27 سبتمبر 2018
فقر وثورة
كنا في إيران، وها أننا نتابع الوضع في تونس، وكذلك في السودان، وقبلها في المغرب، والسبب في كل هذا الحراك واحد: زيادة الضرائب وزيادة الأسعار. حيث حفلت ميزانيات هذه الدول، ودول أخرى لم تدخل على خط الحراك بعد، بزيادات في الضرائب وفي الأسعار، وميل شديد إلى الخصخصة. وهي السياسة المرتبطة بشروط صندوق النقد الدولي، والتي على ضوئها يسمح بتقديم قروض للدول.
تبرّر كل هذه الدول الخطوات الجديدة بالأزمة الاقتصادية، وضعف الموارد والحاجة للاستدانة، وهي تضغط على الشعب، لكي يتحمل وزر ذلك، على أساس أن هذه السياسة سوف تفضي إلى تجاوز الأزمة، وتحقيق "الرفاه". حيث يجب "عصر" الشعب من أجل "تجاوز الأزمة". لكن هل بقي ما "يُعصر" عند الشعب؟ لقد "عُصر" إلى حدّ أنه قام بثورة في تونس، هذه الأيام هي ذكراها السابعة، وامتدت إلى مصر واليمن والبحرين وليبيا وسورية حينها. فهل يحتمل "عصراً" جديداً؟
ما يمارَس هو سياسات طبقة مسيطرة، تريد سرقة الديون التي تُلقى أعباؤها على الدولة، ومن ثم الشعب، وتنهب الشعب بزيادة استغلاله عبر الضرائب التي يُسرق جزء منها، ويذهب الجزء الآخر سدادا لأقساط وفوائد الديون، كما عبر رفع أسعار السلع التي يحتكرها مافيوز سلطوي. بالتالي، لا يتعلق الأمر بشروط صندوق النقد الدولي فقط، بل بمصالح الطبقة المسيطرة التي أقامت اقتصاداً يصبّ في تمركز الثروة بيدها، وينزح جزء كبير منه إلى الطغم الإمبريالية، وهي تزيد من هذا التمركز، لأن التراكم العالمي بات متسارعاً بشكلٍ لا مثيل له. وهي لكي تبقى مسيطرةً تحتاج إلى مسارعة التراكم كذلك، وليس من خيار سوى النهب المتزايد للشعب. لهذا تخصخص ما تبقى بيد الدولة، والذي هو "معطى طبيعي" للشعب، مثل التعليم والصحة والخدمات العامة، وهو السبب الذي يجعل الشعب يدفع الضريبة، هذه الضريبة التي هي من أجل خدماته العامة والتعليم والصحة، والتي تتكفل بها الدولة. بمعنى أن الطبقة المافيوزية المسيطرة باتت تتخلى عن دور "طبيعي" للدولة، عبر خصخصة كل هذه القطاعات. وفي الوقت نفسه، ما زالت تتحصّل على الضرائب، وتزيد منها بشكل متسارع، لتصبح هي الدخل الرئيسي لميزانية الدولة.
هذه الوضعية هي التي توجد الفارق الطبقي الكبير بين أقلية تتحكّم في معظم الثروة، وتراكم الرأسمال، وأغلبية كبيرة من الشعب لا تعرف كيف تعيش. تعيش حالة إملاق مريع، ويندفع جزء كبير منها نحو الموت جوعاً. هل بعد ذلك يمكن السؤال عن أسباب حراك الشعوب؟ أو قبول خطاب الطبقة المسيطرة الذي يعزو كل حراك إلى "مؤامرة" بعد أن تكون قد أوصلت الشعب إلى هذه الحالة؟
رأسمالية الأطراف كلها كذلك، ولم يعد لديها خيار في ظل التمركز العالمي عالي المستوى للثروة سوى أن تُمعن في النهب الفظيع. والنتيجة البسيطة أن الشعوب ستثور حتماً. هذا ما حدث في الموجة الأولى سنة 2011، وهو يفتح على موجةٍ ثانيةٍ بعد سبع سنوات. وسيبقى الوضع ثورياً إلى أن يُفرض بديل جذري، وليس من خيار عن بديل جذري، حيث ولكي تعيش الشعوب، لا بدّ من تجاوز الرأسمالية برمّتها.
ليس لدى النظم خيار سوى زيادة الضرائب ورفع الأسعار والخصخصة، فهي تريد مراكمة أضخم للثروة لطبقتها المسيطرة، وهذا يعني أن الشعوب ستنتفض، ستثور، بالحتم، ولا يسعى أحد إلى قبول نظرية المؤامرة التي هي "ضحكة سخيفة" يكرّرها إعلام النظم، للتغطية على عملية النهب التي تمارسها الطبقة المسيطرة، المافيا المسيطرة، والتي لا تستطيع سوى أن تزيد في نهب الشعوب، لكي تبقى مستقرّة في سلّم التراتبية كرأسمالية طرفية.
لم تعد الشعوب تطيق تحمُّل وضعها، هذه هي لحظة الثورة.
تبرّر كل هذه الدول الخطوات الجديدة بالأزمة الاقتصادية، وضعف الموارد والحاجة للاستدانة، وهي تضغط على الشعب، لكي يتحمل وزر ذلك، على أساس أن هذه السياسة سوف تفضي إلى تجاوز الأزمة، وتحقيق "الرفاه". حيث يجب "عصر" الشعب من أجل "تجاوز الأزمة". لكن هل بقي ما "يُعصر" عند الشعب؟ لقد "عُصر" إلى حدّ أنه قام بثورة في تونس، هذه الأيام هي ذكراها السابعة، وامتدت إلى مصر واليمن والبحرين وليبيا وسورية حينها. فهل يحتمل "عصراً" جديداً؟
ما يمارَس هو سياسات طبقة مسيطرة، تريد سرقة الديون التي تُلقى أعباؤها على الدولة، ومن ثم الشعب، وتنهب الشعب بزيادة استغلاله عبر الضرائب التي يُسرق جزء منها، ويذهب الجزء الآخر سدادا لأقساط وفوائد الديون، كما عبر رفع أسعار السلع التي يحتكرها مافيوز سلطوي. بالتالي، لا يتعلق الأمر بشروط صندوق النقد الدولي فقط، بل بمصالح الطبقة المسيطرة التي أقامت اقتصاداً يصبّ في تمركز الثروة بيدها، وينزح جزء كبير منه إلى الطغم الإمبريالية، وهي تزيد من هذا التمركز، لأن التراكم العالمي بات متسارعاً بشكلٍ لا مثيل له. وهي لكي تبقى مسيطرةً تحتاج إلى مسارعة التراكم كذلك، وليس من خيار سوى النهب المتزايد للشعب. لهذا تخصخص ما تبقى بيد الدولة، والذي هو "معطى طبيعي" للشعب، مثل التعليم والصحة والخدمات العامة، وهو السبب الذي يجعل الشعب يدفع الضريبة، هذه الضريبة التي هي من أجل خدماته العامة والتعليم والصحة، والتي تتكفل بها الدولة. بمعنى أن الطبقة المافيوزية المسيطرة باتت تتخلى عن دور "طبيعي" للدولة، عبر خصخصة كل هذه القطاعات. وفي الوقت نفسه، ما زالت تتحصّل على الضرائب، وتزيد منها بشكل متسارع، لتصبح هي الدخل الرئيسي لميزانية الدولة.
هذه الوضعية هي التي توجد الفارق الطبقي الكبير بين أقلية تتحكّم في معظم الثروة، وتراكم الرأسمال، وأغلبية كبيرة من الشعب لا تعرف كيف تعيش. تعيش حالة إملاق مريع، ويندفع جزء كبير منها نحو الموت جوعاً. هل بعد ذلك يمكن السؤال عن أسباب حراك الشعوب؟ أو قبول خطاب الطبقة المسيطرة الذي يعزو كل حراك إلى "مؤامرة" بعد أن تكون قد أوصلت الشعب إلى هذه الحالة؟
رأسمالية الأطراف كلها كذلك، ولم يعد لديها خيار في ظل التمركز العالمي عالي المستوى للثروة سوى أن تُمعن في النهب الفظيع. والنتيجة البسيطة أن الشعوب ستثور حتماً. هذا ما حدث في الموجة الأولى سنة 2011، وهو يفتح على موجةٍ ثانيةٍ بعد سبع سنوات. وسيبقى الوضع ثورياً إلى أن يُفرض بديل جذري، وليس من خيار عن بديل جذري، حيث ولكي تعيش الشعوب، لا بدّ من تجاوز الرأسمالية برمّتها.
ليس لدى النظم خيار سوى زيادة الضرائب ورفع الأسعار والخصخصة، فهي تريد مراكمة أضخم للثروة لطبقتها المسيطرة، وهذا يعني أن الشعوب ستنتفض، ستثور، بالحتم، ولا يسعى أحد إلى قبول نظرية المؤامرة التي هي "ضحكة سخيفة" يكرّرها إعلام النظم، للتغطية على عملية النهب التي تمارسها الطبقة المسيطرة، المافيا المسيطرة، والتي لا تستطيع سوى أن تزيد في نهب الشعوب، لكي تبقى مستقرّة في سلّم التراتبية كرأسمالية طرفية.
لم تعد الشعوب تطيق تحمُّل وضعها، هذه هي لحظة الثورة.