تضامناً مع القدس، لن يحتفل الغزيّون هذا العام بليلة الميلاد، ولا بالعيد الذي يحلّ غداً في الخامس والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول
يحلّ موسم الأعياد على أهل غزة، لا سيّما المسيحيين منهم، حزيناً. هم، تماماً كما هي حال مواطنيهم الفلسطينيين الآخرين، ما زالوا تحت وطأة ما خلّفه إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس "عاصمة لإسرائيل" وقراره القاضي بنقل سفارة بلاده إلى تلك المدينة المحتلة. وكأنّ الفرح محظور على أهل فلسطين، لا سيّما أهل غزة الذين حرمتهم كذلك الأزمة الاقتصادية في القطاع واشتداد الحصار عليهم من الاحتفال بعيدَي الفطر والأضحى قبل أشهر.
أهل غزة لن يحتفلوا بعيد الميلاد، إذ إنّهم متضامنون مع مواطنيهم في المناطق الفلسطينية الأخرى، لا سيّما في القدس. يُذكر أنّ الجهة المشرفة على إضاءة شجرة الميلاد في مدينة القدس المحتلة، كانت قد أعلنت إلغاء مظاهر الاحتفال بالعيد لا سيّما إضاءة شجرة الميلاد عند باب الجديد في المدينة المحتلة. ويأتي ذلك احتجاجاً على إعلان الرئيس الأميركي.
كمال الترزي (55 عاماً)، مسيحيي من الطائفة الأرثوذكسية، وهو أسير محرّر حُرم من الاحتفال بالعيد لسنوات طويلة، ولا سيّما أنّه بقي على مدى سبعة أعوام قابعاً في سجون الاحتلال بعد مقاومته الاحتلال الإسرائيلي قبل الانتفاضة الأولى عام 1987. وهذا العام، يرفض الترزي الاحتفال بموسم الأعياد، إذ إنّه "من أسوأ الأعوام التي عرفتها فلسطين تحت الاحتلال".
ويقول الترزي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجميع ناضل من أجل المسجد الأقصى قبل كنيسة القيامة. وحماية المسجد الأقصى هي حماية لكنيسة القيامة وللأماكن الدينية المسيحية الأخرى. ونحن اليوم لا نرى أنّ الأماكن المقدسة بخير، بالتالي ليس علينا الاحتفال بمناسباتنا الدينية". ويتذكّر الترزي احتفالات العام الماضي "الخجولة"، على حدّ وصفه، ويخبر أنّ "مواطنينا المسلمين شاركونا أعيادنا. تمنّينا أن تتحسّن الظروف في عام 2017، لكنّ العكس هو ما حصل". يضيف: "شهدنا المعاناة خلال الأعياد الإسلامية هذا العام، وفي كلّ شهر تعرف غزة أزمة أكثر شدّة من الشهر الذي سبقه. ومع الحصار، أيقنّا تماماً أنّ ثمّة محتلاً يهدف إلى التخلّص من الطقوس الدينية الخاصة بالمسلمين والمسيحيين حتى يطمس الهوية الفلسطينية والأخوّة في ما بينهم".
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، يفرض الاحتلال الإسرائيلي شروطاً يمنع بموجبها المسيحيين الذين تراوح أعمارهم ما بين 16 و35 عاماً، من الخروج من القطاع والتوجّه إلى مدن الضفة الغربية للصلاة أو الاحتفال بالأعياد أو زيارة الأقارب. وهذا يدخل ضمن سياسة الحصار التي يتّبعها الاحتلال منذ عام 2007 وحتى اللحظة.
ويشير مدير العلاقات الدينية في كنيسة الروم الأرثوذكس في قطاع غزة، جبر الجلدة، إلى أنّه "في كلّ عام ينخفض مستوى بهجة الأعياد في غزة، إذ تحكمها السياسة العامة في قطاع غزة الذي ما زال محاصراً، إلى جانب إجراءات الاحتلال التي تعوّق حركة بعض المسيحيين الذين يودّون التوجّه إلى كنيسة المهد في بيت لحم أو القيامة في القدس". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "الاحتلال يسمح لعدد لا يتجاوز 500 مسيحي بالحصول على تصاريح للدخول إلى الضفة الغربية للصلاة، من أصل أكثر من 700 طلب. وهذا العام، القدس مدينة الأديان السماوية جريحة".
ويتذكّر الجلدة أنّه "في تسعينيات القرن الماضي، كانت للمسيحيين في غزة احتفالات خارج حدود الكنائس، وكانت شجرة الميلاد تُزيّن وتضاء في ساحة الجندي المجهول، ويشارك في ذلك مواطنون مسلمون وشخصيات رسمية فلسطينية. لكنّ أجواء الاحتفال راحت تتقلص في ظلّ الحصار، وهذا العام يُعَدّ الأسوأ".
في سياق متصل، نشر بشار صليبة (37 عاماً)، دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي لأبناء الطائفة المسيحية كي يضعوا صور المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والمهد داخل الكنائس في قطاع غزة، مع تكثيف الصلوات في يوم عيد الميلاد في 25 ديسمبر/ كانون الأول لفكّ الأزمة عن المقدّسات. ويقول صليبة لـ"العربي الجديد"، إنّه "مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية هذا العام في قطاع غزة والضفة الغربية، ومع ما تعيشه القدس مدينة السلام في هذه الأيام، فإنّنا لا نجد إلا التقرّب من الله في أيام الأعياد هذه والدعاء".
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد الفلسطينيين المسيحيين في قطاع غزة تراجع خلال السنوات العشر الأخيرة، ليبلغ نحو 1100 مسيحي ومسيحية، ينتمون بمعظمهم إلى طائفة الروم الأرثوذكس، إلى جانب عدد من المؤمنين تحت سقف الكنيسة المعمدانية والكنيسة اللاتينية. يُذكر أنّه بحسب البيانات الأخيرة لمركز الإحصاء الفلسطيني في عام 2006، فإنّ عدد المسيحيين في غزة كان نحو خمسة آلاف. لكنّه ونتيجة تدهور أوضاع القطاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، غادر كثيرون منهم غزة واستقروا في مدن بيت لحم وبيت ساحور ورام الله، بينما سافر آخرون إلى دول أوروبية.
اقــرأ أيضاً
يحلّ موسم الأعياد على أهل غزة، لا سيّما المسيحيين منهم، حزيناً. هم، تماماً كما هي حال مواطنيهم الفلسطينيين الآخرين، ما زالوا تحت وطأة ما خلّفه إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس "عاصمة لإسرائيل" وقراره القاضي بنقل سفارة بلاده إلى تلك المدينة المحتلة. وكأنّ الفرح محظور على أهل فلسطين، لا سيّما أهل غزة الذين حرمتهم كذلك الأزمة الاقتصادية في القطاع واشتداد الحصار عليهم من الاحتفال بعيدَي الفطر والأضحى قبل أشهر.
أهل غزة لن يحتفلوا بعيد الميلاد، إذ إنّهم متضامنون مع مواطنيهم في المناطق الفلسطينية الأخرى، لا سيّما في القدس. يُذكر أنّ الجهة المشرفة على إضاءة شجرة الميلاد في مدينة القدس المحتلة، كانت قد أعلنت إلغاء مظاهر الاحتفال بالعيد لا سيّما إضاءة شجرة الميلاد عند باب الجديد في المدينة المحتلة. ويأتي ذلك احتجاجاً على إعلان الرئيس الأميركي.
كمال الترزي (55 عاماً)، مسيحيي من الطائفة الأرثوذكسية، وهو أسير محرّر حُرم من الاحتفال بالعيد لسنوات طويلة، ولا سيّما أنّه بقي على مدى سبعة أعوام قابعاً في سجون الاحتلال بعد مقاومته الاحتلال الإسرائيلي قبل الانتفاضة الأولى عام 1987. وهذا العام، يرفض الترزي الاحتفال بموسم الأعياد، إذ إنّه "من أسوأ الأعوام التي عرفتها فلسطين تحت الاحتلال".
ويقول الترزي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجميع ناضل من أجل المسجد الأقصى قبل كنيسة القيامة. وحماية المسجد الأقصى هي حماية لكنيسة القيامة وللأماكن الدينية المسيحية الأخرى. ونحن اليوم لا نرى أنّ الأماكن المقدسة بخير، بالتالي ليس علينا الاحتفال بمناسباتنا الدينية". ويتذكّر الترزي احتفالات العام الماضي "الخجولة"، على حدّ وصفه، ويخبر أنّ "مواطنينا المسلمين شاركونا أعيادنا. تمنّينا أن تتحسّن الظروف في عام 2017، لكنّ العكس هو ما حصل". يضيف: "شهدنا المعاناة خلال الأعياد الإسلامية هذا العام، وفي كلّ شهر تعرف غزة أزمة أكثر شدّة من الشهر الذي سبقه. ومع الحصار، أيقنّا تماماً أنّ ثمّة محتلاً يهدف إلى التخلّص من الطقوس الدينية الخاصة بالمسلمين والمسيحيين حتى يطمس الهوية الفلسطينية والأخوّة في ما بينهم".
ويشير مدير العلاقات الدينية في كنيسة الروم الأرثوذكس في قطاع غزة، جبر الجلدة، إلى أنّه "في كلّ عام ينخفض مستوى بهجة الأعياد في غزة، إذ تحكمها السياسة العامة في قطاع غزة الذي ما زال محاصراً، إلى جانب إجراءات الاحتلال التي تعوّق حركة بعض المسيحيين الذين يودّون التوجّه إلى كنيسة المهد في بيت لحم أو القيامة في القدس". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "الاحتلال يسمح لعدد لا يتجاوز 500 مسيحي بالحصول على تصاريح للدخول إلى الضفة الغربية للصلاة، من أصل أكثر من 700 طلب. وهذا العام، القدس مدينة الأديان السماوية جريحة".
ويتذكّر الجلدة أنّه "في تسعينيات القرن الماضي، كانت للمسيحيين في غزة احتفالات خارج حدود الكنائس، وكانت شجرة الميلاد تُزيّن وتضاء في ساحة الجندي المجهول، ويشارك في ذلك مواطنون مسلمون وشخصيات رسمية فلسطينية. لكنّ أجواء الاحتفال راحت تتقلص في ظلّ الحصار، وهذا العام يُعَدّ الأسوأ".
في سياق متصل، نشر بشار صليبة (37 عاماً)، دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي لأبناء الطائفة المسيحية كي يضعوا صور المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والمهد داخل الكنائس في قطاع غزة، مع تكثيف الصلوات في يوم عيد الميلاد في 25 ديسمبر/ كانون الأول لفكّ الأزمة عن المقدّسات. ويقول صليبة لـ"العربي الجديد"، إنّه "مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية هذا العام في قطاع غزة والضفة الغربية، ومع ما تعيشه القدس مدينة السلام في هذه الأيام، فإنّنا لا نجد إلا التقرّب من الله في أيام الأعياد هذه والدعاء".
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد الفلسطينيين المسيحيين في قطاع غزة تراجع خلال السنوات العشر الأخيرة، ليبلغ نحو 1100 مسيحي ومسيحية، ينتمون بمعظمهم إلى طائفة الروم الأرثوذكس، إلى جانب عدد من المؤمنين تحت سقف الكنيسة المعمدانية والكنيسة اللاتينية. يُذكر أنّه بحسب البيانات الأخيرة لمركز الإحصاء الفلسطيني في عام 2006، فإنّ عدد المسيحيين في غزة كان نحو خمسة آلاف. لكنّه ونتيجة تدهور أوضاع القطاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، غادر كثيرون منهم غزة واستقروا في مدن بيت لحم وبيت ساحور ورام الله، بينما سافر آخرون إلى دول أوروبية.