وأعلن المجلس البلدي لمنطقة الجفرة، في بيان له أمس، أنه بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين هاجم عناصر من تنظيم "داعش" بقوة قوامها 25 سيارة مسلحة المنطقة، وفتحوا النار على الأهالي قبل أن ينسحبوا من المنطقة بعد ساعتين، لافتاً إلى أن مواجهة الأهالي والاشتباكات التي حدثت خلفت أربعة قتلى وعدداً من المصابين وعدداً آخر من المختطفين. وأضاف البيان أن "عناصر داعش قاموا أيضاً بإضرام النار في مركز الشرطة ومقار الدفاع المدني والحرس البلدي ومحطة إرسال شبكة المدار للهاتف المحمول، ما أدى لانقطاع الشبكة، كما قاموا بخطف عدد من الشرطيين".
إلى ذلك، قال المصدر الذي تحدّث لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إنّ عناصر تنظيم "داعش" الذي يستقبل كل أسبوع عشرات المقاتلين الجدد سواء القادمين من أفريقيا أو من سورية والعراق، "تمكّنت من التمركز في مناطق نائية من صحراء البلاد، ما يشير إلى إنهاء الخلافات التي كانت تدبّ بين قادة التنظيم"، لافتاً إلى أنّ خلايا التنظيم "عانت من صراعات وخلافات بين قادتها بعد هزيمتهم الكبيرة في سرت نهاية عام 2016 على يد قوات "البنيان المرصوص" المدعومة من حكومة الوفاق".
وأكّد المصدر أنّ تمركزات التنظيم بدت أكثر قوة في مناطق محيطة بجبال الهروج والسوداء، جنوب ووسط جنوب البلاد، وهي مناطق محصنة طبيعياً وتتصل بالحدود الجنوبية المفتوحة، بالإضافة إلى ارتباطها بشبكة طرق صحراوية تصل إلى أودية جنوب شرق بني وليد (جنوب شرق طرابلس)، وحتى مناطق هراوة والنوفلية، شرق سرت، على ساحل البحر المتوسط. كما أوضح المصدر أنّ تلك الطرقات، جنوباً وشمالاً، تمثّل شرايين تمدّ تمركزات التنظيم وسط الصحراء بالحياة. فالمؤن والإمداد اللوجستي يصل من مناطق محيطة ببني وليد شمالاً وحتى هراوة والنوفلية، أمّا الإمداد بالمقاتلين، فيصلها عبر حدود دول أفريقية على يد مهربي البشر.
وعن الظروف التي يعيشها مقاتلو التنظيم والتي مكّنتهم من إعادة ترتيب صفوفهم، قال المصدر "أوّل تلك العوامل والظروف هو الانقسام الذي تعيشه البلاد. فالتقارير المتوفّرة لدينا لا ترغب القوات الموجودة في شرق البلاد والتي تقع تلك المناطق الجنوبية تحت سيطرتها، بالتعامل معها. كما أنّ يد حكومة الوفاق لا تصل إلى هناك إلا عبر الأجهزة الأمنية التي تمتلك عناصر فاعلة لها هناك، وهي التي تزودنا بتحركات التنظيم وترصد حركته"، كاشفاً النقاب عن "عزم التنظيم على شنّ هجمات على مناطق بالجنوب استعداداً للإعلان عن نفسه مجدداً".
وفي هذا الإطار، رأى المصدر أنّ "عملية ليل الأمس بمنطقة الفقهاء كانت متسرّعة وسابقة لأوانها بسبب انتفاضة أهالي الجنوب على المليشيات المنتشرة هناك، ولا سيما التشادية، وهي بالطبع مليشيات مرتبطة بداعش وتزودها بالمقاتلين والسلاح. وتحسباً لأي هجوم، بادر داعش بالهجوم على الفقهاء، وهي أقرب المناطق إلى معسكرات داعش بجبال الهروج".
كذلك، لمّح المصدر إلى تورط عناصر وكتائب تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر في تزويد "داعش" بمساعدات لوجستية، من بينها المقاتلين، وقال: "تقارير الأمم المتحدة أكّدت تورط كتيبة سبل السلام التابعة لحفتر في الكفرة (جنوب شرق ليبيا) في تهريب البشر، ونحن لدينا مقاطع فيديو لمهربين تمّ القبض عليهم واعترفوا بأنّهم يؤمّنون وصول مقاتلين لداعش عبر الكفرة"، لافتاً إلى أنّ "أسماء كبيرة ويعرفها الجميع، متورطة في نقل مقاتلين أجانب إلى البلاد". وأضاف "المعارضة التشادية تؤمّن مقاتليها عبر قبائلها والبلدان المحيطة بها، فلمن يُهرَّب المقاتلون الأجانب، ولا سيما المنتمين لجنسيات عربية؟ بكل تأكيد لصالح داعش".
وتابع المصدر "أعتقد أننا أمام شبكات تهريب عابرة للحدود، وما يهمنا هو تورّط قيادات وأسماء من قوات حفتر بعلمه أو بدون علمه، ولكن المؤكّد أنّ المئات من المقاتلين بالفعل وصلوا ولا نعرف كم هي الأعداد التي ستصل بعد"، لافتاً إلى أنّ حكومة الوفاق والأجهزة التابعة لها، الأمنية والعسكرية، تنسّق بشكل عالي المستوى مع القوات الأميركية في أفريقيا "أفريكوم"، لمواجهة خطر عودة التنظيم للبلاد، من دون أن يكشف المصدر عن مزيد من التفاصيل حول هذا التنسيق.
وكانت "العربي الجديد" قد انفردت بتقارير في يوليو/ تموز من العام الماضي، كشفت عن معلومات تؤكّد وجود معسكرات لتنظيم "داعش" جنوب شرق بني وليد (جنوب شرق طرابلس)، وقريبة من منطقة الجفرة، وتحديداً في وادي المكركم الذي تعرّض محيطه لقصف طيران قوات "أفريكوم" في يونيو/ حزيران وأغسطس/ آب الماضيين. كما كشفت التقارير عن إنشاء التنظيم لمعسكرات تدريب في جبال الهروج القريبة من منطقة الفقهاء.