كان عام 2018 صعباً على الشركات التكنولوجية في "وادي السيليكون"، ولم تسلم العملاقة "غوغل" من موجة الأزمات، إذ واجهت معارضة داخلية وخارجية، بعد انتشار تقارير عن نيتها العودة إلى الصين، والخضوع للرقابة هناك، وواجهت اتهامات بالتحيز السياسي، فضلاً عن التجسس على مستخدميها، وخاصة النساء والأطفال، وكُشف عن فضائح تحرش جنسي داخل مكاتبها. ولا يمكن تجاهل الغرامة الأضخم على الإطلاق الذي فرضها عليها الاتحاد الأوروبي.
وفي انتظار الإصلاحات مع بدء العام الجديد، نورد أدناه نظرة على أبرز الأزمات والفضائح التي طاولت الشركة في 2018، على أصعدة عدة أهمها المنافسة والخصوصية:
محرك البحث الصيني
موقع "ذي إنترسبت" كشف، في أغسطس/ آب الماضي، أن "غوغل" تعمل على إنشاء تطبيق مخصص للهواتف المحمولة، تحت اسم "دراغون فلاي"، يحظر مصطلحات بحث معينة، وبالتالي يتيح لها العودة إلى السوق الصيني، بعد خروجها منه قبل 8 سنوات بسبب الرقابة والقرصنة الإلكترونية.
ويربط محرك بحث "غوغل" الخاضع للرقابة في الصين أسئلة المستخدمين بأرقام هواتفهم، ما يسهل على الحكومة تتبّع عمليات البحث التي يقومون بها، ويستبعد المحتوى الذي لا توافق عليه الحكومة الصينية، مثل المعلومات المتعلقة بالديمقراطية وحرية التعبير والاحتجاجات، وفقاً لـ"ذي إنترسبت".
لكن المعارضة الداخلية أجبرت الشركة على إيقاف مشروعها، في ديسمبر/ كانون الأول الحالي، بعد أن اشتكى فريق الخصوصية في الشركة من إخفائه عنهم، واحتج الموظفون والجمعيات الحقيقة لانتهاكه حقوق الإنسان وتعارضه مع الحريات.
التحيز ضد المحافظين
مثل الرئيس التنفيذي في الشركة، ساندر بيتشاي، أمام الكونغرس، في ديسمبر/ كانون الأول الحالي، حيث استُجوب حول مزاعم تحيز الشركة ضد المحافظين.
وفي ردّه على هذه الاتهامات، أكد بيتشاي أن الشركة سمحت لهيئة خارجية مستقلة بدراسة نتائج البحث لاستكشاف التحيز السياسي، لكن الانتقادات في القاعة تواصلت مشككةً في كون الدراسة قد أنجزتها جهات غير مستقلة.
وخضعت "غوغل" للتدقيق في واشنطن، بعدما اتهمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أغسطس/ آب الماضي، بـ"التلاعب بنتائج عمليات البحث" و"قمع أصوات المحافظين".
التحرش في مكان العمل
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن آندي روبن، أحد المشاركين في ابتكار نظام "أندرويد"، تلقى مبلغ 90 مليون دولار مقابل مغادرة الشركة بهدوء عام 2014، بعد أن أثبتت عليه تهمة التحرش الجنسي بموظفة واعدها مرة واحدة. وأفادت الصحيفة بأن واحداً من المديرين التنفيذيين سيئي السمعة على صعيد السلوك الجنسي، لا يزال يتابع عمله في "غوغل".
وأكدت الشركة أنها طردت خلال العامين الماضيين، 48 موظفاً بينهم 13 مديراً، بسبب اتهامهم بالتحرش الجنسي.
على ضوء هذا الكشف، استقال مدير قسم الأبحاث والتطوير التجريبي التابع لشركة "ألفابِت"، "غوغل إكس"، ريتشارد ديفول، من منصبه، بعد الكشف عن تورطه في مضايقات جنسية. كما خرج نحو 20 ألف موظف في "غوغل" حول العالم في مسيرة، احتجاجاً على تعامل الشركة مع الادعاءات ضد ديفول وغيره من المسؤولين التنفيذيين في قضايا التحرش الجنسي، في نوفمبر/ تشرين الثاني، وطالبوا شركتهم بمزيد من الشفافية حول تعاملها مع التحرش الجنسي والتفاوت في الأجور والفرص، فضلاً عن تمكين الموظفين، وفقاً لبيان صادر عنهم.
وقد أكدت "غوغل" أنها ستتخذ تدابير جديدة، تتيح لموظفيها التحدث بحرية أكبر، حول قضايا التحرش الجنسي في الشركة.
تتبع مواقع المستخدمين
كشفت تحقيقات أجرتها وكالة "أسوشييتد برس" و"جامعة برينستون"، الأسبوع الماضي، أن "غوغل" تستمر في تتبع المستخدمين حتى حين يوقفون خاصية "تاريخ الموقع" Location History. إذ تواصل ميزة Web and App Activity المنفصلة تخزين بيانات مواقع مستخدمي "أندرويد" و"آيفون".
غرامة من الاتحاد الأوروبي
فرضت جهات مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي، في يوليو/ تموز الماضي، غرامة بقيمة 4.3 مليارات يورو (خمسة مليارات دولار) على "غوغل"، لاستخدامها نظام أندرويد لتشغيل الهاتف المحمول، على نحو فيه تهميش للمنافسين.
والغرامة هي الأعلى على الإطلاق التي فُرضت على شركة لانتهاكها قواعد الاتحاد الأوروبي، وتأتي بعد ما يزيد على عام من فرض غرامة بقيمة 2.4 مليار يورو (الدولار يساوي 0.8601 يورو) على "غوغل" بسبب إعطاء أفضلية لخدمتها للتسوق على منافسيها.
وكانت بروكسل قد اتهمت "غوغل"، في 2016، بإساءة استخدام نظام التشغيل "أندرويد"، للمحافظة على هيمنته على أسواق الإنترنت. وشملت أساليب "غوغل" مطالبة صانعي الهواتف الذكية بتثبيت متصفح الشركة، في حال رغبت الشركات في الوصول إلى تطبيقات الهواتف المحمولة الشهيرة ومتجر التطبيقات. كما تزعم المفوضية الأوروبية أن "غوغل" قدمت حوافز مالية لصانعي الأجهزة، لتثبيت محرك بحث "غوغل" على منتجاتهم مسبقاً.
مشروع "مايفن"
نجح الموظفون في شركة "غوغل" بثني الشركة عن تعاونها مع وزارة الدفاع الأميركية، بعد احتجاجٍ لأشهر، كانت نهايته إعلان الشركة عدم تجديد العقد مع الوزارة، في يونيو/ حزيران الماضي.
وجاءت هذه الخطوة بعد النزاع حول قرار الشركة تطوير برنامج خاص بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) يستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي في تحليل لقطات الفيديو، ويمكن استغلاله في تحسين أهداف هجمات الطائرات من دون طيار (درون). ويشمل المشروع الذي يطلق عليه اسم "مايفن" خصوصاً الطائرات بدون طيار واستخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة هذه الطائرات على التمييز بين البشر والأشياء.
وعلى الرغم من أن شركات التكنولوجيا تسعى غالباً نحو عقود في قطاع الدفاع الأميركي، إلا أن مشاركة "غوغل" في برنامج "مايفن" استفزت الموظفين. وفي أواسط أيار/ مايو الماضي، حصدت عريضة أطلقت في شباط/ فبراير لمطالبة غوغل بالبقاء خارج "تجارة الحرب" أكثر من أربعة آلاف توقيع بين الموظفين كما أن نحو 12 موظفاً لوحوا بالاستقالة.
الاستثمار في التجسس على النساء
كشفت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، في يونيو/ حزيران الماضي، أن "غوغل" تستفيد من بيع تطبيقات مخصصة للهواتف المحمولة يستخدمها رجال مؤذيون في التجسس بشكل غير قانوني على شريكاتهم. وهذه التطبيقات يمكن تحميلها على شبكة الإنترنت، وتستخدم ضد 10 آلاف امرأة بريطانية على الأقل سنوياً.
ويتخطى عدد التطبيقات ضمن هذه الفئة الـ 3 آلاف تطبيق على متجر التطبيقات الخاص بالشركة "بلاي ستور". ويستطيع المستخدمون الاشتراك في أحد هذه التطبيقات مقابل مبلغ قد يصل إلى 30 جنيهاً إسترلينياً في الشهر، ويحملونه على هاتف المرأة المستهدفة، علماً أن "غوغل" تحصل على نسبة تقدر بين 15 و20 في المائة من إجمالي عمليات شراء التطبيقات المتاحة على متجرها.
وعند تحميل هذه التطبيقات، يحصل المستخدم على بيانات الموقع للمرأة المستهدفة، الرسائل النصية، سجلات المكالمات، كما يتيح إمكانية الوصول إلى الكاميرا والميكروفون.