فرنسا المنحازة لإسرائيل تتذرّع بـ"التوزان" لتبرير العدوان

23 يوليو 2014
تظاهرات فرنسا الرافضة للعدوان تثير جدلاً سياسياً (كينزو تروبيلارد/Getty)
+ الخط -

ألقى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة بظلاله على الساحة السياسية والاجتماعية في فرنسا؛ وبعد المواقف المنحازة بشكل وقح للاحتلال، وهو أمر لم تعتده من قبل السياسة الفرنسية، تعمد المسؤولون الفرنسيون، منذ يومين، التركيز على الجانب الإنساني لما يجري في غزة، كما فعل الرئيس، فرانسوا هولاند، ووزير الخارجية، لوران فابيوس، في محاولة فاشلة لتبرير الانحياز لاسرائيل، وتغطية العدوان على غزّة ومجازره.

واعتبر هولاند، خلال لقاء مغلق أجراه مع جمعية الصحافة الرئاسية، أن موقف بلاده من الصراع العربي الاسرائيلي "متوازن"، ورفض الانتقادات التي تقول، إن سياسة فرنسا مؤيدة لإسرائيل.

وحين سئل عن مواقفه المنحازة لإسرائيل منذ بداية العدوان، التي أوحت بتغير جذري في موقف فرنسا التاريخي من الصراع، بدا عليه الانزعاج، وأكد أنه منذ بداية العدوان دعا الى وقف إطلاق نار فوري؛ قبل أن يصف ما يجري بـ"المأساة"، وأكد ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق نار وهدنة، مصوباً سهام نقده ضدّ "حماس التي تطلق الصواريخ". لم يشأ هولاند التراجع، بأي شكل من الأشكال، عن مواقفه، معتبراً أن سياسة فرنسا لا تزال متوازنة. 

وبالنسبة إلى التظاهرات التي شهدت أعمال عنف في حيي باربيس وسارسيل الباريسيين، فاعتبرها صادرة عن مجموعات تابعة لأقليات متطرفة تقف وراء الأحداث. وعن لقائه ممثلي الطوائف الدينية، قال هولاند: يتعين على الدولة ومؤسساتها أن تقوم بالعمل الضروري من أجل الإبقاء على الوحدة، ولكن كان من الضروري أن تحدد القوى والطوائف الروحية في مواقفها ممّا يجري".

أما على الصعيد البرلماني، فقد أصدر عدد من النواب الاشتراكيين بياناً، وقع عليه 32 نائباً، تحت عنوان "السلام والعدالة"، أعربوا فيه عن وقوفهم إلى جانب الذين يريدون إسماع صوت السلام. وجاء في البيان: منذ أسابيع عدة، نشهد تصعيد عنف فادح يقع ضحيته المدنيون، ولا يمكن أن يبقى الوضع على حاله، أو أن يستمر مثلما هو اليوم.

وأشار النواب في بيانهم إلى أن ما يجري في غزة، يستوجب التظاهر بشكل سلمي، وعلى فرنسا الالتزام بمواقف حازمة لتفرض وقف إطلاق نار فوري، وممر إنساني، وانسحاب القوات الإسرائيلية خارج غزة، ووقف الصواريخ على اسرائيل، وإنشاء قوة حماية دولية.

وحذر النواب من أنه لا يمكن لفرنسا أن تؤيد أو تحمي العنف، أو أن تبرر ردود الفعل العسكرية، وعليها أن تمارس كل نفوذها لوضع حد لأعمال العنف المستمرة منذ بدء العدوان.

وفي سياق ردود الفعل الشعبية، كتبت أستاذة التاريخ الفرنسية، التونسية الأصل، ساميا حارتوبي، مقالاً وجهت فيه انتقادات لاذعة لمواقف رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، والرئيس هولاند حيال العدوان الإسرائيلي.

ووصفت حارتوبي ما يجري في فرنسا بالسابقة، وقالت: إن هذا قد فاجأ عدداً كبيراً من الفرنسيين، ومنهم نواب الحزب "الاشتراكي"، محذرة من مخاطر الخلط بين انتقاد اسرائيل واللاسامية، وكتبت: يجب إدانة أحداث العنف بحزم، وإنه لا يوجد مكان للاسامية، ولا يمكن تبريرها. ولكن كلما يكون انتقاد لإسرائيل يتم خلطه باللاسامية والعنصرية"، معتبرة أن "الخطاب الذي يروج له رئيس الحكومة، يغذي التطرف، وهو ما يريد فالس أساساً محاربته. وبذلك يكون فالس وريثاً للسياسة التي انتهجها الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، من خلال خلقه أصواتاً طائفية في الضواحي"، بحسب حارتوبي. وأضافت أن "شوارع فرنسا ليست مليئة بالهمجيين، والمعادين للسامية، ولا يمكن وصف الوضع بأن هناك حرباً صغيرة مستوردة في فرنسا؛ فهذا الانطباع خاطئ، وإذا نظرنا عن قرب الى من يشارك في التظاهرات، رأينا أنهم شباب فرنسيون، يأتون ليس للتعبير عن حقدهم تجاه اليهود، ولكن للتعبير عن رفضهم للسياسة الإسرائيلية".