فلاح إبراهيم: المونودراما محنة ثلاثية

01 يوليو 2015
المخرج في أحد عروضه
+ الخط -

بدأت مسيرته في 1977، إلا أن فلاح إبراهيم (1962)، الذي درس الإخراج المسرحي في كلية الفنون الجميلة في بغداد، انشغل بالتمثيل ولم يبدأ تجربة الإخراج إلا سنة 2000. ولعل "الهجرة إلى الحب" و"خريف الجنرالات" و"حرير" هي أهم أعماله.

يتسلّح المخرج العراقي بمقولة أحد أساتذته البريطانيين: "المخرج الذي لا يحلم، لا يرتقي بالممثل". يحب إبراهيم أن يطبّق هذه المقولة على الجمهور أيضاً، بمعنى خاص لـ "الحلم". في لقائه مع "العربي الجديد" يقول: "على المخرج أن يقرأ النص ثم يحلم به، يتصوّره كاملاً، يعيشه حلماً، ثم يشارك الممثلين به ثم يذهب الممثلون بالحلم إلى الجمهور".

يتوالد هذا الحلم مع كل عرض، يضيف "إذا كان في القاعة مائة مشاهد، فمن المؤكد أننا سنخرج من القاعة بمائة حلم. وكل حلم ستنعكس فيه ثقافة المشاهد ووعيه وحالته النفسية وفهمه للأشياء. عندما تقدم شيئاً واضحاً فلن تجد سوى رأي واحد حوله".

ما يعيق تراكم هذه القراءات والأحلام، بالنسبة لإبراهيم، هو حجم جماهيرية المسرح اليوم، فـ "التلفزيون الذي احتكر الجذب الجماهيري لا يمرّر المسرح، مما يجعل أي عمل مسرحي يعرض عشر مرّاتٍ أو عشرين مرة، ثم يمر الفنان إلى عمل جديد، وفي كل مرة لا يمس إلا فئة قليلة".

لكن إبراهيم يشير إلى أن المسرح ليس في حاجة فقط إلى الجماهيرية الموسّعة، إذ يحتاج قبل ذلك إلى نقد سليم وممنهج. يقول "الناقد عنصر رئيسيّ في العملية المسرحية، أعني ذلك الناقد الذي يدرس الفكر الإخراجي، هل رافق النص، هل تحدّاه، هل تجاوزه؟ كما يدرس الأداء التنفيذي، هل صبّ في مصلحة الإخراج؟ هل اتفق مع فكرة المخرج ورؤاه؟".

إضافة إلى هذه المعيقات الخارجية، يعترف المخرج العراقي بنقائص داخل المُنتَح المسرحي نفسه. يذكر في هذا الصدد "التركيز المفرط على البعد الحواري، وهو أمر لم يضر بالمسرح وحده وإنما أيضاً بالسينما العربية".

يلاحظ إبراهيم سيطرة المونودراما على المسرح العربي في السنين الأخيرة. ورغم أن لديه أعمالاً ضمن هذا النمط المسرحي، إلا انه يقول "لا أحب المونودراما في المسرح لأنني أعتبرها جنوناً، فالإنسان الذي يكلّم نفسه بصوت مسموع يمثل وضعية شاذة على الحياة، هو مثل المجنون. رغم ذلك أخرجتُ مسرحية (حرير) للفنانة ليلى محمد".

يعتبر إبراهيم "المونودراما محنة ثلاثية: محنة المخرج ومحنة الممثل ومحنة المشاهد. فالمخرج يعاني ليفهم ما أراده الكاتب، ثم يأتي الدور على الممثل وأخيراً يعاني المشاهد حتى يفهم. ينبغي على هذا المتفرّج أن يفهم أن المؤدي حين يغير صوته أو ملابسه فهو يعني انتقاله إلى شخصية أخرى. هذه التفاصيل قد لا تصل إلى المشاهد، وهو ما يدخل العمل في مسار من المعاناة".

لعل هذا التعقيد هو ما يبرّر نفور إبراهيم من المونودراما، وهو تعقيد يسري على مجمل المشهد المسرحي العربي، مما يطرح إشكالية تناسُب الخطاب المسرحي مع الذائقة الجماهيرية ودرجة الفهم.

المساهمون