لكن "خيانات" فالس المتعددة للرئيس فرانسوا هولاند، ثم لـ"الحزب الاشتراكي"، حين قرر التصويت من الدورة الأولى للرئاسيات لصالح إيمانويل ماكرون ضد مرشح الحزب بونوا هامون، وأخيراً إعلانه الرسمي عن "وفاة الحزب"، سحبت منه، شيئاً فشيئاً، صفة "المرشح الأوفر حظاً".
لا شيء ثابت في السياسة، وقد جرّب مانويل فالس هذه الحقيقة المرعبة. فقبل أشهر كان يمنّي نفسه بأن يترشح على قائمة "الحزب الاشتراكي"، ويستطيع إيصال نحو 40 نائبا من أنصاره، كي يمارس بواسطتهم الضغوط على الرئيس الجديد، أو يَقبَلَ هذا الأخير الاستعانة بهم في تأسيس "أغلبية رئاسية موسعة"، يكون فالس أحد الناطقين الكبار باسمها في البرلمان الجديد.
"الحزب الاشتراكي" لم يمنحه التزكية، كما لم يفعل ماكرون، على الرغم من انتظار فالس تزكيته طويلاً. فالرئيس الجديد يريد احتواء أنصار فالس من تيار "التقدميين" من دونه، كما لا يريد رؤية معارض من نوع فالس "انفعالي" يمكن أن يلعب دور المتمرد يوماً.
ورغم كل شيء، فقد أبدى "الحزب الاشتراكي"، وأيضا حركة "الجمهورية، إلى الأمام" تسامُحاً ظاهراً مع فالس، حين قرّرا ألا يُقدّما أيَّ مرشح لهما في مواجهته.
هل يكفي هذا المرشح إيمانويل فالس، والذي ترشح تحت يافطة "الأغلبية الرئاسية"، حتى يحقق الفوز؟
لا يبدو الأمر سهلاً، ولا النجاح في متناول اليد كما كان عليه الأمر قبل أشهر.
ولعل أكبر تحدّ لمانويل فالس يتمثل في المستشارة السابقة للبلدية، فريدة عمراني ومساعدها يوليس راباتي، العضوين السابقين في "الحزب الشيوعي". وقد سبق لراباتي أن تَواجَه مع فالس في انتخابات 2012 التشريعية.
وعلى الرغم من أن "الحزب الشيوعي"، المتحالف مع "جبهة اليسار" ومع "الإيكولوجيين"، قد قدّم مرشحه الرسمي، ميشيل نُواي، والذي حظي بدعم غير مسبوق من قبل بونوا هامون، إلا أن المرشحة عمراني ومساعدها راباتي استفادا من تزكية حركة "فرنسا غير الخاضعة"، والتي حقق مرشحها في الانتخابات الرئاسية، جان لوك ميلانشون، نتائج مهمة في هذه المنطقة.
ولا تخفي المرشحة عمراني أن نجاحها في انتخابات 11 و18 يونيو/ حزيران مرهونٌ بقدرتها على "استمالة كلّ الذين خاب ظنهم في سياسات الرئيس السابق، فرانسوا هولاند، ورئيس حكومته مانويل فالس، والذي لم يَعُد اشتراكياً" في نظرها.
وقد جاء آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "لوجورنال دي ديمانش"، اليوم الأحد، ليعزز شكوك ومخاوف فالس من الهزيمة، ويمنح المرشحة فريدة عمراني الأمل.
فحسب الاستطلاع، يأتي فالس أولا في الدورة الأولى، بنسبة 30 في المائة، تليه عمراني بنسبة 26 في المائة، ويتقاسم مرشحا "الجمهوريون" و"الجبهة الوطنية" الرتبة الثالثة، بنسبة 12 في المائة، ثم مرشح "الحزب الشيوعي" و"جبهة اليسار" و"الإيكولوجيين" خامسا، بنسبة 6,5 في المائة.
ويظهر الاستطلاع نفسه في الدورة الثانية تساوياً بين فالس وعمراني، بنسبة 50 في المائة لكلا المرشحَيْن.
ويخشى فالس، الواثق من قدرته على تخطي الدورة الأولى، بسبب سنوات طويلة قضاها في تسيير شؤون المنطقة، من تحالف معظم المرشحين الخاسرين مع مرشحة "فرنسا غير الخاضعة"، في الدورة الثانية، وهو ما سيقلل من حظوظه في الفوز، ويدفع بهذا السياسي الذي يعشق الأضواء إلى النسيان.
يذكر أن هذه الدائرة تعرف أيضاً، ترشح الفكاهي الساخر ديودونيه (الذي انتقل من اليسار إلى أقصى اليمين)، والذي يساعده الفتى نولان لاَبّي، والذي اشتهر في فرنسا بتوجيهه صفعة لرئيس الحكومة السابق، مانويل فالس، أثناء أحد تنقلاته الوزارية.
ومعلوم أن العلاقات بين المُرشَّحَين بالغة السوء، بسبب دور رئيس فالس في حظر مسرحية "الحائط" لديودونيه بدعوى معاداتها للسامية، وفي تضييق الخناق عليه وانتقاده علانية، غير مرة.
ويمنح استطلاع الرأي نسبة 3 في المائة للمرشح ديودونيه. وسيقرر هذا الأخير، على الأرجح، الدعوة للتصويت لصالح مرشحة "فرنسا غير الخاضعة"، في الدورة الثانية من التشريعيات، انسجاما مع موقفه في الرئاسيات، إذ صوّت على ميلانشون في الدورة الأولى، ثم منح صوتَه لمارين لوبان في الدورة الثانية.
هل كان مانويل فالس، في نشوة توهجه السياسي، يتصور هذه الخاتمة؟