وصل فريق من المحققين الجزائريين، ضمنه قاضٍ، إلى تونس، للتحقق من جثة قيادي في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، قتل في تونس قبل أيام، أوفده زعيم التنظيم، أبو مصعب عبد الودود، المعروف بعبد الملك دروكدال، لإعادة تنظيم "كتيبة عقبة بن نافع"، التابعة إلى التنظيم، والتي تنشط في جبل الشعانبي وجبل سمامة قرب الحدود التونسية مع الجزائر.
وقال مصدر أمني جزائري مسؤول، لـ"العربي الجديد"، إن "فريق المحققين الجزائريين وصل إلى تونس، في إطار التنسيق الأمني والاستخباراتي والتعاون القضائي بين البلدين، للتثبت من هوية بلال القبي، الذي قتلته وحدة من الجيش التونسي قبل أسبوع في منطقة القصرين جنوب تونس". وأشار إلى أن "فريق المحققين سيعمل على فحص وثائق ومعدات اتصال كانت بحوزته، بهدف استكمال التحريات لاحقاً في الجزائر، لمعرفة كيف كان القبي يتحرك في الجزائر".
وأكد المصدر أن أجهزة الأمن الجزائرية رصدت تحركات القبي، قبل فترة، في منطقة قريبة من الحدود، ودلت معلومات حصلت عليها هذه الأجهزة من إرهابيين اعتقلوا أو سلموا أنفسهم للجيش أن بلال القبي ظل يتردد، بتكليف من دروكدال، على تونس منذ العام 2014، وكلفه أخيراً بإعادة تنظيم "كتيبة عقبة بن نافع"، بعد تفكك مجموعتها نتيجة الضربات التي تلقتها من الجيش التونسي، والحصار الذي تفرضه عليها قوات الجيش الجزائري من الجانب الآخر للحدود، ما حد من مساحة تحركها. وتلاحق السلطات الجزائرية، أمنياً وقضائياً، بلال القبي منذ 24 سنة، إذ التحق في منتصف التسعينيات بصفوف الجماعات الإرهابية، عندما كان في الـ15 من عمره، وتدرج في سلم المسؤوليات في التنظيمات الإرهابية، قبل أن يصبح أحد أبرز المقربين من زعيم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". ويرجح أنه سبق له أن دخل إلى ليبيا، حيث تواصل هناك مع مجموعات مسلحة. وكان يسعى في مهمته الأخيرة في تونس إلى الربط بين المجموعات المسلحة في ليبيا وبين "كتيبة عقبة بن نافع" لتزويدها بالأسلحة والعناصر. وتشير بعض المعلومات إلى أن "القبي ربما كان يحاول إقناع مجموعات مسلحة كانت تتبع تنظيم داعش في ليبيا للانضمام إلى كتيبة عقبة بن نافع في تونس، بعد هزيمة داعش في ليبيا وتشتت عناصره".
ويعد بلال القبي أبرز قيادي في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يتم القضاء عليه في تونس، بعد القضاء على "أمير كتيبة عقبة بن نافع"، لقمان أبو صخر، في عملية أمنية استخباراتية في منطقة قفصة التونسية القريبة من الحدود مع الجزائر، برفقة تسعة من عناصر التنظيم. ولفت المصدر الأمني الجزائري إلى أن فريق المحققين سيحقق مع قيادي جزائري آخر في "كتيبة عقبة بن نافع"، اعتقلته قوات الأمن التونسية في منطقة الكاف القريبة من الحدود الجزائرية، موضحاً أن القيادي كان ينشط في صفوف الجماعات الإرهابية في الجزائر، قبل أن يلتحق قبل ثلاث سنوات بـ"كتيبة عقبة بن نافع" في تونس. وتفيد المعلومات أن السلطات الجزائرية تعاونت مع السلطات التونسية لكشف هويته ومدتها بكامل تفاصيل نشاطه الإرهابي السابق في الجزائر.
ويشهد التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الجزائر وتونس مستوى رفيعاً في مجال ملاحقة العناصر الإرهابية ومراقبة تحركاتها وتبادل المعلومات بشأنها بشكل آني، إذ كانت سلطات البلدين وسعت صلاحيات غرف العمليات العسكرية التي يشرف عليها قادة عسكريون على الحدود، وتم توفير قنوات تواصل عسكري مباشر للتحرك بسرعة عند رصد أي تحرك للمجموعات المسلحة على حدود البلدين. وتستفيد تونس من الخبرة العسكرية والتجهيزات التي يمتلكها الجيش الجزائري، الذي قضى أكثر من عقدين في محاربة المجموعات الإرهابية. وعزز التحاق عدد من المسلحين الجزائريين بـ"كتيبة عقبة بن نافع" التي تنشط في تونس، من ضرورات التنسيق الأمني بين البلدين، إضافة إلى مراقبة الحدود بينهما، والحدود المشتركة مع ليبيا قرب منطقة برج الخضراء، حيث تعمل المجموعات المسلحة على استغلال الصحراء الشاسعة لتهريب السلاح والمسلحين من ليبيا إلى تونس أو الجزائر. وقبل يومين قتلت قوات الجيش الجزائري ثمانية إرهابيين، بينهم ثلاثة من قيادات "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، في منطقة خنشلة شرق الجزائر. ورجحت بعض التقارير أن تكون هذه المجموعة قد تسللت عائدة إلى الجزائر من تونس أو ليبيا، أو أنها كانت بصدد استقبال عناصر عائدة من البلدين.