تتواصل، في فرنسا، ارتدادات قضية ألكسندر بنعلا، المكلف السابق بأمن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وآخرها الإفراج عنه وعن زميله فانسان كراز، مساء أمس الثلاثاء، بعد أسبوعين من الاعتقال، بسبب عدم احترامهما تدابير المراقبة القضائية، التي تحظر عليهما التواصل، في إطار التحقيق حول العنف الذي جرى في تظاهرات العمال في 1 مايو/ أيار 2018.
وفور إطلاق سراح بنعلا عبرت محاميته، جاكلين لافون، عن الارتياح، لأنّ قرار الإفراج عنه كان عادلا، فيما أكدت النيابة العامة عودة إجراءات المراقبة القضائية من جديد.
واتهمت المحامية وسائل الإعلام بوجود دور لها في اعتقال بنعلا، وانتقدت ضغوطها، وأيضا "ضغوطا من الرأي العام، نوعا من الاهتياج حول هذا الاستعداء، على أساس تسجيلات أدانت النيابة العامة عدم شرعيتها"، وهو ما دفعها لتقديم شكوى ضد موقع "ميديا بارت" الإخباري، الذي حصل على تلك التسجيلات وبثها.
ثم اعتبرت المحامية أن سجن بنعلا "كان متسرعا، وغير مبرر، بشكل كامل".
ولا شك في أن قضية التسجيلات وكيفية الحصول عليها والتحقق من صدقيتها، لا تزال تتفاعل، لأنها تمس جوهر العمل الصحافي. وترى المحامية بهذا الصدد أن موكلها ما كان ليبقى يوما واحدا في السجن، لأنّ العدالة لم تنتظر تقرير الشرطة العلمية والتقنية، لمعرفة إن كانت التسجيلات صحيحة أو مزورة.
وكان بنعلا قد تقدم بشكوى بسبب التسجيلات، التي بثها موقع "ميديا بارت"، والتي تكشف محادثة بينه وبين كراز، رغم أن المراقبة القضائية تحظر ذلك.
ومن جهة أخرى، وفي ارتباط وثيق بالقضية، قرر موقع "ميديا بارت" القيام بهجوم مضاد، من خلال التقدم بشكوى ضد محاولة الشرطة تفتيش مقراته، بأمر من النيابة العامة، وهو ما رفضه الموقع. وهذه الرغبة في تفتيش مقر "ميديا بارت" ومصادرة بعض الوثائق، رأى فيها الموقع "مناورة لها هدفٌ واحد، وهو العثور على مَصادر ميديا بارت وتجفيفها". واعتبر الصحافي في "ميديا بارت"، فابريس أرفي، أن ما أقدمت عليه النيابة العامة من محاولة غير مسبوقة للتفتيش يعتبر "خطأ ثقيلا".
وفور إطلاق سراحه، عبر بنعلا عن السعادة والارتياح بهذا الإفراج، شاكرا محاميته التي كافحت حتى النهاية.
وعلى الرغم من هذا الارتياح، إلا أن مستقبل الرجل ليس سهلا، فهو خاضع لأربعة إجراءات قضائية مختلفة: أولها، تحقيق قضائي حول العنف الذي جرى في 1 مايو/ أيار، وكان بنعلا حاضراً في التظاهرات، بصفته مراقباً إلى جانب قوى الأمن، إضافة إلى سيلفي يظهر فيه مسلَّح بمسدس، أثناء الحملة الانتخابية للرئاسيات.
والقضية الثانية، تحقيق قضائي حول استخدام بنعلا جوازي سفر دبلوماسيين في جولاته الدولية المتعددة، مع ما يرتبط بها من تهم تزوير.
القضية الثالثة، تحقيق تقوم به النيابة العامة المالية، حول شبهة فساد، بخصوص صفقات روسية، مع رجال أعمال مقربين من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
وأخيرا، فتح تحقيق أولي من طرف نيابة باريس بتهمة "عرقلة الوصول إلى الحقيقة".