تتراوح ردود فعل المصريين على غناء المطربين العرب لمصر وأهلها بين اتهامات بالنفاق والتملّق وركوب الموجة، وبين ترحيب بمشاعر الأخوة والاتحاد. فما خلفية وجهتي النظر؟ "العربي الجديد" سألت بعضاً من أهل الموسيقى والغناء في مصر.
عن غناء العرب لمصر قال الموسيقار الكبير حلمي بكر إنّه يعرف بعض الفنانين العرب الذين غنّوا تملّقاً للشعب المصري، ورفض ذكر أسمائهم تحاشياً لإحراجهم.
وأضاف بكر: "علينا أن نلتفت إلى جانب مهمّ جداً، هو أنّ غناء المطربين العرب لمصر كشف صمت المطربين المصريين، أين كبار المطربين والمطربات؟ أليس من الأولى أنّ يغنوا هم لمصر في ظل المحنة والكارثة التي نعيش فيها".
واعتبر الموسيقار المصري غناء المطربين العرب لمصر فأل خير، فما تفرّقه السياسة قد يجمعه الفنّ.
من جانبه، قال الناقد الموسيقى أشرف عبد المنعم: "مع احترامي الشديد لبعض الأصوات غير مصرية التي غنت لمصر إلا أنّ البعض، مثل كارول سماحة ونانسي عجرم، غنتا لمجرد ركوب الموجة "، وأعتبر أنّ المطرب الإماراتي حسين الجسمي غنّى من قلبه لمصر، بل وطالب كذلك بمنحة الجنسية المصرية.
وأشار الناقد المصري ردّاً على تساؤلنا بشأن هجوم المطرب المصري هاني شاكر على أغنية الجسمي "بشرة خير"، واتهامه للجسمي بتجسيد مصر كما لو إنها "ملهى ليلي" قائلاً:" غيرة فنية، وأعتقد أنّ هاني نفى تلك التصريحات وتبرأ منها، وإن كان قالها بالفعل فقد أخطأ، وعليه أن يغنّي أغنية ترفع من أرواحنا المعنوية كما فعل الجسمي، وإذا قالها وندم وعاد عن تصريحاته فهذا شيء يحسب له أيضا".
أما الموسيقار هاني مهنى، رئيس اتحاد النقابات الفنية، فقد رفض تهمة النفاق التي تلصق بمن يغني في حبّ مصر والمصريين، لأنّ فيها نوعاً من الإقصاء غير المحبّب، مضيفاً: "طالما فتحت مصر قلبها قبل عقلها للفنانين العرب، غنوا لها عبر العصور، مثل وديع الصافي والشحرورة صباح ونجاح سلام. وغيرهم من أكبر الأسماء في الوطن العربي، والآن غنّت لها نانسي عجرم وحسين الجسمي، فأهلاً بالجميع".
ووصف مهنّى أغنية الجسمي التي أثارت جدلاً واسعاً، "بشرة خير"، بأنها "غنيوه"، نافياً أنّ تكون أغنية طربية، بل مجرد نداء للمصريين، رافضاً أن يكون الجسمي يقصد بغنائه أياً من المرشحين لرئاسة مصر، سواء المشير عبد الفتاح السيسي أو حمدين صباحي، بل غنّى للمصيرين لتحفيزهم على التوجّه لصناديق الانتخابات ليقولوا كلمتهم، ويقفوا يداً واحدة تجاه أي عدوان على مصر.
أما الشاعر الغنائي عنتر هلال فاعتبر غناء المطربين العرب للمصريين ظاهرة صحية لا غبار عليها، نافياً صفة النفاق، موضحاً أنّ من غنوا لمصر ليسوا في حاجة للمال أو الشهرة، معتقداً إنّهم غنّوا دون أجر، وأوضح عنتر إن هذه الأغاني فرصة ليلتفّ العرب حول بعض، ولإزالة أي فواصل إن وجدت.
وشجّع الكاتب والشاعر الغنائي فوزي إبراهيم هذه الظاهرة معتبراً أنّها تؤثّر في المصريين أكثر مما يؤثر فيهم غناء مطرب مصري لهم ولمصر، لأنّ المصريين يثمّنون التفات أشقائهم لهم، ويشعرون بالدعم والمحبة تحديداً في هذه الأيام. وأضاف إبراهيم: "الوطن العربي كيان واحد ومصر قلبه، ولا جديد إنّ غنّى العرب لمصر، فقد غنّى المصريون للدول العربية الأخرى، وهذا لا يعدّ نفاقاً، أو أي من هذه الاتهامات التي لا أعرف أساساً لها أو مبرّراً... نفاق المطربين الحقيقي يحدث إذا غنّوا لدولة غير عربية".