غزيّات ممنوعات من العزف

04 يوليو 2017
ليتها تعزف أمام جمهور (محمد الحجار)
+ الخط -
يمكن للفتاة الغزيّة تعلّم الموسيقى في أحد المعاهد القليلة في قطاع غزة، وأن تشارك زملاءها في التدرّب على العزف وسماع الموسيقى، لكنّ لا يمكنها المشاركة في حفلات أو مهرجانات خارجية، لأنّ وزارة الداخليّة لا تسمح بالاختلاط مع الشباب في الفرق الموسيقية. لذلك، تكتفي الفتيات بالمشاركة في التدريبات.

قرار وزارة الداخليّة يغضب أعضاء الفرق الموسيقية، خصوصاً أن فتيات يعزفن في احتفالات وطنية ومناسبات اجتماعية أخرى. لذلك، فإن هذا القرار يحرمهن من الاستمتاع والتعبير عن أنفسهن في مدينة تعاني حصاراً وأزمات متكررة، إذ إن الموسيقى تعدّ متنفساً لهن.
على "فيسبوك"، أعربت هلا أبو رمضان، وهي والدة نانا عاشور، أول فتاة تعزف الإيقاع في غزة، عن رفضها التام لسياسة وزارة الداخلية التي منعت فتيات من إكمال فقرتهن في إحدى الحفلات الموسيقية المخصصة للمواهب في نهاية شهر مايو/ أيار الماضي. وكتبت: "الأمن الداخلي يمنع الفتيات من المشاركة في حفل للمواهب. وأثناء تأدية الفتيات فقرتهن إلى جانب مجموعة من الشباب العازفين، أوقف الحفل واستدعيت الفتيات ومنعن من المتابعة. أشعر بالغثيان كوني أعيش على هذه الأرض، حيث هناك ظلم".

من جهتها، تقول نانا (16 عاماً) إنّ جمعية المستقبل المسؤولة عن الحفل حصلت على ترخيص من الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية في غزة. لكنّها فوجئت بدخول رجال من المباحث إلى المسرح، وإصدار الأمر بإنهاء الحفل، بحجة أنّه لا يليق بهن الخروج إلى العلن رغم صغر سنهن. وتوضح لـ "العربي الجديد" أن "الحفل ليس غنائياً، بل هو لتنمية المواهب، وهو الأوّل الذي يمنحني الفرصة لاستعراض موهبتي في العزف والغناء". ولطالما انتُقدت نانا من المجتمع كونها تعزف على الطبلة مع زملاء لها، إلا أنها تتجاهله. حالياً، تكتفي بالعزف مع زملائها في معهد سيد درويش وسط مدينة غزة. في المقابل، رفضت الداخلية التعليق، علماً أنّه لا يوجد قرار رسمي بالمنع.

أثناء التدريب (محمد الحجار) 


كذلك، منعت مريم أنور (15 عاماً)، في بداية شهر يونيو/ حزيران العام الماضي، من المشاركة ضمن فريق غناء كورال في أحد الاحتفالات في مدينة خان يونس (جنوب قطاع غزة). ورغم تحضيرها للعرض على مدار عشرة أيام، إلا أن الجمعية التي كانت تنظم العرض فضلت عدم مشاركتها خشية أن تفرض وزارة الداخلية عليها عقوبات. تقول لـ "العربي الجديد" إنّ "هذه ليست المرة الأولى الذي يحصل معي أمر مماثل. قبل عامين، منعت من المشاركة في أحد المهرجانات الذي أقيم بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع في عام 2014". حالياً، تعزف مريم في معهد موسيقي، وفي حفلات مغلقة داخلية.

وسبق لصديقة مريم إيمان شرتح (16 عاماً) أن منعت من العزف خلال حفل نظّم هذا العام لأطفال غزة. حاول والدها الحصول على ترخيص لإقامة الحفل داخل جمعيتهم الموجودة في شمال قطاع غزة، إلا أن الوزارة رفضت. تقول لـ "العربي الجديد": "حين كنت في التاسعة من عمري، شاركت في حفلات كثيرة. اليوم، اشتقت إلى المشاركة في الحفلات".

تعزف على البيانو (محمد الحجار) 


إلى ذلك، يقول أستاذ الموسيقى فارس عنبر إنه يحفّز الفتيات على تعلّم الموسيقى، ويلاحظ أن الموسيقى هي متنفس لهن، خصوصاً أن بعضهن لا يجد ما قد يسليهن في ظل انقطاع الكهرباء عن منازلهن نحو 18 ساعة يومياً. ويشير إلى أنّ بعض الفتيات يخفن تعلّم الموسيقى بسبب نظرة المجتمع السلبية، والذي يرى أن الآلات الموسيقية هي للرقص. يضيف: "للأسف، فإن كثيرين في مجتمعنا مخطئون في نظرتهم للموسيقى، والداخلية هي جزء من المجتمع. العازف شخص ينتج السعادة".

بدوره، يوضح الملحّن الفلسطيني، ومدير مركز "سيد درويش" الموسيقي، سلام سرو، أن المجتمع الغزي يشهد انفتاحاً كبيراً على تعلم الغناء والعزف، خصوصاً خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، لافتاً إلى أن مواهب فلسطينية ظهرت من خلال مسابقات عربية ودولية. ويلاحظ أنّ الفتيات يحلمن بالعزف على المسارح، لافتاً إلى أن بعض الأهالي باتوا أكثر تشجيعاً لأبنائهم.
كذلك، يقول إن الموسيقى في قطاع غزة، بالمقارنة مع دول عربية أخرى، ما زالت في حاجة إلى رعاية وتطوير، حتّى في ظل الحصار الإسرائيلي. كموسيقي، يؤمن أن الموسيقى سلاح يمكن أن يواجه فيه الطفل الفلسطيني العالم ويبرز قضيته. لكن المشكلة أن المجتمع يعيق هذا التطور أحياناً. وسبق أن منعت فرقة "صول باند"، والتي تضم عدداً من العازفين من المركز، من تنظيم حفلات لأنها تسمح لفتيات بالمشاركة.

المساهمون