فرنسا: إضراب وتعبئة لحراس السجون إثر اعتداء "كوندي-سور-سارث"

06 مارس 2019
عاد موضوع "السجناء المتطرفين" للجدل من جديد بعد الاعتداء(Getty)
+ الخط -

رفض حراس 18 مؤسسة سجنية، من مجموع 188 في فرنسا، معاودة عملهم وحالوا دون الوصول إليها، في وقت تشهد 80 في المائة من السجون حالات تعبئة وتأخر في مزاولة العمل، بعد يوم من حادث سجن "ألينسون" في "كوندي-سور-سارث" في منطقة أورن، شمال غربي البلاد، والذي يعتبر سابقة من حيث مشاركة سيدة زائرة لزوجها السجين في تنفيذ الاعتداء، الذي تسبَّب في جرح حارسين، وانتهى تدخل قوات الشرطة إلى مقتل الزوجة.

ويحتج هؤلاء الموظفون على ظروف الأمن، ويطالبون بتعزيز القدرة الشرائية.

ويُنتظر في حال رفض الاستجابة لمطالب نقابات الموظفين، المالية، والأمنية، خاصة المطالبة بتفتيش مستمر للسجناء والسماح أيضا بتفتيش الزوار، استمرار هذه الحركة، التي كان يُفترض أن تبدأ غدا الخميس، وليس اليوم الأربعاء.

ولا يزال في ذاكرة الحكومة الحراك الذي اندلع في شهر يناير/كانون الثاني من السنة الماضية (2018)، واستمر ثلاثة أسابيع، بعد اعتداء سجين متشدد على ثلاثة حراس في سجن "فاندان-لي-فياي" (شمال فرنسا)، وهو من أكثر سجون فرنسا أمنا إلى جانب سجن "كوندي-سور-سارث".

ويبدو أن الحكومة، بسبب ضغط الرأي العام الرافض لاستعادة جهادييها وأبنائهم ونسائهم، قد استفادت من الدرس، وستحاول التفاهم مع نقابات السجناء وتنفيذ بعض مطالبهم، وهو ما يعني التشديد، أكثر فأكثر، في ظروف احتجاز هؤلاء السجناء، غير العاديين.


وتسبب الاعتداء "الإرهابي" على الحراس في تجدد الجدل حول قضية "السجناء المتطرفين"، إذ شددت وزيرة العدل نيكول بيلوبي على ضرورة استخلاص الدروس مما جرى، وكلفت لجنة بمعاينة الأمر من أجل تقديم توصيات وحلول لهذه المشكلة المتفاقمة، وخاصة أن فرنسا تنتظر تسلّم متشددين جدد، كما أن مئات من السجناء انتهت مدة سجنهم، ولا يعرف مدى اندماجهم أو عدمه في المجتمع.

ورغم أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها حرّاس سجون فرنسية لاعتداءات من طرف سجناء متشديين، يصنفها القضاء الفرنسي بـ"إرهابية"، ولكن ما حدث أمس في سجن "ألينسون" في "كوندي-سور-سارث" في منطقة أورن، شمال غربي فرنسا، يعتبر سابقة من حيث مشاركة سيدة زائرة لزوجها السجين في تنفيذ الاعتداء، الذي تسبَّب في جرح حارسين، إصاباتهما بليغة لكنها ليست بالخطرة، وانتهى تدخل قوات الشرطة بمقتل الزوجة حنان أبو هناء، (34 سنة).

وقد جرى هذا الاعتداء "ذو الطابع الإرهابي"، كما أكدت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبي، حين كان السجين، وهو شخص متابع بتهمة التطرف موجودا في "وحدة الحياة العائلية" مع زوجته، واستخدم سكين سيراميك ضد حارسين.

ولم يستطع الحراس إخراجه من هذه الوحدة، التي احتمى فيها مع زوجته، خلال عشر ساعات، رافضَين الاستسلام، إلا بعد تدخل قوات النخبة في الشرطة الفرنسية "RAID"، وأدى الأمر إلى مقتل الزوجة متأثرة بجراحها، بعد إصابتها برصاص الشرطة. وقد عثر على سترة ناسفة "مزورة" على جسدها.

وبدأ الاعتداء صباح يوم أمس، الثلاثاء، حين هاجم السجين، ميكائيل شيولو، الحارسين، وهو يردد "الله أكبر"، كما أكدت النيابة العامة، نقلا عن شهود.

ولكن معلومات أخرى، حصلت عليها فرانس-تلفزيون، تؤكد أن الزوجة تصنعت حدوث وعكة صحية بسبب الحمل، وأنها هي التي وجَّهت الضربة الأولى بالسكين للحارس.

وأكدت نقابة "قوة عمالية" للحراس، أن الأمر يتعلق حقيقة بـ"محاولة قتل. فالدم كان منتشرا في كل مكان، وتحولت الوحدة إلى ساحة معركة".


من هو السجين ميكائيل شيولو؟

يتعلق الأمر بشخص في السابعة والعشرين من عمره، وكان من سجناء الحق العامّ، وقد وصل إلى هذه المؤسسة السجنية، التي تعتبر من أكثر السجون حراسة وأمنا، في مارس/آذار 2017، وكان محكوما بثلاثين سنة سجنا، بعد إدانته في جريمة "اعتقال واختطاف واحتجاز تبعه موت وسرقة باستخدام السلاح"، ويتعلق الأمر بتقييد يدي ورجلي عجوز في التاسعة والثمانين من عمره وتكميمه، وهو ما أدى إلى موته خنقاً.

وهذا الحكم يضاف إلى حكم صدر ضده بالسجن لسنة بسبب "تبرير علني للأعمال الإرهابية"، إذ طلب في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وكان حينها في سجن في مدينة مولوز، في انتظار الحكم، من زملائه السجناء إعادة تمثيل الجريمة الإرهابية التي وقعت في مسرح باتاكلان بباريس في ساحة السجن.

وتنقل صحيفة "لوباريزيان" أن السجين وزوجته أعلنا عن رغبتهما بالانتقام لـ"أخيهما" من ستراسبورغ، في إشارة إلى شريف شكاط، الذي قتل ثلاثة أشخاص قبل أن تجهز عليه قوى الأمن. 

وكان السجين ميكائيل شيولو، الذي كان يراوده في صباه حلم أن يصبح كاهنا، والذي اعتنق الإسلام سنة 2010، تحت المراقبة في "سجل البلاغات من أجل الوقاية من التطرف ذي الطابع الإرهابي" ولكنه تطرَّفَ في السجن، وساهم سجنه، بتهمة القتل، في سقوطه في الأيديولوجيا الإسلاموية.

ويشرح محاميه سيدريك ديمانيي، لصحيفة لوباريزيان، "أن صغر سنه في السجن، ووجوده منعزلا في السجن، جعل الأوساط الراديكالية تمدّ أيديها إليه".

ولكن لا يُعرف لحد الآن إن كان السجين يوجد في الوحدة المخصَّصَة للسجناء الذين سقطوا في التطرف، وهو ما سيكشف عنه التحقيق الذي كُلّفت به المديرية الفرعية لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الإدارة العامة للأمن الداخلي والإدارة الإقليمية للشركة القضائية في مدينة رين.

ولا تعرف لحد الآن كذلك الطرق التي تم فيها إدخال سكين السيراميك، وتستبعد وزيرة العدل كليةً احتمال وجود السكين في "وحدة الحياة العائلية"، التي تضم مطبخاً. وثمة احتمال أن تكون الزوجة هي التي أحضرته، وخاصة أن إجراءات التفتيش لا تكتشف هذا النوع من المواد. 

دلالات