يبدو أنّ النظام السوري يعرقل عودة الفلسطينيين إلى مخيم اليرموك، كما ينقل عدداً من سكانه، في ظل عمله على إفراغ جنوب دمشق من الوجود الفلسطيني، في وقت يرغب عدد من أهالي اليرموك بالعودة إليه، وإن كانت بيوتهم مدمّرة
قبلَ 63 عاماً، تأسّس مخيّم اليرموك للّاجئين الفلسطينيّين في سورية، وتحديداً في عام 1957، ولُقّب بعاصمة الشتات لكونه أكبر تجمع للفلسطينيين في تغريبتهم. وبعد عام 2011، بدأ النظام السوري الانتقام من سكّان المخيّم، فحوصر ودُمّر حتى تهجير آخر من تبقّى من سكانه في عام 2018.
ويقول مصدر محلّي من سكان اليرموك لـ "العربي الجديد" إن النظام يُعرقل عودة الأهالي لأسباب تتعلّق بسياسته الهادفة إلى إفراغ جنوب دمشق من الوجود الفلسطيني، إذ يعمل على تفكيك المخيم وتبديد سكانه عبر القتل والاعتقال والتشريد والتهجير داخل سورية وخارجها. وتفيد إحصائيّات بمقتل أكثر من 4000 فلسطيني في سورية منذ عام 2011، ومثلهم تقريباً من المعتقلين في سجون النظام السوري، فيما بات أكثر من نصف الفلسطينيين الذين كانوا في سورية خارجها، ومعظمهم من مخيم اليرموك.
ويوضح المصدر: "أصدر النظام في الفترات الأخيرة قرارات تقضي بتبعيّة المخيم لمحافظة دمشق، بعدما كان له وضع إداري خاص، وكان يدار من قبل اللجنة المحليّة في المخيم التي يرأسها عادة شخص فلسطيني، بالتنسيق مع الإدارة المحلية في حكومة النظام ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)".
ويشير المصدر إلى أن "النظام سعى خلال الفترة الماضية إلى تفريغ جنوب دمشق من سكانها (الفلسطينيين والنازحين من الجولان)، حيث كان يقطن في هذه المنطقة نحو مليون ونصف المليون شخص يشكلون من وجهة نظر النظام خطراً ديموغرافياً وأمنياً على العاصمة دمشق. لذلك، لجأ الى تدمير هاتين المنطقتين بشكل شبه كامل، ومن دون مبررات عسكرية، ثم عمد عبر قواته واللجان التي تتبع له إلى نهب المناطق المدمرة بشكل علني من أجل دفع سكانها إلى الهجرة وعدم التفكير بالعودة".
يتابع المصدر: "حاولت السلطة الفلسطينية في رام الله التواصل مع النظام من خلال إرسال العديد من المبعوثين إلى دمشق بهدف الاتفاق على مستقبل المخيم وعودة الأهالي، وقد تلقى النظام مبلغ مليوني دولار من السلطة لإزالة الردم، لكنه أزال الردم من الشارع الرئيسي في المخيم فقط، وادعى أن المبلغ قد نفد. كما أن الأونروا تحاول باستمرار التواصل مع النظام من أجل السماح لها بترميم منشآتها التعليميّة والصحية في المخيم استعداداً لعودة الأهالي. لكنّ النظام ما زال يعتمد سياسة المماطلة معها، محاولاً استجرار المال من المنظمة الدولية من دون أي تعاون فعلي على الأرض".
اقــرأ أيضاً
وسمحت قوّات النظام السوري لبعض المنتمين إلى المليشيات الموالية له، بالسكن في بعض بيوت المخيّم غير المدمّرة أو المدمرة جزئياً، خصوصاً تلك القريبة من حي الميدان، علماً أنّهم الوحيدون المقيمون في المخيّم حالياً، إضافة إلى بضع عائلات لم تغادر المخيّم أصلاً خلال السنوات الماضية. وبطبيعة الحال، فإنّ من تبقى من سكّان المخيّم يأملون السماح لهم بالعودة إلى مناطقهم، وترميم منازلهم ولو على نفقتهم الخاصة، بعد نهبها بالكامل خلال العامين الماضيين على خلفية سيطرة قوات النظام على المخيم.
اضطرّ محمد أبو كريم إلى مغادرة المخيّم في عام 2013، ليقيم مع عائلته في إحدى البلدات التابعة لمحافظة القنيطرة. ويتحدّث لـ "العربي الجديد" عن حياته خارج المخيم، قائلاً: "ولدت في المخيم وعشت فيه لأكثر من 35 عاماً، وخرجت منه تاركاً ذكريات الطفولة والشوارع التي أحفظ أزقتها عن ظهر قلب، لأعيش نزوحاً قد يكون موروثاً عن أهلي. وهذا النزوح أجبرني عليه من ادعى أنه كان يحميني ويحمي عائلتي من العدو الإسرائيلي".
ويوضح: "اليوم، أعمل بأجر يومي لإعالة أسرتي حالي حال جميع السوريين. أُعاني بسبب الوضع المعيشي الصعب، وأحنّ إلى بيتي وأسرتي المشتّتة خارج سورية وداخلها. لديّ أمل كبير بالعودة إلى المخيم والبدء من جديد، وإن كان الواقع مغايراً لما أقوله". ويستبعد أن تكون هناك عودة قريبة للأهالي إلى مخيم اليرموك، باعتبار أن أكثر من نصف سكان المخيم أصبحوا اليوم خارج سورية، وعودة من في الداخل قد تكون بائسة، ولُعبة من قبل النظام لاستغلال العائدين للحصول على الأموال بهدف إعادة الإعمار".
ومارس النظام سياسة حصار وتجويع المخيم أواخر عام 2013. يوضح محمد أبو صيام صفور، المهجّر من المخيم والمقيم في مخيم الشبيبة في ريف حلب الشمالي، أنّ النظام بدأ بتجويع سكان المخيّم حتى أُجبروا على أكل القطط وعشبة رجل العصفورة (من الأعشاب الطبيعية)، ما أدّى إلى تسمّم كثيرين، مشيراً إلى وفاة 275 شخصا بسبب الجوع.
بدوره، يُوضح علي أحمد الذي عايش مجزرة الميغ (تسمى أيضاً مجزرة جامع عبد القادر الحسيني) منتصف ديسمبر/ كانون الأول عام 2012، أن النظام "تعامل بشكل دموي مع أهالي المخيم، وكان عدواً لهم كونهم وقفوا إلى جانب الشعب السوري رافضين الظلم والقهر".
اقــرأ أيضاً
ويقول أحمد لـ "العربي الجديد": "اليوم، بيتي في المخيم مدمر، وتحول تعب سنوات إلى أنقاض من خلال قصف الطائرات وقذائف المدفعية. كلّ ما أرجوه في الوقت الحالي كمهجر الحصول على بيت أشعر فيه بالأمان حالي حال الكثير من السوريين ممن عايشوا القصف والتهجير والجوع. فمن ظلمهم ظلمنا ومن هجرهم هجرنا وأجبرنا على ترك بيوتنا. اليوم، نحن محرومون من الذهاب إلى المخيم وحتى إن كنا نعيش على بعد كيلومترات قليلة بعيداً عنه في دمشق".
وكانت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" نقلت عن مدنيين في مخيم اليرموك قولهم إنّ قوات النظام السوري منعتهم من الوصول إلى المقبرة القديمة في مخيم اليرموك لزيارة قبور موتاهم خلال عيد الفطر. وقال عدد من أبناء المخيم للمجموعة إنهم حاولوا الدخول من جهة شارع الثلاثين، لكن حاجز النظام الموجود عند فرن صيام منعهم من دخول الشارع الذي يؤدي إلى المقبرة. وهذا الأمر طبق قبل نحو عامين على أهالي المخيم الذي دمر نحو 80 في المائة منه بسبب قصف النظام وروسيا.
ويقول مصدر محلّي من سكان اليرموك لـ "العربي الجديد" إن النظام يُعرقل عودة الأهالي لأسباب تتعلّق بسياسته الهادفة إلى إفراغ جنوب دمشق من الوجود الفلسطيني، إذ يعمل على تفكيك المخيم وتبديد سكانه عبر القتل والاعتقال والتشريد والتهجير داخل سورية وخارجها. وتفيد إحصائيّات بمقتل أكثر من 4000 فلسطيني في سورية منذ عام 2011، ومثلهم تقريباً من المعتقلين في سجون النظام السوري، فيما بات أكثر من نصف الفلسطينيين الذين كانوا في سورية خارجها، ومعظمهم من مخيم اليرموك.
ويوضح المصدر: "أصدر النظام في الفترات الأخيرة قرارات تقضي بتبعيّة المخيم لمحافظة دمشق، بعدما كان له وضع إداري خاص، وكان يدار من قبل اللجنة المحليّة في المخيم التي يرأسها عادة شخص فلسطيني، بالتنسيق مع الإدارة المحلية في حكومة النظام ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)".
ويشير المصدر إلى أن "النظام سعى خلال الفترة الماضية إلى تفريغ جنوب دمشق من سكانها (الفلسطينيين والنازحين من الجولان)، حيث كان يقطن في هذه المنطقة نحو مليون ونصف المليون شخص يشكلون من وجهة نظر النظام خطراً ديموغرافياً وأمنياً على العاصمة دمشق. لذلك، لجأ الى تدمير هاتين المنطقتين بشكل شبه كامل، ومن دون مبررات عسكرية، ثم عمد عبر قواته واللجان التي تتبع له إلى نهب المناطق المدمرة بشكل علني من أجل دفع سكانها إلى الهجرة وعدم التفكير بالعودة".
يتابع المصدر: "حاولت السلطة الفلسطينية في رام الله التواصل مع النظام من خلال إرسال العديد من المبعوثين إلى دمشق بهدف الاتفاق على مستقبل المخيم وعودة الأهالي، وقد تلقى النظام مبلغ مليوني دولار من السلطة لإزالة الردم، لكنه أزال الردم من الشارع الرئيسي في المخيم فقط، وادعى أن المبلغ قد نفد. كما أن الأونروا تحاول باستمرار التواصل مع النظام من أجل السماح لها بترميم منشآتها التعليميّة والصحية في المخيم استعداداً لعودة الأهالي. لكنّ النظام ما زال يعتمد سياسة المماطلة معها، محاولاً استجرار المال من المنظمة الدولية من دون أي تعاون فعلي على الأرض".
وسمحت قوّات النظام السوري لبعض المنتمين إلى المليشيات الموالية له، بالسكن في بعض بيوت المخيّم غير المدمّرة أو المدمرة جزئياً، خصوصاً تلك القريبة من حي الميدان، علماً أنّهم الوحيدون المقيمون في المخيّم حالياً، إضافة إلى بضع عائلات لم تغادر المخيّم أصلاً خلال السنوات الماضية. وبطبيعة الحال، فإنّ من تبقى من سكّان المخيّم يأملون السماح لهم بالعودة إلى مناطقهم، وترميم منازلهم ولو على نفقتهم الخاصة، بعد نهبها بالكامل خلال العامين الماضيين على خلفية سيطرة قوات النظام على المخيم.
اضطرّ محمد أبو كريم إلى مغادرة المخيّم في عام 2013، ليقيم مع عائلته في إحدى البلدات التابعة لمحافظة القنيطرة. ويتحدّث لـ "العربي الجديد" عن حياته خارج المخيم، قائلاً: "ولدت في المخيم وعشت فيه لأكثر من 35 عاماً، وخرجت منه تاركاً ذكريات الطفولة والشوارع التي أحفظ أزقتها عن ظهر قلب، لأعيش نزوحاً قد يكون موروثاً عن أهلي. وهذا النزوح أجبرني عليه من ادعى أنه كان يحميني ويحمي عائلتي من العدو الإسرائيلي".
ويوضح: "اليوم، أعمل بأجر يومي لإعالة أسرتي حالي حال جميع السوريين. أُعاني بسبب الوضع المعيشي الصعب، وأحنّ إلى بيتي وأسرتي المشتّتة خارج سورية وداخلها. لديّ أمل كبير بالعودة إلى المخيم والبدء من جديد، وإن كان الواقع مغايراً لما أقوله". ويستبعد أن تكون هناك عودة قريبة للأهالي إلى مخيم اليرموك، باعتبار أن أكثر من نصف سكان المخيم أصبحوا اليوم خارج سورية، وعودة من في الداخل قد تكون بائسة، ولُعبة من قبل النظام لاستغلال العائدين للحصول على الأموال بهدف إعادة الإعمار".
ومارس النظام سياسة حصار وتجويع المخيم أواخر عام 2013. يوضح محمد أبو صيام صفور، المهجّر من المخيم والمقيم في مخيم الشبيبة في ريف حلب الشمالي، أنّ النظام بدأ بتجويع سكان المخيّم حتى أُجبروا على أكل القطط وعشبة رجل العصفورة (من الأعشاب الطبيعية)، ما أدّى إلى تسمّم كثيرين، مشيراً إلى وفاة 275 شخصا بسبب الجوع.
بدوره، يُوضح علي أحمد الذي عايش مجزرة الميغ (تسمى أيضاً مجزرة جامع عبد القادر الحسيني) منتصف ديسمبر/ كانون الأول عام 2012، أن النظام "تعامل بشكل دموي مع أهالي المخيم، وكان عدواً لهم كونهم وقفوا إلى جانب الشعب السوري رافضين الظلم والقهر".
ويقول أحمد لـ "العربي الجديد": "اليوم، بيتي في المخيم مدمر، وتحول تعب سنوات إلى أنقاض من خلال قصف الطائرات وقذائف المدفعية. كلّ ما أرجوه في الوقت الحالي كمهجر الحصول على بيت أشعر فيه بالأمان حالي حال الكثير من السوريين ممن عايشوا القصف والتهجير والجوع. فمن ظلمهم ظلمنا ومن هجرهم هجرنا وأجبرنا على ترك بيوتنا. اليوم، نحن محرومون من الذهاب إلى المخيم وحتى إن كنا نعيش على بعد كيلومترات قليلة بعيداً عنه في دمشق".
وكانت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" نقلت عن مدنيين في مخيم اليرموك قولهم إنّ قوات النظام السوري منعتهم من الوصول إلى المقبرة القديمة في مخيم اليرموك لزيارة قبور موتاهم خلال عيد الفطر. وقال عدد من أبناء المخيم للمجموعة إنهم حاولوا الدخول من جهة شارع الثلاثين، لكن حاجز النظام الموجود عند فرن صيام منعهم من دخول الشارع الذي يؤدي إلى المقبرة. وهذا الأمر طبق قبل نحو عامين على أهالي المخيم الذي دمر نحو 80 في المائة منه بسبب قصف النظام وروسيا.