وكان الخزاني رفض الإدلاء بأي معلومات للمحققين في مرحلة أولى.
وفي خامس استجواب في 14 ديسمبر/كانون الأول، قرر المشتبه به الاعتراف وإعطاء تفاصيل دقيقة عن ملابسات الاعتداء.
وكشف الخزاني، الذي أقام لفترة طويلة في جنوب إسبانيا، بماض مثقل بجرائم المتاجرة بالمخدرات والعلاقات المشبوهة مع "شبكات إسلامية متطرفة"، للمحققين عن أنه أقام لفترة في سورية، وانتقل من إسطنبول إلى بروكسيل، وعلاقته بعبد الحميد أباعود، منسق اعتداءات 13 نوفمبر/تشرين الثاني في باريس وضاحية سان دوني، الذي سقط برصاص الشرطة الفرنسية في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بعد محاصرته في مخبئه بسان دوني.
وحتى سبتمبر/أيلول الماضي، كان المحققون يجهلون مسار الخزاني وتفاصيل عملية "تاليس"، إلى أن كشفت أجهزة الاستخبارات المجرية، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن الخزاني دخل إلى أوروبا برفقة أباعود، لتشكل هذه المعلومة نقلة نوعية في التحقيق، باعتبار أن المشتبه فيه هو المعتقل الوحيد من بين المشتبه بعلاقتهم بمنفذي اعتداءات 13 نوفمبر الذي قرر الاعتراف للمحققين وباح بمعلومات تؤكد صحة العديد من الفرضيات التي تداولتها أجهزة الاستخبارات المجرية والألمانية في الأشهر الأخيرة.
وصرح الخزاني للمحققين بأنه قرر التحدث لأنه "يريد إعطاء صورته الحقيقية"، وقال، حسب المحضر الذي حصلت "لوموند" على نسخة منه: "أنا جهادي حقيقي، ولست قاتلا. أنا مجاهد نبيل وجندي. ونحن لا نقتل النساء والأطفال".
وأكد الخزاني أنه كان ينوي قتل "الأميركيين" في قطار تايس، وليس استهداف ركاب القطار بشكل عشوائي، وهو التصريح الذي سجله المحققون بحذر شديد، نظرا لكمية السلاح المهمة التي عثر عليها بحوزته، بينها رشاش كلاشنيكوف و8 أمشاط ذخيرة ومسدس أوتوماتيكي.
ومن خلال اعترافات الخزاني، تبين أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قرر أن يوجّه مقاتليه إلى أوروبا عبر الطريق التي يسلكها اللاجئون، وأنه استعمل الخزاني وأباعود من أجل تجريب هذا المسلك، بعد فشل محاولات سابقة لدخول مقاتليه فضاء "شينغن" عبر المطارات.
واعترف الموقوف بأنه التحق بسورية في مايو/أيار 2015، وأنه بعد تبليغه أحد المسؤولين عن التنظيم "استعداده للشهادة والانتقام من الأميركيين الذين يقصفون المساجد في سورية"، قضى أسبوعا في التدرّب على استعمال السلاح والمواد المتفجرة بشكل مكثف وسريع.
وساعد "داعش" الخزاني على عبور تركيا، ثم أقام لفترة في إسطنبول منتظرا التعليمات، وبعد محاولتين فاشلتين للعودة إلى فرنسا عبر مطاري إسطنبول ثم أنطاليا، بسبب صفحة ناقصة في جواز سفره المغربي، تبلّغ بتعليمات جديدة أمرته بانتظار شخص يدعى "حمزة"، تبين لاحقا للمحققين أنه اسم حركي لجزائري يدعى بلال شطرة (20 عاما).
حصل الخزاني على تعليمات جديدة مفادها بأن شخصا آخر يدعى "أبو عمر" سيرافقه، ويتعلق الأمر بعبدالحميد أباعود، الذي رافقه فعليا برا في اتجاه العاصمة المجرية بودابست مع أفواج اللاجئين السوريين، حيث رصدت الاستخبارات الهنغارية وجودهما لاحقا، قبل أن ينتقلا عبر سيارة مستأجرة إلى بروكسيل، بعد المرور من الأراضي النمساوية والألمانية، وطيلة الرحلة كان "حمزة" يلعب دور المستكشف لمسار السفر.
وأقام الخزاني مع أباعود عدة أيام في شقة في بروكسيل.
وأسبوعا قبل اعتداء تاليس، أبلغ أباعود الخزاني بتفاصيل العملية التي عليه القيام بها، وأكد له التوقيت والكيفية.
وقال الخزاني للمحققين: "قال لي أباعود إن الهدف هو قطار تاليس، وعليّ أن أهاجم عسكريين أميركيين سيكونون على متنه. ووضح لي بأنه علي أن أشتري تذكرة في الدرجة الأولى في المركبة رقم 11 أو 12 في قطار الساعة الخامسة مساء، وأكد لي أن عدد العسكريين الأميركيين سيتراوح بين ثلاثة وخمسة".
ورغم كل الترتيبات والتحضيرات، سيجد الخزاني مشكلة في تشغيل رشاشه، وعندها سينتبه له العسكريون الأميركيون الثلاثة الذين كانوا على متن القطار، وقاموا بالارتماء عليه وتجريده من السلاح وتكميمه، وأنذروا السلطات التي قبضت عليه.
وتبقى علامة الاستفهام الكبيرة التي تشغل المحققين الفرنسيين حاليا هي: "كيف تمكن أباعود من الحصول على معلومات دقيقة تتعلق بوجود العسكريين الأميركيين في قطار تاليس، المنطلق بالتحديد عند الساعة الخامسة، ومعرفته مسبقا بالمركبة التي كانوا يتواجدون فيها؟".