يفرض الواقع الاقتصادي الذي تعيشه مصر راهناً، نفسه على "فالنتاين" أو "عيد الحب" الموافق يوم 14 فبراير/ شباط من كل عام. ويشتكي أصحاب محال الهدايا والأزهار من حالة الركود في حركة البيع والشراء بسبب ارتفاع الأسعار، الذي لم ينجُ منه هذان السوقان. وهو الأمر الذي ينعكس على مظاهر الاحتفال السنوي بالمقارنة بالأعوام السابقة، بحسب ما يؤكد التجار، الذين يعدّونه موسم رزق لهم. خلاله، يُقبل المحبّون على شراء الهدايا والورود ليقدّموها إلى بعضهم بعضاً.
على الرغم من تزيين عدد من المحلات بالقلوب الحمراء وباقات الورود، إلا أن ثمّة عزوفاً واضحاً من قبل المحبّين عن الشراء. هؤلاء الشباب الذين كانوا يحرصون على الاحتفال بهذه المناسبة سنوياً، لم يفعلوا هذا العام نظراً لظروف كثيرين منهم.
"فالنتاين" أو "عيد الحب"، مناسبة رومانسية يتبادل فيها المحبّون في مصر، كما في بلدان العالم كله تقريباً، الورود والهدايا. تختلف طريقة تبادل الهدايا بحسب الطبقات الاجتماعية المختلفة أو الفئات العمرية. ويبقى الشباب أكثر الفئات المهتمة بالاحتفال الرومانسي، فيشترون الهدايا والورود الحمراء لأحبائهم.
الأحمر يكسد
ويطغى اللون الأحمر على كل شيء. في مثل هذا اليوم، تكثر الورود الحمراء ويزداد الإقبال عليها، فيما تصنع محلات الحلوى أنواعاً متعددة من الحلويات الحمراء. ويزدهر بيع القلوب الحمراء والدببة المحشوة، الحمراء أيضاً. "هذا ما كانت عليه الحال في سنوات سابقة، أما اليوم فحالنا معلّقة". هكذا يلخص البائع الأربعيني صابر جاد، حال البائعين في منطقة المهندسين، إحدى المناطق الراقية في القاهرة.
في جولة على عدد من محلات الأزهار، يشكو أصحابها حالهم لـ "العربي الجديد". بهاء سيّد صاحب محل في وسط القاهرة، يقول إن "الحالة نايمة عموماً في البلد. وقد أثّر هذا الوضع علينا، لجهة بيع باقات بصورة عامة". يضيف أن "الفالنتاين كان فرصة لنا في السنوات الماضية. كنا نعدّه مصدر رزق سنوياً لنا". من جهته، يشكو محمد صادق وهو صاحب محل ألعاب، من ضيق الحال. يقول: ''للأسف السوق تعبان جداً هذا العام، والإقبال على شراء الدببة المحشوّة مثله مثل الأيام العادية، بسبب حال البلد التي لا تسر أحداً".
أما الحاج حماد إبراهيم وهو صاحب محل للهدايا في منطقة الدقي، فيشير إلى أن "الفالنتاين بدأ ينهار، بسبب غلاء أسعار الهدايا". ويشدد على أن "لدى الناس أولويات ثانية. وحالة الركود التي تشهدها المحلات ليست وليدة هذا العام، لكنها تزداد وبشكل ملحوظ حالياً، مع ارتفاع الأسعار بنسبة مائة في المائة".
نبيل تهامي بائع أزهار، يقول إن "الكميات المعروضة من الورود الحمراء تفوق حجم الطلب عليها، والأمر يزداد صعوبة بسبب ارتفاع الأسعار. وقد ارتفع ثمن الوردة الواحدة من أربعة جنيهات مصرية إلى عشرة (ما بين نصف دولار أميركي و1.30 دولار". يضيف أن "المرتبطين والمخطوبين امتنعوا عن شراء الورود هذا العام، ورأوا أن الهدايا أفضل وأوفر"، متوقعاً اختفاء بيع الورود بسبب الخسارة الفادحة. ويوضح أن "أسعار باقات الورد تتراوح ما بين 250 و900 جنيه (32 - 115 دولاراً)، وذلك بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار". وهذا الارتفاع لم يطاول سوق الأزهار فحسب، إذ يؤكد حسين محمد صاحب محل هدايا في شارع جامعة الدول العربية، أن "الأحوال واقفة، وكل عام يتراجع عن العام الذي سبق. ولا يوجد زبائن تشتري".
العشاق يشكون
إلى ذلك، يشكو الشباب المغرمون أو المرتبطون بخطوبة أو المتزوجون. يقول محمد عبد الراضي (محاسب): "أنا خاطب حديثاً، وهذا أول عيد حب لنا. لكن الأيام جميعها تشبه بعضها، ومرتّبي بالكاد يكفيني إلى آخر الشهر". يضيف: "حتى لو فكرت أن أوفّر لهذه المناسبة، فإن الأمر مستحيل. نصف مرتبي يذهب إلى الجمعيات، لكي أتمكّن من الالتزام بموعد زواجي المتفق عليه".
من جهتها، تقول فاطمة محمد (ربة منزل) إن "الدروس ومستلزمات الأولاد والمصاريف اليومية، أهم بكثير من تلك الاعتقادات"، مؤكدة أن "عدداً كبيراً من الأسر المصرية في هذه الظروف، لا تهتم بهذا اليوم". أما محمود السيد، فيقول: "أفضّل الخروج مع خطيبتي في هذا اليوم فقط"، مشيراً إلى أن حاله مثل حال شباب كثيرين "يدورون في ساقية يومية من أجل لقمة العيش فقط، بالتالي لا وقت للحب". يضيف أن عدداً كبيراً من الشباب يشكو من الظروف والضغوط المفروضة عليه في ظل غياب تام للدولة عن رعاية أبنائها".
في هذا الإطار، أطلق مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ #الفلانتين_هتقضيه_ازاي قبل ساعات قليلة من الاحتفالات التي انطلقت حول العالم. وراح المغرّدون يشاركون فيه بفاعلية، الأمر الذي جعله يتصدّر قائمة الأكثر تداولاً في مصر بعد إطلاقه بدقائق قليلة.
اقرأ أيضاً: عمومية أطباء مصر.. التصعيد حفاظاً على هيبة المواطن والدولة