فاروق الأسود.. شهادة الدكتوراه قريباً

09 فبراير 2017
عدم إقامته في مخيّم حسّن ظروف عيشه (حسين بيضون)
+ الخط -
لا مكان لليأس في حديث مهندس الديكور فاروق الأسود. الشاب الفلسطيني المولود في عام 1994، بات محطّ اهتمام أهالي مدينة صيدا في جنوب لبنان، بعدما تخرّج من كليّة الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللبنانية أوّلاً من بين نحو 300 طالب. وبات الناس يتعرّفون إليه في شوارع المدينة ويُحيّون تفوّقه العلمي. يستغرب فاروق هذا الاهتمام الجديد، خصوصاً أنه يأتي بعد أشهر طويلة على صدور النتائج، ويردّه إلى مقابلات تلفزيونية تحدّث خلالها عن التفوّق ومعناه في بلد يعاني اللاجئون المقيمون فيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة.

لم يكن فاروق متفوقاً طوال مراحل دراسته، وقد أثّرت التغيّرات التي طرأت على حياته في صيدا على تحصيله العلمي. بدأ تعليمه في إحدى المدارس الخاصة التي حجز فيها موقعاً دائماً على لائحة الشرف، التي كانت تُعلّق عند المدخل. بعد نيله الشهادة المتوسطة (الصف التاسع)، انتقل إلى مدرسة رسمية، فتراجع مستواه التعليمي كثيراً ورسب في الصف العاشر. ولأنّه ورث عن عائلته المُتحدّرة من عكا (شمال غرب القدس) عدم خوض التجربة نفسها مرّتَين، قرر التوجّه نحو التعليم المهني. اختار في مهنيّة صيدا اختصاصاً يمكّنه من مساعدة والده النجّار على توسيع عمله. أنهى خلال سنوات ثلاث اختصاص التجميل الداخلي (هندسة الديكور)، ونصب عينَيه استكمال دراسته في الجامعة اللبنانية ذات الكلفة المادية المقبولة والمستوى التعليمي المتميّز.

عانى فاروق من صعوبة حجز مقعد دراسي بسبب تخصيص العدد الأكبر من المقاعد للطلاب اللبنانيين، وترك عدد قليل فقط للطلاب الأجانب، ومنهم الفلسطينيون. لم يعرف زملاء فاروق وأساتذته بمعظمهم أنّه فلسطيني خلال العام الأول، والسبب كما يقول هو لهجته الصيداوية. حمل الشاب الفلسطيني مواد كثيرة خلال العامَين الأولين من الدراسة، قبل أن يتأقلم ويتفوّق ويحصد المركز الأول من بين 30 طالباً في اختصاصه ونحو 300 طالب في الكلية.

اليوم، يتابع فاروق دراسته لتحصيل شهادة الماجستير، ومن بعدها الدكتوراه في الهندسة الداخلية. كذلك، يعمل من ضمن فريق من الخرّيجين الشباب في مدينة صيدا في مكتب يقدّم خدمات هندسية وإعلامية. أمّا العمل، فموضوع صعب بالنسبة إليه، لأسباب شخصية وأخرى مرتبطة بالوضع الاقتصادي العام في صيدا ولبنان. وفي السياق نفسه، يقول فاروق إنّ اللبناني يفضّل عادة العمل مع لبناني، فيأتي اللاجئ الفلسطيني خياراً ثانياً. لكنّ المميّز في اختصاصه هو القدرة على استلام مشاريع خاصة، والمهم في هذا المجال هو تأمين استمرارية المشاريع من خلال العلاقات العامة.

ويشير فاروق إلى أنّ عدم إقامته في مخيّم للاجئين ساهم في تحسين ظروف عيشه إلى حدّ كبير، لكنّه يستدرك قائلاً إنّ حالات تفوّق عدّة تُسجَّل بين الطلاب الفلسطينيين في المخيمات، "وهو دليل على أنّنا شعب يحب التعلم ويحب الحياة".

المساهمون