فلسطين تحشد دولياً ومحلياً لمواجهة شرعنة ترامب للاستيطان الإسرائيلي

19 نوفمبر 2019
القيادة الفلسطينية في حالة انعقاد دائم (استيفاني كيث/Getty)
+ الخط -
تتواصل التحركات الفلسطينية، محليا ودوليا، لمواجهة إعلان الولايات المتحدة، على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو، الاعتراف رسميّاً بشرعية المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والتي تُعتبر بموجب القانون الدولي مستوطنات "غير شرعية".

وفي السياق، قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، اليوم الثلاثاء، إنه بدأ مشاورات مع أعضاء مجلس الأمن، بدءاً بالعضو العربي في المجلس دولة الكويت، لـ"حشد المواقف الدولية للتصدي للإعلان الأميركي غير القانوني بشأن المستوطنات".

وأشار منصور، في بيان له، إلى أن مجلس الأمن سيعقد جلسة الأربعاء المقبل حول القضية الفلسطينية، وأن "الموقف الأميركي المنافي للقانون والشرعية الدولية، سيكون محور النقاش في هذا الاجتماع".

وبين منصور أنه بعث برسائل متطابقة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ورئيس مجلس الأمن (بريطانيا)، ورئيس الجمعية العامة، تتضمن موقف دولة فلسطين، الذي يدين ويرفض تصريحات وزير خارجية الولايات المتحدة، مايك بومبيو، غير القانونية بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

شكوى لمحكمة العدل الدولية

إلى ذلك، دعا المجلس الوطني الفلسطيني، الثلاثاء، إلى تقديم شكوى جديدة إلى محكمة العدل الدولية ضد إدارة ترامب في أعقاب إعلان بومبيو.

 

كما دعا المجلس، في بيان، إلى متابعة الشكوى التي تقدمت بها دولة فلسطين إلى هذه المحكمة بعد نقل السفارة، مؤكدا أن "هذا الإعلان يشكل اعتداء جديدا على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، واستمرارا للعدوان الذي تقوده إدارة ترامب منذ حوالي سنتين على حقوق الشعب الفلسطيني".

وطالب المجلس الوطني المجتمع الدولي وبرلمانات العالم بـ"لجم هذا الانفلات الأميركي والاستخفاف بالقانون الدولي والقرارات الدولية، والإدانة الصريحة لهذا السلوك غير المسبوق، واتخاذ مواقف حازمة تجاه هذه السياسة"، مطالبا الأمين العام للأمم المتحدة بالنظر في عضوية أميركا في الهيئة الأممية "كونها لا تحترم ولا تلتزم بميثاقها وقرارات مؤسساتها".

دعوة الجماهير للتحرك

وعلى صعيد متصل، دعت القيادة الفلسطينية، الثلاثاء، جماهير الشعب الفلسطيني إلى التحرك ضد المخطط الأميركي بعد تصريحات بومبيو، مؤكدة أنها في حالة انعقاد دائم لتنفيذ قراراتها.

وطالبت القيادة الفلسطينية، في اجتماع طارئ لها بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، "جماهير الشعب الفلسطيني داخل الوطن وكافة أماكن تواجده، بالتحرك لإفشال هذا المشروع التآمري لتصفية القضية الفلسطينية"، فيما قررت بقاء الاجتماعات في حالة انعقاد دائم لمتابعة تنفيذ قراراتها.

ووفق بيان صادر عنها، بدأت القيادة الفلسطينية، بحضور الرئيس عباس، سلسلة اجتماعات طارئة، لاتخاذ الإجراءات والآليات الواجب اتباعها لمواجهة القرارات الأميركية الخطيرة ضد القضية الفلسطينية، وآخرها تصريحات وزير الخارجية بومبيو.

وأكدت القيادة الفلسطينية أنه "سيتم التحرك على المستوى الداخلي، وسيتم عقد اجتماعات للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية لحركة "فتح"، وفصائل العمل الوطني والتنظيمات الشعبية والمجتمع المدني، وللحكومة، من أجل دراسة التوصيات الضرورية لتحصين الجبهة الداخلية وتعزيز المقاومة الشعبية في مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية التي تقوم بها الإدارة الأميركية".

وشددت القيادة الفلسطينية على أنه "سيتم كذلك التحرك على المستويين العربي والدولي، وسيتم التوجه لمجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، لاتخاذ القرارات المصيرية الهادفة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة حسب القانون والشرعية الدوليين، والمؤسسات الدولية الخاصة بتطبيق القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان".

وأشارت القيادة الفلسطينية إلى أنه "سيتم التواصل مع الأحزاب العربية والدولية كافة، والمنظمات الدولية، بما في ذلك تحريك الملفات لدى المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى التواصل مع دول العالم كافة، وإرسال رسائل هامة تتعلق بضرورة اتخاذ مواقف قوية وواضحة بشأن القرارات الأميركية من القدس والاستيطان وباقي القضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية، لاتخاذ مواقف داعمة للموقف الفلسطيني والقانون والشرعية الدوليين وحفظ الأمن والسلم الدوليين".

وأكدت القيادة الفلسطينية أهمية "وضع آليات لتنفيذ القرار الأممي رقم 2334 الخاص بإدانة الاستيطان واعتباره غير شرعي وفق القانون الدولي، إضافة إلى استكمال الانضمام إلى المنظمات الدولية الهامة، والتي تشكل تحدياً هاماً".

تنديد

بدوره، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، إن "الموقف الأميركي المتعلق بالاستيطان انقلاب على قرارات الشرعية الدولية، ويضع إدارة ترامب في مواجهة مع القانون الدولي".

وأكد مجدلاني، في بيان صحافي، أن "هذا الإعلان الأميركي يتعارض مع القانون الدولي والشرعية الدولية، ويكشف عن الوجه الحقيقي للشراكة التامة بين إدارة ترامب ودولة الاحتلال"، وقال: "هذه الإدارة تسابق الاحتلال القائم بفرض قوانين عنصرية ضد شعب تحت الاحتلال".

وشدد مجدلاني على أن "الإدارة الأميركية لا تعطي أية شرعية ولا تنشئ حقا للاحتلال، وما تعلنه هو انقلاب على الشرعية الدولية ومواقف الإدارة الأميركية السابقة، التي كانت تعتبر الاستيطان غير شرعي ويعيق عملية السلام".

وقال مجدلاني: "إن الإدارة الأميركية فقدت أهليتها لأن تكون طرفا وشريكا أو راعيا للسلام"، داعيا كافة دول العالم لإدانة ورفض هذا القرار الذي لا وظيفة له سوى دعم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقوى التطرف اليمني في إسرائيل، مؤكدا أن إدارة ترامب تتحمل كافة التداعيات الناجمة عن ذلك.

من جهتها، استهجنت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي بشدة تصريحات بومبيو باعتبار الاستيطان لا يخرق القانون الدولي، مؤكدة أن هذه التصريحات ليست لها أية صلاحية قانونية.

وقالت عشراوي، في بيان لها، اليوم الثلاثاء: "لا يحق للولايات المتحدة الأميركية إعادة كتابة القانون الدولي وتشويه النظام الدولي القائم على القواعد والأسس، بناءً على ميولها الأيديولوجية المشوّهة".

 

وأضافت: "تشكل المستوطنات الإسرائيلية انتهاكًا خطيرًا وصارخا للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، كما أنها تعد جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي، وهذه حقائق ومسلمات لا يمكن لإدارة ترامب تغييرها أو محوها".

وأشارت عشراوي إلى أن "هذا الإعلان يؤكد من جديد أن إدارة ترامب تشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، كما أنها داعم وشريك في الجرائم الإسرائيلية وتوفر غطاءً سياسيًا لانتهاكات دولة الاحتلال المتصاعدة"، مشددة على أنه "يتوجب على المجتمع الدولي مواجهة هذا الجنوح السياسي الخطير الذي يهدد المنطقة والعالم برمته".

من جهتها، قالت حركة "فتح" في بيان، إن "إعلان الإدارة الأميركية شرعنة الاستعمار الاستيطاني في أراضي دولة فلسطين المحتلة، حبر على ورق ولن يخلق حقا كسابقاته من القرارات الغاشمة، وهو مدان ومرفوض ومخالف للقانون والشرعية الدولية".

وأوضح المتحدث باسم "فتح" أسامة القواسمي، في تصريح صحافي، أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب يسعى إلى إلغاء القانون الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإيجاد مرجعيات جديدة تستند إلى الباطل ومخالفة القانون والإجماع الدوليين.

وذكر القواسمي بـ"رفض العالم أجمع لكافة القرارات الأميركية السابقة المتعلقة بالقدس والأونروا"، مشددا على أن "الموقف الفلسطيني لن يتغير برفض الاستعمار الاستيطاني ومقاومته، والدعوة لمقاطعته تماما، باعتباره جريمة ومخالفا لكافة المواثيق والقوانين الدولية".

وأيضا، أكدت حركة "فتح"، في بيان صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة، الثلاثاء، أن "الشعب الفلسطيني لن يرضخ لإدارة ترامب الصهيونية وإرهابها السياسي، وسيواصل كفاحه حتى يكنس الاحتلال والاستيطان، ويحقق هدفه بالحرية والاستقلال".

وأضافت أن "هذه التصريحات يرفضها شعبنا جملة وتفصيلاً، وكأنها لم تكن، فهي لن تغير في الواقع القانوني الخاص بالأرض الفلسطينية المحتلة شيئاً، فالاستيطان كان وسيبقى غير شرعي وغير قانوني، ووجوده يمثل انتهاكاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، التي اعتبرت الاستيطان في كافة قراراتها، بأنه غير قانوني ويجب تفكيكه خاصة في القدس المحتلة، مؤكدة أن شعبنا سيفشل هذا الاعلان كما أفشل "صفقة القرن".

ودعت "فتح" الأمم المتحدة إلى إصدار موقف يرفض التصريحات، مؤكدة أن الاستيطان انتهاك للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

من جانبها دعت الجهبة الديمقراطية لتحرير فلسطين، السلطة الفلسطينية إلى وقف ما يسمى بـ"التنسيق الأمني" مع وكالة المخابرات الأميركية، فيما أكدت أنه "آن الأوان للتوقف عن الرد اللفظي المجاني على التصريحات والسياسات الأميركية، وبات على السلطة الفلسطينية وقيادتها، والتي بيدها زمام القرار السياسي، الانتقال من الرفض الكلامي إلى الاشتباك السياسي الميداني في المحافل الدولية".

وقالت الديمقراطية في بيان لها، "إنه لشديد الغرابة أن تقوم حركة تحرر وطني، كحركة التحرر الوطني الفلسطينية، بالتنسيق مع دولة ترعى الاحتلال وتدعمه بكل الأشكال وتوفر الغطاء لسياساته في التهام الأرض الفلسطينية وقتل شعبه".

ووصفت الجبهة الديمقراطية تصريحات وزير خارجية إدارة ترامب، حول المستوطنات، بأنها خطوة على طريق نسف القوانين الدولية وقرارات الشرعية الدولية، داعية الأمم المتحدة لتنفيذ قرار مجلس الأمن حول وقف الاستيطان وإدانته في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفرض العقوبات على دولة الاحتلال، ودعت إلى تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي لتحديد العلاقة مع دولة الاحتلال، ودعت لنقل القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة بالدعوة إلى مؤتمر دولي لحل المسألة الوطنية، بموجب قرارات الشرعية الدولية.