غرام من الذهب يطعم عائلة مصرية ليومين

22 فبراير 2016
حالة ركود تصيب أسعار الذهب (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
بارتفاع غير مسبوق منذ أربع سنوات، سجل سعر غرام الذهب (عيار 21 قيراطاً) 298 جنيهاً مصرياً، ما يعني أن نحو أربعة غرامات من الذهب تساوي راتب موظف مصري، وفق القوانين التي وضعت الحد الأدنى للأجور عند مستوى 1200 جنيه. يؤكد الموظف ممدوح القاضي، أن الذهب ليس على أجندة الموظفين والفقراء في مصر، فهو فقط للطبقة الميسورة، مشيراً إلى أن شراء الذهب كان من ضمن عادات وتقاليد الشعب المصري، الذي تخلى عنها بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار، وحالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي شهدته مصر طوال الخمسة عشر عاماً الماضية. ويؤكد أن الغرام الواحد من الذهب يكفي الأسرة المصرية لتأمين الطعام والشراب ومصاريف المدارس، لمدة يومين. ويتساءل: "هل من الممكن أن ينفق رب الأسرة على شراء الذهب وترك مصاريف العلاج والدارسة وغيرها من النفقات الضرورية في حياة محدودي بل معدومي الدخل؟". بالقرب من ميدان العتبة في منطقة الأزهر أشهر مناطق تصنيع وبيع الذهب، تقول وردة محمد، وهي موظفة: "كان الذهب في البداية بمثابة الأمان لأي أسرة مصرية، خاصة أنه كان في ارتفاع مستمر، ولذا فإن الكثير من الأسر تشترط أن تكون قيمة هدية الزوج لزوجته لإتمام الزواج بعض المصوغات الذهبية. إلا أن هذا الأمر اختلف تماماً، ولا سيما مع ارتفاع سن الزواج في مقابل ارتفاع نسبة البطالة وغيرها من الأزمات الاقتصادية التي عصفت بالمصريين، وهو الأمر الذي جعل الأسرة تستغني عن شراء الذهب". تضيف محمود "إن المصريات يعتمدن على الذهب في وقت الأزمات المالية، إلا أنه تحت وطأة الظروف الأسرية وغياب مجانية التعليم والصحة، وإغلاق المصانع وتشريد العمال، اتجهن لبيع الذهب واستبداله بمشاريع صغيرة تدر ربحا على الأسرة وتعينها على المعيشة".

ركود تام 

بدوره، يقول أحد تجار الصاغة في منطقة "الوايلي" شرق القاهرة، محمود كرم: "إن عمليات بيع الذهب في ركود تام، منذ ما يزيد عن أربع سنوات، ولا سيما أن حالة الاهتزاز الاقتصادي الذي تعانيه مصر بعد الثورة، أنتجت تدهوراً في الأوضاع المعيشية للمواطنين، فابتعدوا عن شراء المشغولات الذهبية، واتجهوا للادخار في المصارف والعقارات".

ويشير إلى أن ما زاد من نفور المواطنين الذين تحكمهم عادات وتقاليد شراء الذهب للزواج، هو الارتفاع الكبير في أسعار المعدن الأصفر في الفترة الماضية. ويلفت كرم إلى أن "الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب دفع المصريين إلى الاستعاضة عنه بالذهب الصيني، بل اتجهوا لبيع ما لديهم من الذهب حتى يتمكنوا من تعويض تدني الرواتب، بعد إغلاق عشرات المصانع الخاصة والعامة وتشريد العمال، ناهيك عن ارتفاع تكاليف الزواج". من جهته، أرجع مصطفى غريب، أحد تجار الصاغة في منطقة الأزهر والحسين، أسباب عزوف المواطنين عن شراء الذهب إلى الارتفاع الجنوني الذي شهده المعدن النفيس في الفترة الماضية، مؤكداً أن الدولة تسعى لفرض ضريبة دمغة على الغرام الواحد بما يتجاوز 10 جنيهات. بالإضافة إلى انتشار الذهب الكسر، الذي يتم تهريبه من خارج مصر، أو يتم بيعه في المحلات الكبرى والذي يكون أرخص بما يقرب من ربع قيمة الذهب العادي، وهو ما يلجأ إليه العديد من الأسر من متوسطي الدخل". ومن جانبه، يقول الخبير في مجال الاستثمار أيمن أبوهند، إنه لا يمكن مقارنة دخل المصريين مع قيمة الذهب، "لا سيما أن الذهب من الأساسيات المعتمدة لعمليات الادخار، فهو يعتبر ملاذاً لانخفاض قيمة العملة، ويعتبر بديلاً عن وسائل الاستثمار الأخرى مثل السندات والأسهم".
فيما يصل امتلاك بيت خاصّ نحو 1.5 كيلوغرام من الذهب الخالص، أي بمعنى آخر أجرة 24 عاماً من العمل المتواصل مع الامتناع عن الأكل أو الشرب أو اقتناء أي شيء.

اقرأ أيضاً:أموال المهاجرين المصريين تنخفض... الاقتصاد في ورطة
المساهمون