غلاء جديد في مصر... التضخم يعاود الارتفاع وزيادة مرتقبة للوقود تربك الأسواق

11 يونيو 2019
ارتفاع الأسعار يلتهم زيادات ضعيفة للرواتب (فرانس برس)
+ الخط -

 

واصلت الأسعار في مصر ارتفاعها خلال مايو/ أيار الماضي، بينما يترقب المواطنون موجة جديدة من الغلاء، بعد إقرار زيادة في أسعار الكهرباء يعقبها رفع لأسعار المحروقات خلال الأيام المقبلة، ما يثقل من الأعباء المعيشية لأغلب المصريين، الذين تسببت الإجراءات الحكومية خلال السنوات الخمس الأخيرة، في موجات غلاء غير مسبوقة عليهم، منذ أكثر من نصف قرن.

وأظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي، أمس الإثنين، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن ازداد إلى 14.1 بالمائة في مايو/ أيار من 13 في المائة في إبريل/ نيسان، وذلك بعد أن شهد تراجعاً خلال شهري مارس/ آذار وإبريل/ نيسان.

وعلى أساس شهري، ازدادت وتيرة ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة 1.1 بالمائة في مايو/ أيار، مقابل 0.5 بالمائة في إبريل/ نيسان.

وتقابل البيانات الحكومية حول معدلات التضخم، بالتشكيك من قبل العديد من خبراء الاقتصاد. وقال أحمد إبراهيم الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد"، إن الزيادات المتلاحقة في الأسعار، تضع الكثير من علامات الاستفهام أمام التشكيك بشفافية هذه البيانات.

وتوقع إبراهيم، حدوث موجة جديدة من الغلاء ولا سيما بعد زيادة أسعار الكهرباء نهاية مايو/ أيار الماضي، وكذلك بعد زيادة مرتقبة على أسعار المنتجات البترولية خلال الأيام القليلة المقبلة.

وتنفذ الحكومة برنامجاً اقتصادياً منذ 2016، مدته ثلاث سنوات مع صندوق النقد الدولي، يتضمن تحرير سعر الصرف، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإلغاء دعم الوقود والكهرباء، وتقليص أعداد العاملين في الجهاز الإداري للدولة، وذلك مقابل الحصول على قرض الصندوق البالغة قيمته 12 مليار دولار، حصلت منها مصر على 10 مليارات دولار.

وتعهدت الحكومة لصندوق النقد بإيصال أسعار الوقود إلى سعر الكلفة منتصف يونيو/ حزيران الجاري، بعد رفع أسعار المحروقات في يونيو 2018، بنسبة وصلت إلى 67 في المائة، وفي نفس الشهر من العام السابق 2017 بنسبة 55 بالمائة، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، بنسبة تراوحت بين 30 و47 في المائة، وفي يوليو/ تموز 2014، بنسبة اقتربت من الضعف، لتراوح الزيادة الإجمالية بين 400 و500 في المائة.

وتأتي الزيادة المرتقبة في أسعار الوقود بينما قررت الحكومة نهاية مايو/ أيار الماضي، رفع أسعار الكهرباء بنسبة تصل إلى 38 في المائة، ما يجعل الكثير من السلع والخدمات في مرمى زيادات بالأسعار.

وتلتهم هذه الزيادات، الإضافات المحدودة على رواتب العاملين في الحكومة، التي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي نهاية مارس/ آذار الماضي، وشملت رفع الحد الأدنى للأجور بالدولة من 1200 جنيه شهرياً إلى ألفي جنيه (119 دولاراً)، ومنحهم علاوة استثنائية بمبلغ 150 جنيهاً، فضلاً عن زيادة المعاشات بواقع 15 في المائة، ورفع الحدّ الأدنى لها إلى 900 جنيه شهرياً.

وتساءل هيثم الحريري عضو مجلس النواب (البرلمان) في جلسة برلمانية يوم الأحد الماضي: "كيف سيعيش أصحاب المعاشات في ظل الغلاء، وكيف سيحصلون على العلاج؟".

وبينما تتسبب زيادة فواتير الكهرباء والوقود في ارتفاع أسعار السلع المختلفة، تتوقع مؤسسات دولية، معاودة الدولار الصعود أمام الجنيه المصري خلال الفترة المقبلة، ما سيكون له تأثير سلبي على قيمة الواردات في البلد الذي يعتمد في الكثير من حاجاته على الاستيراد.

وتوقعت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" البحثية في لندن، أن يفقد الجنيه جميع المكاسب التي حققها أمام الدولار خلال الأسابيع الماضية، لينخفض مجدداً إلى مستوى 18 جنيهاً للدولار الواحد في نهاية العام الجاري، و19 جنيهاً بنهاية العام المقبل 2020.

ويتزايد القلق من تضرر الاقتصاد بشكل كبير من الإجراءات الحكومية، التي دفعت بالديون إلى مستويات خطرة وزجّت بنحو 60 في المائة من المواطنين إلى خانة الفقر، وفق يحيى حامد، وزير الاستثمار في عهد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، الذي حذّر في مقال نشره بمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، يوم الجمعة الماضي، من إفلاس قريب وفشل كامل للدولة.

وقال حامد إن سوء الإدارة المزمن للحكومة والإهمال العام، تسببا في ارتفاع الدين الخارجي بمقدار خمسة أضعاف تقريباً خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمر هذا في المستقبل المنظور.

وأشار إلى أن الحكومة تخصص حالياً 38 في المائة من موازنتها لسداد الفائدة على ديونها المستحقة فقط، وبإضافة القروض والأقساط فإن أكثر من 58 في المائة من الميزانية يذهب للقروض.

ولفت حامد إلى أن النصيب الأكبر من الموارد العامة في مصر يذهب إلى تسهيل المدفوعات على الدين بدلاً من تعزيز ودعم المجتمع المدني، في بلد يقطنه 100 مليون شخص، محذراً من أن الإنفاق الضئيل على الصحة والتعليم والبنية التحتية ينذر بالخطر، وينبغي أن ينذر الغرب أيضاً.

وأضاف: "إذا استمر الاتجاه الحالي، فستفلس مصر قريباً، هذه ليست سوى الخطوة الأولى على طريق ضيق نحو الفشل الكامل للدولة".