غضب شعبي يبطل قرار إغلاق "سوق البالة" في سورية

17 يوليو 2018
منع البالة يؤذي الفقير (تويتر)
+ الخط -


تراجعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية عن قرار إغلاق محال الألبسة المستعملة (البالة)، بعد الرفض الشعبي والمعارضة الواسعة له خلال اليومين الماضيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن القرار يضيّق الخناق على المواطن العاجز عن مجاراة أسعار الملابس الجديدة، لمصلحة تجار وصناعيين مقربين من مراكز القرار في النظام.

وأحدث القرار الذي سبق أن وقعه معاون الوزير، والقاضي بإغلاق محال الألبسة المستعملة (البالة) في كافة المحافظات السورية، صدمة لعموم السوريين من سكان العاصمة دمشق وبقية المدن السورية على مدار اليومين الماضيين.

وجاء في قرار المنع: "في الآونة الأخير انتشرت محلات بيع الألبسة المستعملة أو البالة في الأسواق المحلية بمختلف المحافظات، والتأثير السلبي لذلك على صناعة الملابس الوطنية وتطورها وعلى الاقتصاد الوطني".

السخط الذي عمّ مواقع التواصل، وتفاعل معه صحافيون وتجار كان سببه في المقام الأول الإحساس بالغبن، واعتبار أن ما يجري يصب كالعادة في مصلحة مجموعة الاحتكار والتسلط، ويهدف إلى تضييق الخناق على المواطن العاجز عن مجاراة أسعار الألبسة الجديدة التي قفزت أسعارها قفزات خيالية. وركز المعارضون على سعي الوزارة لخدمة صناعيين وتجار ملابس مقربين من مراكز القرار، وذلك على حساب أكثرية الناس التي تعيش أوضاعاً اقتصادية صعبة.

الموقف الرافض للقرار الذي رحب به صناعيون وتجار مساندون لمراكز السلطة، ويروجون دوماً لأن "البالة" تنافسهم وتلحق بهم أضراراً كبيرة، دفع الوزارة إلى التراجع، من خلال قرار معاكس أصدره الوزير عبد الله الغربي، وجاء فيه: "بناء على توجيه من وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عبد الله الغربي ينهي العمل بمضمون كتاب وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك رقم 8802 /677 تاريخ 10/7/2018 الصادر عن مديرية حماية المستهلك، والموقع من معاون الوزير بالتفويض، والمتضمن تشديد الرقابة على كافة الأسواق والمحلات التجارية بالأسواق التي تتعامل ببيع الألبسة المستعملة البالة وضبطها".

وطرح القرار والتراجع عنه جملة تساؤلات تداولها السوريون عمّا إذا كانت القصة بحد ذاتها "جساً للنبض"، خصوصاً أن القرار الأولي وقعه معاون الوزير، لكي يتمكن الوزير من العودة عنه في حال قوبل بمعارضة شديدة، وهذا ما حصل فعلاً.




وتوافقت تعليقات السوريين على أن ما يحصل هو للإضرار بهم، وأن الحكومة ترى في البالة "ترفاً"، ولم يبق أمامهم سوى ورق التوت. وقال أكرم إبراهيم: "حرام انو الشعب السوري يلبس من البالا(...) الفقر نهشنا لا من البالا فينا نشتري ولا من السوق، خليونا نستر بورق التوت".

بعض السوريين رأى أن القرار وعكسه متفق عليه بين الوزير ومعاونه. وكتب محمود توكلنا معلقاً: "أما وزير والله على أساس قرار دون علمه...متفق عليه...وأن القرار الصائب يجب ان يتوجه لوقف التهريب وليس البالة". أما علي قاسم، قال: "بدل ما يمنعوها يوقفوا التهريب ...ولا دائما هيك بتروح عالفقير".

العودة عن قرار منع البالة في سورية(العربي الجديد) 


إحدى المعلقات شككت بجودة الألبسة المصنعة محلياً، معتبرة أن ملابس البالة أفضل نوعاً وسعراً. ومعلق آخر قال: "يعني عاساس رح يتحسن اقتصاد البلد ويصير يجينا ناس من أوروبا يشترو تياب من عنا لك الله وكيلك ما عنا تياب من الصناعة الوطنية خرج تنلبس". ورأت أخرى أن التجار هم من دفعوا لإصدار القرار، وأن أسعار بعض الألبسة تساوي راتب الموظف. وكتبت كندة "والله الصناعة الوطنية منشتري القطعة من اول غسلة بتصير 100 شكل و100 لون مشان الله يحكونا شي مقنع بكون صحاب المحلات دافعيلون ليصدر هيك قرار ليش الشعب عم يقدر يشتري شي جديد والله في تياب بسعر رواتب موظفين هزلت عنجد".

من الواضح أن القرار نكأ عيوباً أكبر من البالة يتحملها السوريون، منها أداء حكومتهم. لكن في مقابل المعارضين ارتفعت أصوات قليلة مساندة لقرار معاون الوزير، وهم من الإعلاميين المقربين من التجار والصناعيين. ونقلت جريدة "الوطن" عن أحدهم ويدعى غيلان الغبرة قوله: "لو كنت وزيراً سأقوم بنفس العمل، فمن واجبي عدم مساعدة سوق المهرَبات، ومن واجبي حينها عدم الإضرار بالمنتج المحلي والاقتصاد الوطني، وأن أمنع بلادي من كونها مِكَبّاً للبضائع المستعملة أو الكاسدة أو القديمة".