ليس مشهداً من شريط سينمائي، بل هو واقع مواطنين غزيين لم يذوقوا طعم اللحوم منذ أشهر. الأزمة المعيشية صعبة والبقوليات لا تسدّ شوقهم
تفتقد أسرة المواطن الفلسطيني، مؤمن بكر (38 عاماً)، اللحوم على موائد طعامها منذ شهر إبريل/ نيسان الماضي، بعد قرار السلطة الفلسطينية خصم 30 في المائة من رواتب الموظفين التابعين لسلطة رام الله ضمن الإجراءات العقابية لقطاع غزة. باتت الأسرة تعتمد على البقوليات وبعض الخضر المتوفرة في أسواق القطاع، بعيداً عن لحم البقر والغنم والدواجن، فراتب الأب لا يتجاوز بعد الخصم وسداد الديون 200 دولار أميركي، والأسرة مكونة من 8 أفراد.
أسر كثيرة لم تعد تتناول اللحوم ضمن وجبات الطعام المنزلية بالرغم من مطالب أطفالها، الذين باتوا يعتبرون اللحمة من أمنياتهم. وبات من الاعتيادي أن يجد المارة محلات اللحوم في أسواق غزة فارغة.
يقول بكر لـ"العربي الجديد": "تخصم نسبة شهرية من راتبي لقرض أخذته قبل 4 أعوام لأبني منزلي، والمبلغ الذي يبقى مخصص للأطعمة زهيدة الثمن، فنحن في مرحلة طوارئ طويلة تحت رحمة السياسة للأسف، وأطفالي يشعرون بالملل من الأطعمة المتكررة وأعجز عن تلبية طلباتهم من الدواجن التي يحبون تناولها كلّ يوم جمعة".
بالرغم من العروض التي تقدمها محلات اللحوم والمسالخ في قطاع غزة، إلاّ أنّ أسراً كثيرة توقفت عن شراء اللحوم بسبب الوضع الاقتصادي السيئ الذي طاول أكثر من 110 آلاف موظف يتبعون لسلطة رام الله وحكومة غزة السابقة، ووصلت عروض اللحوم في بعض المحلات إلى 35 شيكلاً (10 دولارات أميركية) للكيلوغرام الواحد من اللحم البقري الطازج، بينما وصل سعر كيلوغرام الدواجن الحيّة إلى 7.5 شيكلات (دولارين) وهي الأسعار الأرخص للحوم البيضاء والحمراء على مدار 10 أعوام بحسب أحمد بركة، وهو مالك مسلخ لحوم حمراء ومزارع دواجن.
من جهته، يأتي أحمد أبو لبد (42 عاماً) بوجبة واحدة من الدواجن كلّ شهر ليطعم أولاده فقط، ويمتنع عن تناولها هو وزوجته. هو أيضاً موظف في السلطة الفلسطينية، ولا يتقاضى سوى 500 شيكل (160 دولاراً) شهرياً بعد خصم 30 في المائة وخصم القرض البنكي. يقول لـ"العربي الجديد": "هذا أسوأ عام يمرّ على أسرتي منذ 20 عاماً، فكانت أصعب اللحظات لديّ حين يطلب أطفالي بعض المستلزمات المدرسية ولا أقدر على تلبية حاجتهم، أو حين يطلبون مائدة يوم الجمعة التي يحبونها كوننا نعدّ فيها عادة المقلوبة أو الفتة أو الكبسة مما لم يعد حاضراً. أبحث في الوقت الحالي عن عمل إضافي لأسدّ حاجتهم".
من جهته، يعجز مصعب الطالع (50 عاماً) عن شراء اللحوم المثلجة التي كان يشتريها طوال العامين الأخيرين، بعد خسارته وظيفته في إحدى شركات الألبان التي استغنت عن خدماته بنتيجة الأزمة الاقتصادية. لم يعد اليوم قادراً على شراء تلك اللحوم التي يصل سعرها إلى نصف سعر اللحوم الطازجة. يعتمد الطالع على مساعدات مالية تأتي كلّ ثلاثة أشهر من مخصصات وزارة الشؤون الاجتماعية للأسر الفقيرة في قطاع غزة، بينما يحصل على كوبونات شهرية لجلب البقوليات والحبوب من إحدى المؤسسات الخيرية. يتذكر أنّ آخر مرة تناولت فيها أسرته وجبة من اللحوم كانت في شهر رمضان في يونيو/ حزيران الماضي.
أشرف الحلو، أحد أكبر تجار الدواجن في مدينة غزة، اضطر إلى إغلاق محلين من أصل 7 محلات للحوم الدواجن والبقر لقلة الزبائن. يقول لـ"العربي الجديد": "نصادف يومياً آلاف المتسوقين الذين يمرون على المحلات (للفرجة فقط) فهم يرغبون في الشراء لكنهم لا يستطيعون". ويضيف: "أجبرت على التخلي عن أكثر من 25 عاملاً حتى". ويشير الحلو إلى أنّ اللحوم المثلجة بالنسبة للأسر الفقيرة هي ملاذهم لتناول وجبة الجمعة، بما تحتوي عليه من أرزّ ولحم، لكن، في الوقت الحالي فإنّ الإقبال عليها هو أقل من نصف ما هو عليه في الظروف العادية.
مدير دائرة الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة في غزة، طاهر أبو حمد، يعتبر أنّ القطاع الحيواني يشهد أسوأ فترة له هذا العام، وهو ما يعود إلى تدني أسعار الدواجن وضعف القدرة الشرائية للمواطنين في القطاع بنتيجة الظروف المعيشية الصعبة بفعل خصم الرواتب وقرارات التقاعد وغيرها من الأسباب الاقتصادية. يشير إلى أنّ ذلك وضع تجار اللحوم وأصحاب المزارع في أزمة كبيرة.
إلى ذلك، تشير إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية إلى أنّ نسبة الاعتماد على المساعدات الإغاثية في قطاع غزة تجاوزت 80 في المائة بين السكان الذي بلغ عددهم أكثر من مليوني نسمة. كذلك، تشير إلى ارتفاع عدد العاطلين من العمل إلى نحو ربع مليون، 60 في المائة منهم من فئة الشباب.
اقــرأ أيضاً
أسر كثيرة لم تعد تتناول اللحوم ضمن وجبات الطعام المنزلية بالرغم من مطالب أطفالها، الذين باتوا يعتبرون اللحمة من أمنياتهم. وبات من الاعتيادي أن يجد المارة محلات اللحوم في أسواق غزة فارغة.
يقول بكر لـ"العربي الجديد": "تخصم نسبة شهرية من راتبي لقرض أخذته قبل 4 أعوام لأبني منزلي، والمبلغ الذي يبقى مخصص للأطعمة زهيدة الثمن، فنحن في مرحلة طوارئ طويلة تحت رحمة السياسة للأسف، وأطفالي يشعرون بالملل من الأطعمة المتكررة وأعجز عن تلبية طلباتهم من الدواجن التي يحبون تناولها كلّ يوم جمعة".
بالرغم من العروض التي تقدمها محلات اللحوم والمسالخ في قطاع غزة، إلاّ أنّ أسراً كثيرة توقفت عن شراء اللحوم بسبب الوضع الاقتصادي السيئ الذي طاول أكثر من 110 آلاف موظف يتبعون لسلطة رام الله وحكومة غزة السابقة، ووصلت عروض اللحوم في بعض المحلات إلى 35 شيكلاً (10 دولارات أميركية) للكيلوغرام الواحد من اللحم البقري الطازج، بينما وصل سعر كيلوغرام الدواجن الحيّة إلى 7.5 شيكلات (دولارين) وهي الأسعار الأرخص للحوم البيضاء والحمراء على مدار 10 أعوام بحسب أحمد بركة، وهو مالك مسلخ لحوم حمراء ومزارع دواجن.
من جهته، يأتي أحمد أبو لبد (42 عاماً) بوجبة واحدة من الدواجن كلّ شهر ليطعم أولاده فقط، ويمتنع عن تناولها هو وزوجته. هو أيضاً موظف في السلطة الفلسطينية، ولا يتقاضى سوى 500 شيكل (160 دولاراً) شهرياً بعد خصم 30 في المائة وخصم القرض البنكي. يقول لـ"العربي الجديد": "هذا أسوأ عام يمرّ على أسرتي منذ 20 عاماً، فكانت أصعب اللحظات لديّ حين يطلب أطفالي بعض المستلزمات المدرسية ولا أقدر على تلبية حاجتهم، أو حين يطلبون مائدة يوم الجمعة التي يحبونها كوننا نعدّ فيها عادة المقلوبة أو الفتة أو الكبسة مما لم يعد حاضراً. أبحث في الوقت الحالي عن عمل إضافي لأسدّ حاجتهم".
من جهته، يعجز مصعب الطالع (50 عاماً) عن شراء اللحوم المثلجة التي كان يشتريها طوال العامين الأخيرين، بعد خسارته وظيفته في إحدى شركات الألبان التي استغنت عن خدماته بنتيجة الأزمة الاقتصادية. لم يعد اليوم قادراً على شراء تلك اللحوم التي يصل سعرها إلى نصف سعر اللحوم الطازجة. يعتمد الطالع على مساعدات مالية تأتي كلّ ثلاثة أشهر من مخصصات وزارة الشؤون الاجتماعية للأسر الفقيرة في قطاع غزة، بينما يحصل على كوبونات شهرية لجلب البقوليات والحبوب من إحدى المؤسسات الخيرية. يتذكر أنّ آخر مرة تناولت فيها أسرته وجبة من اللحوم كانت في شهر رمضان في يونيو/ حزيران الماضي.
أشرف الحلو، أحد أكبر تجار الدواجن في مدينة غزة، اضطر إلى إغلاق محلين من أصل 7 محلات للحوم الدواجن والبقر لقلة الزبائن. يقول لـ"العربي الجديد": "نصادف يومياً آلاف المتسوقين الذين يمرون على المحلات (للفرجة فقط) فهم يرغبون في الشراء لكنهم لا يستطيعون". ويضيف: "أجبرت على التخلي عن أكثر من 25 عاملاً حتى". ويشير الحلو إلى أنّ اللحوم المثلجة بالنسبة للأسر الفقيرة هي ملاذهم لتناول وجبة الجمعة، بما تحتوي عليه من أرزّ ولحم، لكن، في الوقت الحالي فإنّ الإقبال عليها هو أقل من نصف ما هو عليه في الظروف العادية.
مدير دائرة الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة في غزة، طاهر أبو حمد، يعتبر أنّ القطاع الحيواني يشهد أسوأ فترة له هذا العام، وهو ما يعود إلى تدني أسعار الدواجن وضعف القدرة الشرائية للمواطنين في القطاع بنتيجة الظروف المعيشية الصعبة بفعل خصم الرواتب وقرارات التقاعد وغيرها من الأسباب الاقتصادية. يشير إلى أنّ ذلك وضع تجار اللحوم وأصحاب المزارع في أزمة كبيرة.
إلى ذلك، تشير إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية إلى أنّ نسبة الاعتماد على المساعدات الإغاثية في قطاع غزة تجاوزت 80 في المائة بين السكان الذي بلغ عددهم أكثر من مليوني نسمة. كذلك، تشير إلى ارتفاع عدد العاطلين من العمل إلى نحو ربع مليون، 60 في المائة منهم من فئة الشباب.