فلسطينيات يضطررن إلى العمل الشاق لإعالة أسرهن

18 فبراير 2019
صابرين المدهون تعمل بالزراعة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

 

يدفع العوز الفلسطينية ريم بريك إلى العمل يومياً في الزراعة، بل تضطر في مرات كثيرة إلى المشي مسافة لا تقل عن ثلاثة كيلومترات نحو الأراضي الزراعية في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة. تعتبرها فرصة عمل مؤقتة ومضطرة إليها في ظل حاجتها إلى إعالة أسرتها المكونة من ستة أفراد.

ورغم عدم خبرتها في مجال الزراعة إلا أنها لم ترفض الفرصة التي حصلت عليها وداومت على الخروج صباح كل يوم والعمل ستّ ساعات في جني الثمار والتعشيب والتوريق بعدد من الأراضي الزراعية لأجل الحصول على دخل شهري تعتبر يومه "عيداً لدى أبنائها"، وفق قولها لـ"العربي الجديد".

تتفهم بريك أن عملها في هذا المجال مرهق لها، لكنها مضطرة لمساعدة زوجها في مصروف أبنائها الستة، خصوصاً مع تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في غزة. حتى أن العائد المادي التي تحصل عليه تعتبره قليلاً بالنظر إلى عملها والذي يصل إلى 40 شيكلاً (الدولار يعادل 3.64 شيكل) يومياً ولكن "شيء أفضل من لا شيء"، كما تضيف.

وبخلاف أن عمل المرأة الفلسطينية في الزراعة أصيل ومتجذر في هويتها الوطنية، يتجه بعضهن إلى العمل في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة لأجل توفير مصدر دخل يساعد في إعالة أسرهن في ظل تفشي البطالة وندرة فرص العمل وتردي الأوضاع المعيشية وصولاً إلى الفقر المتفشي في غزة.

صابرين المدهون تعمل أيضاً في مجال الزراعة ووجدت هذا العمل فرصة لتوفير مصروفها الخاص ومساعدة أخيها في إعالة أبنائه في ظل تفشي البطالة بينهم. تقول لـ"العربي الجديد"، إنها "تساعده بما تحصل عليها نظير عملها في ذلك المجال لكونه عاطلاً عن العمل وأولاده خريجو جامعات لم يحصلوا على وظائف".

وقبل أن تحصل المدهون على فرصة عمل مؤقتة أخيراً وفي مجال الزراعة، ظلّت 17 عاماً تشكو البطالة وندرة الفرص، وحينما سنحت الفرصة وجدت نفسها عاملةً في الأراضي الزراعية تلتقط حبّات الفراولة وتعمل على تعشيب الشجر يومياً دون كلل ولا ملل، فالعوز هو دافع مشترك لديها كما سابقتها.

وتنظر المدهون لمثل هذه الفرص وإن كانت في الزراعة على أنها محاولة للنجاة من طابور البطالة الممتد على طول قطاع غزة، وحبّات الفراولة التي تلتقطها أثناء عملها تجعلها تبتسم وتخفف عنها وحشة الحياة الصعبة وشكواها من العوز.

ويعد قطاع الزراعة المشغل الرئيسي للنساء العاملات ويحتل المرتبة الثانية في استيعاب النساء العاملات بعد الخدمات، وتوفر الزراعة للمرأة 11.5 في المائة من فرص العمل، وفق دراسة سابقة حول "واقع وحقوق المرأة المزارعة" في فلسطين.

وفي 30 يناير/كانون الثاني الماضي، أكد وزير العمل الفلسطيني مأمون أبو شهلا أن معدل البطالة في صفوف النساء في قطاع غزة ارتفع إلى 73 في المائة.

وأظهرت إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن الارتفاع في معدلات البطالة للنساء أكثر منه للرجل وازدادت هذه الفجوة في السنوات الأخيرة، إذ بلغ المعدل للذكور 22.5 في المائة في العام 2017، بينما بلغ معدل البطالة للإناث 47.8 في المائة للعام نفسه.

وذكر الجهاز أن نسبة البطالة في غزة ارتفعت من 39.8 إلى 61.2 في المائة، خلال الفترة ما بين عامي 2007 و2017. وأشار الجهاز إلى أن أكثر من ثلث الشباب في غزة يرغبون في الهجرة إلى الخارج، إذ تدفع الأوضاع السائدة الشبابَ إلى الهجرة، وسجلت 37 في المائة في غزة مقارنة بـ 15 في المائة في الضفة الغربية. ويعيش قطاع غزة أوضاعاً اقتصادية صعبة بفعل اشتداد الحصار الإسرائيلي المستمر على غزة منذ 2006 وفرض السلطة الفلسطينية عقوبات على القطاع منذ أكثر من عام ونصف العام، ما زاد معاناة السكان وازدادت أحوالهم بؤساً مع إعلان مؤسسات إغاثية عالمية تقليص تمويلها للقطاع.

المساهمون