فاطمة نازحة وليست متسوّلة

25 ديسمبر 2014
كانت فاطمة تملك منزلاً وعملاً في سورية (الأناضول)
+ الخط -

تسندُ فاطمة، وهي نازحة سورية، رأسها على الحائط. تنظر إلى ابنها خليل وهو يلعب بالوحل على الرصيف. تصرخ في وجهه حين يهم بتناول بقطعة من الحلوى مرمية على الأرض. يقول لها باكياً: "أنا جائع وأريد شراء الشوكولا". القاطن في شارع سليم سلام (بيروت)، اعتاد رؤية فاطمة تجلس على كرسي خشبي ليلاً، تحمل ابنها في حضنها، وتنتظر من يحسن إليها ويعطيها القليل من المال.

فاطمة لا تتسوّل طوال اليوم. ما إن تحصل على مال يكفيها لشراء الطعام لأبنائها وزوجها المقعد، حتى تعود إلى منزلها في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، لتحتضن أبناءها الأربعة وتساعد "حبيب عمرها الذي لا يقوى على الحراك"، كما تقول.

قصّة فاطمة لا تختلف عن قصص كثير من العائلات السورية، التي نزحت إلى لبنان. كانت تملك منزلاً وبستاناً وعملاً لا بأس بمردوده. المهم أنها لم تكن في حاجة إلى أحد. لكنها تعيش اليوم في بيت مصنوع من التنك. أصيب زوج فاطمة بصاروخ خلال المعارك في محافظة إدلب السورية. هربت منذ سنتين وجاءت إلى لبنان. قدمت أوراقها إلى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين السوريين، للحصول على مساعدات مالية أو غذائية، إلا أن المفوضية رفضت طلبها.

تقول لـ "العربي الجديد": "لعل الله كان يخبئ لي ما هو أفضل. أشكره على عدم قبول طلبي وتسجيل اسمي كنازحة في لبنان، بخاصة بعد صدور قرار بسحب صفة نازح عن كل سوري مسجل لدى المفوضية، يتوجه إلى سورية لزيارة أهله أو أقاربه". تستاء فاطمة من الذين يصفونها بـ "المشردة" أو "المتسولة". تعرّف عن نفسها بأنها ربة منزل. تضطر إلى الجلوس على الأرصفة بعدما تقفل الأبواب في وجهها ولا يطلبها أحد لتنظيف منزله. لا تترك أولادها قبل أن تحضر لهم الطعام. تقول: "الحمد الله أن زوجي لا يحتاج إلى دواء لأنه اضطر إلى بتر رجله". تضيف: "أمضي ثلاث ساعات على الطريق وعندما أجمع نحو عشرة دولارات أعود إلى المنزل وبحوزتي الخبز والماء لأطفالي".

تتابع فاطمة: "بنينا منزلاً صغيراً من التنك في أحد شوارع الضاحية الضيقة. نخشى التنقل بسبب الظروف الأمنية، بخاصة أننا سوريون". تصف وضعها بالصعب، وتتمنى لو يعود ابنها إلى المدرسة قبل فوات الأوان. تقول إن ابنها البكر (14 عاماً) يعمل وشقيقه (12 عاماً) في ورشة لتصليح السيارات. أما ابنتها (9 أعوام)، فتجلس في المنزل طوال الوقت. لذلك، تأمل أن يتمكن خليل، ابنها الصغير، من الذهاب إلى المدرسة. أما هو، فيقول: "لا أريد الذهاب إلى المدرسة. لا أحد يحبنا هنا".
المساهمون