فاطمة الشرفي.. رحيل في سويسرا

13 مايو 2018
(1955 - 2018)
+ الخط -
جمعت الفنانة التونسية فاطمة الشرفي (1955 – 2018) التي رحلت منذ أيام في جنيف، بين الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي وفن الفيديو إلى جانب عملها الأكاديمي، في أعمالها التي عكست جملة مواقف سياسية وفكرية ضد العنصرية وعدم المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية.

ولدت الراحلة في صفاقس، وتخرّجت من "معهد الفنون الجميلة" في تونس العاصمة، ثم سافرت إلى بولندا لتكمل دراساتها العليا في الرسوم المتحرّكة، كما نالت درجة الدكتوراه في الجماليات وعلوم الفن من جامعة "بانتيون السوربون" في باريس، قبل أن تستقّر في سويسرا وتعمل محاضرة في "معهد جنيف للفنون البصرية" حتى رحيلها.

ارتبطت تجربة الشرقي بتنظيراتها حول الهوية والدور الاجتماعي للمرأة والفن الأفريقي المعاصر وشتات فنانيه، وكانت لها انتقادات قاسية لكيفية تعامل الحكومات الأوروبية، ومنها السويسرية، مع المهاجرين الذين يواجهون التمييز وعوائق عديدة في مجتمعاتهم الجديدة.

أعادت الفنانة إنتاج إحدى الشخصيات الخرافية في الموروث التونسي تدعى "عبروك"، والتي تُنسب إليها الخوارق من الأمور ولها تمثّلات عديدة كالغول والجن، كما أصبحت المفردة تُطلق في ما بعد على "الشخص المخادع المتغطرس والمستسلم لنزواته والرغبة في السيطرة"، ليظهر في معظم أعمالها منذ بدايات التسعينيات.

من أعمال فاطمة الشرفيقدّمت "عبروك" كائناً هجيناً يجمع بين البشري وشكل الحشرة صنّعته من الورق المطوي وبألوان مختلفة، معبّراً عن الغضب ورفض الموت حين ظهر أول مرة على إثر حرب الخليج، في اعتراض صارخ منها على ما تخلقه الحروب من تشوّهات لا تمحى وما تنتجه من سواد وشرور وانحطاط في النفس البشرية.

في قراءتها، تشير الباحثة التونسية عواطف منصور إلى أن "فاطمة شرفي تعبّر من خلال أسطورتها الشخصية عن اهتمامها بمسائل وجودية تستفز حواس المشاهد وتعرّي الحقيقة المخفيّة، ففنّها هو تعبير قوي استفزازي يحمل رسائل فنية ذاتية، قائمة على مفارقة وجدليّة أساسية قائمة بين عالم الموجود وعالم المنشود".

تعرض الفنانة في معرضها "حديقة وكوارث" عمل فيديو، تقدّم من خلاله مجموعة من "العباريك" الذين يسيرون بألوان متنوّعة؛ الأبيض والأحمر والأخضر والأسود، ثم سرعان ما تنصهر الألوان وتتشابك الأشكال لتكوّن جسداً واحداً بعد أن تختفي الفروقات بين كل "عبروك"، في سياق نقدها للعنصرية وما تفترضها من اختلافات وهمية بين البشر.

مزجت في أعمالها بين الوسائط التكنولوجية والنصوص الأدبية والرسم والتصوير والنحت والموسيقى، لتوّجه رسائل صادمة إلى كلّ خطابات الكراهية والعنف التي تنبذ الآخر، وتؤكد على حلمها بعالم متسامح خالٍ من الحروب.

المساهمون