فشل اجتماعات الكتل العراقية: 8 أيام لنهاية مهلة الصدر



21 مارس 2016
يستمر اعتصام الصدريين حتى تنفيذ المطالب (صباح أرار/فرانس برس)
+ الخط -
لم ينجح القادة السياسيون في العراق في التوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة السياسية في البلاد ويحدّ من الاحتقان الشعبي خلال الاجتماع الذي عُقد، أمس الأول السبت، في قصر السلام داخل المنطقة الخضراء، وسط بغداد. وضم الاجتماع كلا من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري فضلاً عن زعماء الكتل السياسية. ووجدت بعض الأطراف في هذا الاجتماع فشلاً جديداً يدلّ على عدم قدرة الشركاء على اتخاذ قرارات حاسمة أو مصيرية تنقذ العراق في ظل اتساع الأزمة وتواصل الاعتصامات أمام المنطقة الخضراء التي أطلقها التيار الصدري منذ أيام.

ووفقاً للبيان الختامي للاجتماع الذي استمر أربع ساعات، تقرر تشكيل لجنة لمحاورة التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ومعرفة مطالبه، وهو ما أثار أنصار الصدر، إذ أعلن رئيس الهيئة السياسية للتيار، ضياء الأسدي أنّ "المطالب معروفة لدى جميع العراقيين ولا حاجة لهذه اللجنة". 

تطورات الساعات الماضية، دفعت كتلا سياسية مختلفة إلى المطالبة بإلغاء الحكومة العراقية، وتشكيل مجلس إنقاذ. كما دعا آخرون إلى إلغاء المنطقة الخضراء، والسماح للمواطنين بدخولها لامتصاص الاحتقان الشعبي. من جهته، صعّد التيار الصدري من لهجته، عقب فشل الاجتماع الذي شارك به كل من رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، ورئيس الوزراء، حيدر العبادي، ورئيس البرلمان، سليم الجبوري، وزعماء الكتل السياسية. واعتبر الصدريون أنّ ما حصل في هذا الاجتماع دليل على صحة موقفهم الحالي، ملمّحين إلى اقتحام المنطقة الخضراء.

في غضون ذلك، توافد أمس الأحد المئات من أنصار الصدر إلى بغداد، لليوم الثالث على التوالي، آتين من محافظات عدة. ويؤكد المتحدث باسم التيار الصدري، كاظم العيساوي لـ"العربي الجديد" أن "مختلف الطوائف، فضلاً عن ناشطين مدنيين انضموا إلى حراكنا الشعبي، الذي لن يكون إلّا وطنياً"، مضيفاً أنّ "الاعتصامات مستمرة أمام المنطقة الخضراء، ولا رجوع عن المواقف التي تطالب بالتغيير الحقيقي".

ويلفت مسؤول عراقي بارز من بغداد لـ"العربي الجديد"، إلى أن "التيار الصدري أخطَر الكتل السياسية أعلن أنّه بحلول الساعة 12 من ليل الثلاثاء 29 مارس/آذار الحالي، سيتم اقتحام المنطقة الخضراء في حال لم يتم الإصلاح، ويقوم العبادي بتسمية وزراء اختصاص، ويأمر بفتح ملفات الفساد في جميع مؤسسات الدولة، ويصدر أمراً بمنع سفرهم من العراق"، على حد قوله.
ويشير المسؤول نفسه إلى أنّ "أنصار الصدر يتضاعف عددهم في الاعتصامات والاحتجاجات، وهناك قناعة شبه تامة أنّ هذا الاعتصام لن ينتهي إلا بتغيير شامل بشكل أو آخر يطرأ على العملية السياسية في البلاد"، مؤكداً أنّ الصدر رفض لقاء ممثلين عن حزب الدعوة ضمن المسعى لحلّ الأزمة".
 
من جهته، دعا نائب رئيس الجمهورية، زعيم ائتلاف الوطنية، إياد علاوي، إلى تشكيل مجلس إنقاذ للإشراف على العملية السياسية وتشكيل حكومة جديدة. وقال رئيس الوزراء الأسبق، خلال مؤتمر صحافي، عقده بمقر حركة الوفاق الوطني وسط بغداد، إن "ائتلاف الوطنية يدعو إلى تشكيل مجلس إنقاذ يتكوّن من الرئاسات الثلاث، والكتل السياسية، ولجنة من المعتصمين للإشراف على تشكيل حكومة جديدة باختيار وزراء أكفّاء، وتلبية مطالب المعتصمين"، مؤكداً دعمه اعتصامات التيار الصدري. وطالب علاوي بـ"تغيير نظام الانتخابات لضمان نزاهتها وضمان مشاركة الجميع، وتشريع قانون للأحزاب"، مشيراً إلى أنّ "الانتخابات السابقة انطوت على خلل كبير". وشدد علاوي على ضرورة "إشراك العشائر العربية في العملية السياسية وإجراء مصالحة وطنية حقيقية".

اقرأ أيضاً: تمدّد اعتصامات الصدريين يربك العراق أمنياً وسياسياً

في غضون ذلك، لم يتردد مستشار الأمن القومي، القيادي في التحالف الوطني الحاكم، موفق الربيعي، بمطالبة الحكومة العراقية بإلغاء المنطقة الخضراء فوراً، وتوزيع منازل المسؤولين، ومقرات الحكومة والبرلمان على أحياء العاصمة. وأوضح الربيعي في بيان له، أن "سبب إنشاء المنطقة الخضراء في بغداد كان أميركياً لتأمين جنود الولايات المتحدة ومقراتهم"، معتبراً أنه "من الخطأ أن تكون المنطقة الخضراء المحصّنة مركزاً ورمزاً لهيبة الدولة العراقية، وأن يفرض على الجميع احترام هذه المنطقة"، وفقاً للربيعي.

وانتهت، أمس الأحد، مهلة الأيام الثمانية التي قدّمها حيدر العبادي للكتل السياسية لتقديم وزراء جدد تكنوقراط من دون أن تقدّم أي من الكتل أسماء وزرائها، كما تراجع بعضها عن تقديم استقالات وزرائها.
في هذا الإطار، يشدّد النائب عن كتلة "الفضيلة"، جمال المحمداوي، على أن "المشكلة التي يواجهها العراق هي أكبر من تغيير وزير ضمن كابينة حكومية بعدما أخذت ملفات الإصلاح وقتاً طويلاً، ولم تنعكس إيجابياً على وضع إدارة البلد بشكل عام". ويضيف المحمداوي، في تصريح صحافي، أنّ "الوثيقة التي قدّمها العبادي إلى الكتل السياسية لم تكن واضحة"، لافتاً إلى أن "قوى التحالف الوطني لم تجرِ أي اجتماع لمناقشة التعديلات الوزارية بعد اجتماع كربلاء الأخير".

ويخشى مراقبون من اتساع الأزمة السياسية في البلاد وامتدادها إلى أجنحة الأحزاب المسلحة المتمثلة في المليشيات العاملة حالياً ضمن "الحشد الشعبي"، إذ بدأت بوادر تلك التحركات تظهر في المناطق الشعبية التي تتنافس فيها مليشيات تابعة للصدر وأخرى تابعة أو مؤيدة لنائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي.

ووفقاً لضابط في الجيش العراقي، فإن "رئيس الوزراء سحب وحدات عسكرية جديدة من محافظة المثنى وبابل ودفع بها إلى بغداد خوفاً من أي طارئ"، مبيّناً أن "المخاطر التي تهدد العاصمة، تكمن في انفجارات تستهدف المعتصمين، وتُتّهم بها الحكومة أو أحزاب مؤيدة للعبادي". ويرجح الضابط لـ"العربي الجديد" أن "تتطور الاحتكاكات بين مليشيا العصائب، وحزب الله (العراقي) مع مليشيا سرايا السلام ولواء اليوم الموعود التابعين للصدر، إلى مواجهات مسلحة، وهو ما يعني الوصول إلى وضع أمني وسياسي قابل للمفاجآت في الأيام أو حتى الساعات المقبلة".

اقرأ أيضاً: لليوم الثاني..استنفار أمني في بغداد مع تمسك المعتصمين بالتظاهر