ينتظر مئات الفقراء والنازحين موسم الأضاحي في العراق، فمعظم هؤلاء إما بلا دخل على الإطلاق، أو من ذوي الدخل المحدود. فمع تدني المستوى المعيشي وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية واللحوم في الأسواق المحلية تراجعت القوة الشرائية لتلك الأسر، وبات عيد الأضحى بمثابة فرحة حقيقية منتظرة لهم.
يقول الحاج أبو سلمان (48 عاماً): "أعمل في أحد محلات الخضار في بغداد، عاملاً بسيطاً، وما أجنيه يومياً لا يكفي لسد احتياجات الأسرة، لذلك نضع أولويات لما نقوم بشرائه. مضى نحو ثلاثة أشهر لم أشترِ فيها كيلوغراماً واحداً من اللحم. لذلك، ننتظر عيد الأضحى بفارغ الصبر، فهناك كثير من المحسنين المقتدرين، ممن يذبحون الأضاحي ويوزعونها على الأسر الفقيرة، كحال أسرتي. وهكذا، نأمل أن نحصل على حصة من تلك الأضاحي".
يضيف أبو سلمان لـ"العربي الجديد": "باتت متطلبات الحياة كثيرة ومتنوعة، ومع ضعف الدخل اليومي، يكون من الصعب توفير كلّ ما تحتاج إليه الأسرة من ملابس أطفال جديدة للعيد تشترى من المحلات التجارية، ومن حلويات، وكثير من الحاجات الأساسية قبل أن نفكر بأيّ كماليات. كذلك، فإنّ الأسعار ارتفعت، وبات سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم يتراوح بما بين 12 ألف دينار (10 دولارات أميركية)، و16 ألفاً (13.4 دولاراً) وأكثر في بعض الأسواق، وما أحصل عليه في اليوم لا يتجاوز ثمانية آلاف دينار (6.7 دولارات) وهذا بالتأكيد لا يكفي لعائلة مكونة من ستة أشخاص".
كان تقرير للبنك الدولي قد ذكر أنّ نسبة الفقر وفقاً لخط الفقر المحدد بـ3.2 دولارات في اليوم كدخل للشخص الواحد، هي17.9 في المائة في العراق، فيما ترتفع النسبة باحتساب 5.5 دولارات كدخل للشخص الواحد في اليوم إلى 57.3 في المائة من سكان العراق. وعلى أساس خط الفقر الوطني العراقي، فقد وصلت نسبة السكان الفقراء إلى 22.5 في المائة. ويبلغ عدد سكان العراق 38.5 نسمة، أما الناتج المحلي الإجمالي فيصل إلى 197.7 مليار دولار.
مربي المواشي حامد فرج (54 عاماً) يقول لـ"العربي الجديد": "عيد الأضحى من أكثر المواسم التي نبيع فيها المواشي. وفي الأعوام الثلاثة الماضية هناك الكثير من الجمعيات والميسورين يشترون الأضاحي لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين سواء في الأحياء أو في مخيمات وتجمعات النازحين". يوضح أنّ سعر الأ يختلف بحسب المواصفات المطلوبة سواء كانت عجلاً أو خروفاً، فقد يكون سعر العجل ذي المواصفات الجيدة بين مليون و500 ألف دينار (1260 دولاراً) ومليون و700 ألف (1425 دولاراً). أما الخروف فيتراوح سعره بما بين 200 ألف دينار (168 دولاراً) و400 ألف (336 دولاراً)، فضلاً عن أجور الذبح التي تصل إلى 20 دولاراً للعجل، بينما تتدنى إلى 8 دولارات للخروف.
السيدة وفاء الخيلاني، نازحة إلى بلدة كلار، التابعة لمحافظة السليمانية، تقول لـ"العربي الجديد": "أمضيت أكثر من ثلاثة أعوام نازحة، ومع كلّ عيد يصبح لدينا كثير من لحوم الأضاحي، فهناك العديد من المنظمات الإنسانية التي توزع اللحوم علينا، فضلاً عن بعض الأشخاص". تضيف: "هنا حيث نزحنا يختلف العيد عما كان عليه في مدينتنا ديالى، إذ افترقنا عن أقاربنا وجيراننا وديارنا، لكنّنا نحاول أن نرسم الابتسامة على وجوه أطفالنا، وكلّ من حولنا، لذلك، نعدّ الحلويات، ونحضّر وليمة من لحوم الأضاحي التي تصلنا، فنحتفل قليلاً وإن للتخفيف عن أنفسنا مرارة النزوح التي طال أمدها".
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد كشفت، أنّ عدد النازحين داخل العراق حالياً هو أكثر من 2.3 مليون، والذين عادوا إلى مواطنهم الأصلية أكثر من 3.5 ملايين، لافتة إلى أنّ الاستجابة لاحتياجات هذه الفئات الضعيفة تمثل أولوية قصوى بالنسبة للمنظمة، كما هو موضح في نداء تمويل أزمة 2018 الذي قدمته. ومن بين مليونين و300 ألف نازح، يعيش أكثر من 631 ألفاً في المخيمات، و260 ألفاً في المستوطنات العشوائية والمباني غير المكتملة والمباني الدينية والمدارس.