فعلتها لندن .. فهل تفعلها القاهرة؟

16 ابريل 2014
+ الخط -

مع التزايد المستمر لحجم الأصول المالية المدارة عبر أدوات وصيغ التمويل الاسلامي المختلفة والتي بلغت بنهاية عام 2013 ما يتجاوز حاجز 2 تريليون دولار، سعت وتسعى عدة دول إسلامية وغير إسلامية إلى الفوز بحصة كبيرة من هذا السوق المتنامي.

ففي عاصمة الضباب "لندن"، وأثناء انعقاد المنتدى الاقتصادي الإسلامي العالمي في نوفمبر/ تشرين الأول من العام الماضى، وبحضور أكثر من 1800 مسؤول اقتصادي وسياسي من مختلف أرجاء العالم، فاجأ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون المجتمعين أثناء حفل الافتتاح بالإعلان عن عزم الحكومة البريطانية السعي لجعل لندن تقف جنباً إلى جنب مع دبي وكوالالمبور كواحدة من العواصم الكبرى في التمويل الاسلامي.

حقيقة الأمر أن هذا السعي لم يكن مفاجئاً لمتابعي التطورات التى تشهدها لندن، فمنذ فترة طويلة تعمل لندن على تجهيز بنيتها الاساسية اللازمة لتحقيق هذا الهدف، فبريطانيا تتفوق على جميع الدول الغربية في التمويل والمصرفية الإسلامية حيث إن عدد البنوك الإسلامية في بريطانيا هو الأعلى مقارنة بجميع الدول الغربية، كما يوجد بها نحو 16 جامعة منها جامعات عريقة تقدم برامج دراسية في التمويل والمصرفية الإسلامية، ما يشكل رافداً لتوفير الكفاءات والخبرات التي تحتاج إليها المؤسسات المالية العاملة في هذا المجال.

وفي بريطانيا أيضاً 25 شركة محاماة تقدم خدمات واستشارات قانونية وفقاً للشريعة الإسلامية.

وقد أسهم التمويل الإسلامي في بناء القرية الأولمبية في لندن من خلال أدوات تمويلية كثيرة من ضمنها الصكوك، كما استثمرت ذراع ماليزية استثمارية نحو 400 مليون يورو في محطة بيتيرسا البريطانية للطاقة بينما استثمرت دبي نحو مليار ونصف مليار جنيه استرليني في أول مشروع لحاويات الموانئ المغمورة في بريطانيا بطرق متوافقة مع التمويل الإسلامي.

كما أن بورصة لندن من الأماكن المفضلة لقيد وتداول الصكوك المصدرة، ففي عام 2012 بلغت اصدارات الصكوك نحو 139 مليار دولار مقارنة بنحو 3.5 مليارات دولار عام 2003، أي بنمو بأكثر من أربعين مرة.
وضمن هذه الصكوك، هناك تقريباً 49 إصداراً مدرجاً في بورصة لندن بقيمة 34 مليار دولار.

ما سبق يعني باختصار، وبقراءة سريعة لما قامت به كوالالمبور عاصمة صناعة التمويل الإسلامي حالياً، يكشف ان الطريق ممهد تماماً أمام لندن لتحقيق هدفها.

فأي دولة ترغب في احتلال مكانة عالمية في هذه الصناعة عليها أن تقوم بخمس خطوات تأسيسية لازمة وهي:

(1) العمل لتحقيق الهدف ضمن رؤية متكاملة وواضحة وبإيعاز واشراف ودعم مباشر من الحكومة.

 (2) توفير البيئة القانونية والتنظيمية والرقابية الداعمة لنمو الصناعة.

 (3) تعزيز الالتزام بأحكام الشريعة ضمن أطر تنظيمية واضحة.
(4) الاهتمام بعمليات تطوير الصناعة المالية الإسلامية.

 (5) الاهتمام بتوفير التدريب والتعليم فى مجال الصناعة المالية الاسلامية.

والسؤال الذى يطرح نفسه الآن، في ظل هذا السع] من بريطانيا وغيرها من الدول، هل تقوم القاهرة بسعىٍ مماثل حيث كان للقاهرة فضل السبق عالمياً في التأصيل لفكرة البنوك الاسلامية عبر تجربة (بنوك الادخار) الرائدة، والتي قام عليها د. أحمد عبدالعزيز النجار ـ رحمه الله ـ، كما أن لديها حالياً الحد الأدنى من المقومات التي يمكن البناء عليها لتطوير هذه الصناعة الواعدة، والتي يتسابق الجميع للحصول على مراكز بارزة ضمن خريطتها الدولية الواسعة... أم أن الأمر لا يشغل بال القاهرة حالياً؟!.

*أحمد حسن النجار

المدير العام للجمعية المصرية للتمويل الاسلامي ومستشار وزير المالية لشؤون التمويل الاسلامي والصكوك (سابقاً)

 

دلالات
المساهمون