وفي الأسبوع الماضي، نشرت صحيفة "لوكنار أونشينيه" تحقيقا يكشف لجوء مقربين من الأمين العام لنقابة "قوة عمالية"، باسكال بافاجو، ابتداءً من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2016، إلى التجسس على العديد من رفاقه، من مسؤولي النقابة، وتسجيل معلومات عنهم في جذاذات (دفاتر صغيرة). وشمل هذا الإجراء، الذي هو من صميم العمل البوليسي والاستخباراتي، نحو 126 عضوا في النقابة.
وكشفت الصحيفة الفرنسية، التي استطاعت الوصول إلى هذه الجذاذات، عن تضمنها صُوَر المعنيين وأرقامهم الهاتفية، ومعلومات تتضمن توجهاتهم السياسية. وهكذا وضعت توصيفات على الصور، من قبيل: "هذا اشتراكي"، و"هذا يميل إلى اليمين"، وآخر: "فوضوي"، وآخر "ينتمي إلى الماسونية" وغيره.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل دخلت في الأمر الميول الجنسية لهؤلاء الضحايا. إضافة إلى تعليقات وأحكام قيمة، صعبة التحمّل، من قبيل "ساذج" و"سيئ" و"عصي على التأثير"، و"مزور" و"شرس الطباع" و"في منتهى الغباء"، و"مافيوزي (عصابي)"، و"سارق المحفظات الشخصية".
في المقابل، أُشير إلى بعض النقابيين من أنصار الأمين العام، بكثير من التعاطف والتقدير، من نوع "يَدينُ لباسكال بافاجو" و"يحظى بتقدير باسكال بافاجو"، و"يَمقُتُ جان كلود مايلي"، في إشارة إلى الأمين العام السابق للنقابة.
وإذا كان الأمين العام باسكال بافاجو، انتقد هذه الإجراءات واعتبرها: "غباءً كبيرا" وخطأ كبيرا"، إلا أنه ألقى باللائمة على مساعدتَيه الطائشتين، رغم أنه، كما كشفت صحيفة لوكنار أونشينيه في طبعة اليوم 17 أكتوبر/تشرين الأول، ثبّتهما في الشغل وكافأهما بمرتب شهري خالص يصل إلى 4500 يورو.
كما تذرّع الأمين العام للنقابة بأن الفترة كانت فترة انعقاد المؤتمر، الذي سيطيح الأمين العام السابق، الذي اعتبرته أغلبية ساحقة في النقابة، "رخواً في مواجهة مراسيم الشغل" التي لجأت إليها الحكومة، وفي مواجهة الإصلاحات الحكومية.
ولكن هذه التفسيرات لم تقنع أعضاء النقابة، الذين عبّر الكثيرون منهم عن إدانتهم هذه الإجراءات "التي يحظرها قانون المعلومات والحريات"، وطالبوا برحيل باسكال بافاجو. كما طالب كثيرون من نقابات أخرى برحيله، ومنهم لوران بيرجي، الأمين العام لنقابة "سي. إف. دي. تي" العمالية.
وهو ما دفع، بالأمين العام، باسكال بافاجو، إلى تقديم استقالته، يوم الأربعاء 17 أكتوبر/تشرين الأول، أمام أعضاء نقابته، معتبرا أنه مضطرٌّ لتقديم هذه الاستقالة، وجاءت هذه الاستقالة بعد مرور ستة أشهر فقط على إدارته هذه النقابة.
وتستطيع لوكنار أونشينيه (البطة المقيدة)، أن تضم بافاجو، إلى قائمتها الطويلة لكشف فضائح لمسؤولين وسياسيين، حيث سبق وأن كشفت، يوم، 10 أكتوبر/تشرين الأول 1979، فضيحة تلقّي رئيس الجمهورية الفرنسي، فاليري جيسكار ديستان، جواهر من إمبراطور أفريقيا الوسطى، بوكاسا الأول. وهي فضيحة كان لها دورٌ كبيرٌ في خسارة فاليري جيسكار ديستان أمام فرانسوا ميتران سنة 1981.
وأيضا مرشح اليمين في الانتخابات الرئاسية سنة 2017، فرانسوا فيون، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز، وفق كل استطلاعات الرأي.
إذ بعد نشر فضائح تشغيله زوجتَه وأبناءه كمساعدين برلمانيين "وهميين"، وهو ما أصبح موضوع تحقيق قضائي وتوجيه اتهامات، هوَت شعبيته، ولم يأتِ، في الدورة الانتخابية الرئاسية الأولى، إلا ثالثا بعد إيمانويل ماكرون ومارين لوبان، ثم قرر وضع حد لأنشطته السياسية.