فتى صنعاء

22 ابريل 2015
يحمل كيسه ويغنّي.. (محمد حمود/ الأناضول)
+ الخط -

كيس الخيش ثقيل. يستعين الفتى بكلتا يدَيه لحمله، وقد ألقاه على ظهره. ويتقدّم في أحد أزقّة صنعاء الخالي حتى من القطط الشاردة.

الصغير ليس عامل تنظيفات، لكن كيسه مليء بالقمامة. هو جمعها من أمام منزل عائلته ومنازل جيران الحيّ في الصباح، لينقلها قرابة الظهر إلى مكبّ النفايات الكبير في الجهة الأخرى من الحيّ.

هذه مهمته اليوميّة، منذ نحو أسبوع. فالنفايات تتكدّس في العاصمة اليمنيّة صنعاء، بعد توقّف كل الخدمات من جرّاء نقص كبير في المحروقات. هي أزمة بدأت مع استمرار عمليات "عاصفة الحزم" التي انطلقت قبل ثلاثة أسابيع.

يحمل الفتى كيسه ويغنّي بصوت عالٍ. ففي هذا الزقاق، ما من أحد غيره. يحاول الإسراع، لكن ثقل الكيس يعوّقه.

ويغنّي. علّمته خالته أن يفعل كلما شعر بالخوف، وهذا ما اختبره أخيراً. الغناء يجعل القصف في الليل، أخفّ وطأة عليه. هذا القصف الذي يستمرّ والذي لا يعرف أسبابه. لا يهمّه ذلك.

كلّ ما يعنيه أنه لم يعد قادراً على الذهاب إلى المدرسة ولم يعد والداه يسمحان له باللعب مع رفاق الحيّ بعد الانتهاء من واجباته المدرسيّة. ما يعنيه أنه أصبح مجبراً على نقل القمامة إلى المكبّ الكبير في الجهة الأخرى من الحيّ، واجتياز هذا الزقاق المخيف. قبل أن يُوكَل بذلك، كان والداه يمنعانه من عبوره. في ذلك الحين، لم يسألهما عن السبب. اليوم أيضاً، لم يسألهما عن سبب تبديلهما لرأيهما.

ويغنّي. علّمته خالته أن يفعل كلما شعر بالخوف.