنمية. وزارت المصابين الفلسطينيين من جرّاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة في مستشفيات فلسطين.
عاصي الحلاني
الفنان عاصي الحلاني قال لـ"العربي الجديد" إنّه لم ينتظر يوماً لقب سفير أو أيّ لقب آخر للعمل في الإطار الإنساني: "فأنا منذ بداية مشواري في الحفل الفني لم أتردّد يوماً في تلبية أي طلب لأيّ جمعية أو مؤسسة خيرية إنسانية. فلي محطّة سنوية بدار الأوبرا في القاهرة، حيث أحيي حفلات يعود ريعها لمرضى السرطان، والمرأة المعيلة، وفتاة بلا مأوى، والعشوائيات، والمعوّقين، لذلك لا أعتبر أنّ اللقب أضاف لي، بل كان لقباً شرفياً، مُنح لي من منظمة إنسانية عالمية، فاعتبرت الموضوع حافزاً لي للمزيد من الأعمال الخيرية".
وأعلن أنّه يمدّ يديه "إلى زملائي السفراء من الفنانين، ليكون لنا مهرجان مشترك، ونقدّم بطاقات بأسعار رمزية في مكان كبير يتّسع لنحو 20 ألف شخص، يمكن أن يعود ريعه لبناء مستشفى لمعالجة السرطان أو لجمعية خيرية ما".
لكن بشكل عام، تبقى مساهمات هؤلاء الفنانين كلّهم أقرب إلى "العلاقات العامة". وريع حفلاتهم لا يرقى إلى مبالغ يمكن أن تبني مستشفيات أو أن تحدث تغييرات حقيقية في المجتمعات العربية. والأكيد أنّها، لمعظمهم، أقرب إلى المساهمات الإعلامية في الإضاءة على المشكلات، وليس لحلّها تماماً. فهي إذاً ألقاب "نوايا حسنة"، أكثر منها مناصب تنفيذ مهمّات حقيقية.