تخرج سمية كلّ صباح تاركةً بيتها وأطفالها. تبدأ عملها في الأرض إلى ما بعد الغروب. هناك تزحف على ركبتيها قليلاً. تغرس رأس البصل الصغير. تزحف مجدداً لتغرس رأساً آخر، في صفوف طويلة متكررة.
مثل سمية، الكثير من الفلاحات الفلسطينيات في غزة. فمن الغرس إلى القطاف لا تختلف حياة هؤلاء.
تلفّ سمية على رأسها منديلاً متعدد الألوان لا تظهر منه إلا عيناها. ويقيها حر الشمس الحارقة صيفاً، وبرد رياح الشتاء. تعمل سمية الصوفي (39 عاماً) فلّاحة منذ أكثر من عشرين عاماً. ورغم أنها تبذل الكثير من الجهد في عملها، فهي لا تأخذ حقها.
تقول سمية، التي لا تحصل سوى على أجر زهيد، لـ"العربي الجديد": "أكره الشكوى فهي تحرمني من العمل. وكل فلّاحة تشتكي من طول ساعات العمل أو تقول إنّها مريضة، لا يؤتى بها في اليوم التالي". وتشير سمية إلى أنها تعمل وباقي زميلاتها منذ الصباح حتى ساعات الظهيرة دون توقف. ليتوقفن بعدها نصف ساعة للغداء والصلاة. وتشير سمية إلى أنّ "العمل لا استراحات خلاله، ولا ضمان صحياً أو اجتماعياً، وليس لدينا حقوق كباقي العمال". وتوضح أنّ عملها يومي، وتتقاضى عن كلّ يوم عمل 25 شيكلاً (6 دولارات أميركية).
تعتمد القطاعات الانتاجية، كالزراعة والصيد والبناء في قطاع غزة، على العمال الأكثر فقراً والاقلّ تعليماً. ومن جهتهن، فإنّ النساء يجدن في العمل الزراعي وسيلتهن للحصول على المال دون مجهود فكري، لكن بالكثير من التعب البدني. وهو ما يستغله أرباب العمل، من أجل زيادة الأعباء عليهن من دون أن تصدر عنهن شكوى.
تعب بلا شكوى
مثل هذا العمل اليومي، وعدم احتجاج النساء أو تقديمهن شكاوى، يهدر أيّ حقوق لهن. وهو ما يؤكده رئيس اتحاد نقابة العمال في قطاع غزة، سامي العمصي. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "النساء المزارعات لا يتوجهن إلى نقابة العمال بالشكاوى، ورغم وصول الكثير من المعلومات إلينا، تفيد بعدم حصولهن على حقوقهن، فإنّهن يرفضن الحديث والتواصل". ويلفت إلى أنّ النساء تحديداً يقبلن بأجر أقل من الرجال في العمل الزراعي. فالرجل يحصل على 12 دولاراً يومياً أي ما يعادل ضعفي أجرهن.
ويضيف العمصي: "ناشدنا الفلاحات بتقديم شكاوى، كي نتمكن من مساعدتهن برفع قضايا على أصحاب العمل أو مساءلتهم. لكنّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة في غزة جعلت النساء العاملات أقل شكوى وأكثر رضا بالقليل. فبعض النساء لا يأخذن إجازة حتى يوم الجمعة. ويعملن في الحقول لأكثر من 16 ساعة يومياً، والأجور نادراً ما تزيد عن 7 دولارات في اليوم".
وفي ظلّ مثل هذا الوضع، لا تتمكن نقابة العمال في غزة من فعل شيء للدفاع عن حقوق الفلاحات. وكلّ ما يمكنها أن تفعله هو إشعار صاحب العمل بأنه يقسو على العاملات لديه.
أما في حال تقدم العاملات بشكاوى، فإنّها ستصل إلى الإدارة العامة لعلاقات العمل داخل وزارة العمل الفلسطينية.
ويقول منسق هذه الإدارة نبيل المبحوح لـ"العربي الجديد": "نتلقى الشكاوى من المشغلين ومن العمال. لكنّ العمال لا يرغبون عادة في أيّ إجراء قد يفقدهم عملهم". ويضيف: "نحاول التوصل إلى حلول ترضي الطرفين. وفي حال تعثرت المصالحة يتم تحويل القضية للمحاكم المختصة بالتعاون مع النقابات". كما يلفت إلى أنّ الإدارة تدرس القضايا وترفعها إلى مجلس الوزراء لاصدار لوائح، لكنّ الوزارة لا يمكنها الدفاع عن فلاحات لا يشتكين.
أمّا الفلاحات فيجدن أنّ الأمر منوط بالوزارة، التي يتوجب عليها إجراء حملات تفتيش ورقابة لضمان تطبيق قانون العمل. فالخوف من الطرد يحكم قرارهن في تقديم الشكاوى، لأنّ كلّ واحدة تنتظرها أسرتها لتناول الطعام التي تحضره. والمطالبة بالحقوق، تمنع عليهن وعلى عائلاتهن لقمة العيش.
يذكر أن قانون العمل الفلسطيني رقم (7) للعام 2000 جاء مقارباً للمعايير الدولية في توفير فرص العمل المتكافئة. وخصص الباب السابع لتنظيم عمل النساء وحظر التمييز بين الرجل والمرأة. وحظر تشغيلها بالأعمال الشاقة أو ساعات عمل إضافية أثناء الحمل والأشهر الستة التالية للولادة. كما منحها إجازة وضع لمدة 10 أسابيع، منها 6 بعد الولادة. كما منع فصلها بسبب إجازة الوضع.
مثل سمية، الكثير من الفلاحات الفلسطينيات في غزة. فمن الغرس إلى القطاف لا تختلف حياة هؤلاء.
تلفّ سمية على رأسها منديلاً متعدد الألوان لا تظهر منه إلا عيناها. ويقيها حر الشمس الحارقة صيفاً، وبرد رياح الشتاء. تعمل سمية الصوفي (39 عاماً) فلّاحة منذ أكثر من عشرين عاماً. ورغم أنها تبذل الكثير من الجهد في عملها، فهي لا تأخذ حقها.
تقول سمية، التي لا تحصل سوى على أجر زهيد، لـ"العربي الجديد": "أكره الشكوى فهي تحرمني من العمل. وكل فلّاحة تشتكي من طول ساعات العمل أو تقول إنّها مريضة، لا يؤتى بها في اليوم التالي". وتشير سمية إلى أنها تعمل وباقي زميلاتها منذ الصباح حتى ساعات الظهيرة دون توقف. ليتوقفن بعدها نصف ساعة للغداء والصلاة. وتشير سمية إلى أنّ "العمل لا استراحات خلاله، ولا ضمان صحياً أو اجتماعياً، وليس لدينا حقوق كباقي العمال". وتوضح أنّ عملها يومي، وتتقاضى عن كلّ يوم عمل 25 شيكلاً (6 دولارات أميركية).
تعتمد القطاعات الانتاجية، كالزراعة والصيد والبناء في قطاع غزة، على العمال الأكثر فقراً والاقلّ تعليماً. ومن جهتهن، فإنّ النساء يجدن في العمل الزراعي وسيلتهن للحصول على المال دون مجهود فكري، لكن بالكثير من التعب البدني. وهو ما يستغله أرباب العمل، من أجل زيادة الأعباء عليهن من دون أن تصدر عنهن شكوى.
تعب بلا شكوى
مثل هذا العمل اليومي، وعدم احتجاج النساء أو تقديمهن شكاوى، يهدر أيّ حقوق لهن. وهو ما يؤكده رئيس اتحاد نقابة العمال في قطاع غزة، سامي العمصي. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "النساء المزارعات لا يتوجهن إلى نقابة العمال بالشكاوى، ورغم وصول الكثير من المعلومات إلينا، تفيد بعدم حصولهن على حقوقهن، فإنّهن يرفضن الحديث والتواصل". ويلفت إلى أنّ النساء تحديداً يقبلن بأجر أقل من الرجال في العمل الزراعي. فالرجل يحصل على 12 دولاراً يومياً أي ما يعادل ضعفي أجرهن.
ويضيف العمصي: "ناشدنا الفلاحات بتقديم شكاوى، كي نتمكن من مساعدتهن برفع قضايا على أصحاب العمل أو مساءلتهم. لكنّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة في غزة جعلت النساء العاملات أقل شكوى وأكثر رضا بالقليل. فبعض النساء لا يأخذن إجازة حتى يوم الجمعة. ويعملن في الحقول لأكثر من 16 ساعة يومياً، والأجور نادراً ما تزيد عن 7 دولارات في اليوم".
وفي ظلّ مثل هذا الوضع، لا تتمكن نقابة العمال في غزة من فعل شيء للدفاع عن حقوق الفلاحات. وكلّ ما يمكنها أن تفعله هو إشعار صاحب العمل بأنه يقسو على العاملات لديه.
أما في حال تقدم العاملات بشكاوى، فإنّها ستصل إلى الإدارة العامة لعلاقات العمل داخل وزارة العمل الفلسطينية.
ويقول منسق هذه الإدارة نبيل المبحوح لـ"العربي الجديد": "نتلقى الشكاوى من المشغلين ومن العمال. لكنّ العمال لا يرغبون عادة في أيّ إجراء قد يفقدهم عملهم". ويضيف: "نحاول التوصل إلى حلول ترضي الطرفين. وفي حال تعثرت المصالحة يتم تحويل القضية للمحاكم المختصة بالتعاون مع النقابات". كما يلفت إلى أنّ الإدارة تدرس القضايا وترفعها إلى مجلس الوزراء لاصدار لوائح، لكنّ الوزارة لا يمكنها الدفاع عن فلاحات لا يشتكين.
أمّا الفلاحات فيجدن أنّ الأمر منوط بالوزارة، التي يتوجب عليها إجراء حملات تفتيش ورقابة لضمان تطبيق قانون العمل. فالخوف من الطرد يحكم قرارهن في تقديم الشكاوى، لأنّ كلّ واحدة تنتظرها أسرتها لتناول الطعام التي تحضره. والمطالبة بالحقوق، تمنع عليهن وعلى عائلاتهن لقمة العيش.
يذكر أن قانون العمل الفلسطيني رقم (7) للعام 2000 جاء مقارباً للمعايير الدولية في توفير فرص العمل المتكافئة. وخصص الباب السابع لتنظيم عمل النساء وحظر التمييز بين الرجل والمرأة. وحظر تشغيلها بالأعمال الشاقة أو ساعات عمل إضافية أثناء الحمل والأشهر الستة التالية للولادة. كما منحها إجازة وضع لمدة 10 أسابيع، منها 6 بعد الولادة. كما منع فصلها بسبب إجازة الوضع.