فرنسا: توقيف طالب لجوء سوري على خلفية ذبح الكاهن

29 يوليو 2016
ثلاثة موقوفين في إطار التحقيق حول ذبح الكاهن(سيرج مورريت/Getty)
+ الخط -
أوقفت السلطات الفرنسية احترازياً طالب لجوء سورياً كان يقيم في مركز لاستقبال اللاجئين، في إطار التحقيق حول الاعتداء على كنيسة في روا، فيما تتواصل التحقيقات البوليسية والقضائية من أجل معرفة تفاصيل الاعتداء، وسط حالة من السجال السياسي بين الأطراف السياسية.

وأوقف طالب اللجوء في وسط فرنسا. وبذلك يرتفع إلى ثلاثة عدد الموقوفين حالياً في إطار التحقيق حول قتل كاهن ذبحاً في كنيسة سانت إتيان دو روفريه (شمال غرب)، بحسب مصدر قضائي.

وبحسب وكالة "فرانس برس"، أوضح مصدر قريب من الملف "تم العثور على صورة لجواز سفر سوري في منزل عادل كرميش (أحد منفذي الاعتداء) ويحاول المحققون تحديد ما إذا كان الأمر يتعلق بهذا الشخص".

من بين الموقوفين الآخرين فرنسي في الـ30 من المحيط العائلي لعبد المالك بوتيجان، المنفذ الآخر للاعتداء في الكنيسة. ويثير هذا الموقوف المقيم في شرق فرنسا اهتمام المحققين، الذين يريدون معرفة ما "إذا كان على اطلاع بوجود مخطط لتنفيذ اعتداء"، بحسب المصدر القريب من التحقيق.

كما لا يزال قاصر في الـ16، قريب من عادل كرميش، زار العراق وسورية في مارس/آذار 2015، قيد التوقيف الاحترازي.


وفي سياق متصل، تتواصل التحقيقات البوليسية والقضائية من أجل معرفة تفاصيل الاعتداء الأخير. ويحاول رجال الأمن، عبر استنطاق كل أقرباء ومعارف منفذي الاعتداء، وأيضا تحليل معلومات هاتفيهما وحاسوبيهما، معرفة العلاقة التي نشأت بينهما وتاريخها، وهل تعود لوسطاء أم أن ثمة شبكة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية تقوم بالربط بين "جنودها". 

كما يبحث المحققون التأثير الذي يُحتَمَل أن يكون قد مارسه أحد السجناء على عادل كرميش في أثناء فترة سجنه. كما يحاول رجال الأمن تفسير الفشل الاستخباري في اكتشاف خطورة عبد الملك بوتيجان، الذي كان معروفا لديها، والذي نشر العديد من الفيديوهات، المُهدِّدة للرئيس الفرنسي ورئيس حكومته والمتوعِّدَة بمهاجمة كنائس بسكّين.

سجالات لا تتوقف

ولا يبدو أن سجال المعركة السياسية الداخلية الفرنسية سيتوقف قريبا. وفي آخر فصوله خروج رئيس الحكومة، مانويل فالس، من صمته "القصير"، بعد الاستقبال العاصف الذي استُقبِل به في مدينة نيس، في أثناء دقيقة الصمت. فالس ردّ على الاتهامات العنيفة للرئيس الفرنسي السابق، وزعيم حزب "الجمهوريون" اليميني المعارض، نيكولا ساركوزي، التي تتّهم الحكومة بعدم الأخذ بعين الاعتبار مقترحات الحزب حول التشدد في تطبيق القانون وفي مُحاصرة المتّهمين بالتطرف والتضييق عليهم.

وقال فالس، في مقابلة نشرتها صحيفة "لوموند" اليوم الجمعة، إن "ساركوزي فَقَد أعصابه" وأضاف أن "اليسار الفرنسي لا يحتاج إلى دروس في الأمن، من أيٍّ كان"، ومُعترفاً بأن إطلاق سراح عادل كرميش، بعد اعتقاله لعشرة أشهر، وتحميله سوارا إلكترونيا، كان "فشلا" وليس "خطأ" حكوميا، من دون توجيه اللوم للقضاة.

وفي إشارة تهدئة لليمين، أعلن عن نيته وقف "التمويل الأجنبي لبناء المساجد في فرنسا".

من جهته أكد وزير العدل الفرنسي، جان جاك أرفواس، في تصريحات صحافية: "قواعدنا الدستورية والأوروبية لا يمكن اعتبارها مماحكات قضائية"، وأضاف أن "فرنسا لا يمكنها أن تتصور الحرب ضد الإرهاب وضد التطرف، إلا بواسطة أسلحة القانون. والقانون ليس ضعفاً، بل هو قوّتُنا".

وأضاف الوزير، المقرب من مانويل فالس، بأن ثمة إغواءً يراود اليمين الفرنسي يصل إلى درجة "التفكير في الانسحاب من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان"، بل وإلى "درجة التفكير في الانسحاب ممّا يمنح فرنسا هويتها". ورأى "أن الإصرار والتصميم لا يُبرّر العمى"، رافضا "إرادة فرض (غوانتانامو على قانوننا)، لأن (الاعتباطية غير مقبولة)".

ومن جهته، هاجم النائب اليميني المقرب من ساركوزي، إيريك سيوتي، اليوم، ما أسماه "نفاق مانويل فالس" وعاب عليه إشهارَه "الرضى الذاتي عما حققته حكومته"، معتبرا أن الحكومة لا تريد الاستماع إلى المكونات السياسية الفرنسية.

من جهة أخرى، يعرف مسؤولو وممثلو الإسلام في فرنسا أن وضعيتهم غير مريحة على الإطلاق. فالرأي العام الفرنسي، كما يرى باحثون، يُطالب المسلمين في كل محنة بأن يُعبّروا عن موقفهم ويتبرأوا من "الضالّين من أبنائهم". وهو ما يفعله ممثلوهم في كل مرة، مؤكدين أن ديانتهم لا علاقة لها بالإرهاب، وأنهم يُدينون ما يقع بنفس درجة وقوّة مواطنيهم الآخرين.

ومن أجل تقاسم هذه المحنة وهذه المعاناة، لم تنتظر مساجد كثيرة في كل فرنسا دعوة رئيس "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" مسلمي فرنسا بالتوجه بكثافة، يوم الأحد إلى الكنائس لمشاركة المسيحيين قدّاساتهم. كما أن مساجد كثيرة في فرنسا فتحت، اليوم الجمعة، مساجدَها للمسيحيين، ولرهبان وكهنة ليلقوا فيها عظاتهم ودعواتهم للتسامح والأخوة والعيش المشترك.