غرائب تونسية

10 يونيو 2015
من تظاهرات "ينو البترول" في تونس العاصمة (الأناضول)
+ الخط -
كان المشهد مساء السبت في تونس سوريالياً بأتم معنى الكلمة، تجمعت فيه مشاهد لا تتشكل إلا في تونس التي تملأها التناقضات، وتعبر عن حاجات ناسها وأفكارهم وأولويات اهتماماتهم على اختلافها وتنوعها الذي يصيب أحياناً بالصداع كل من يريد أن يتثبت فيها ويبحث لها عن قاسم مشترك أو خيوط رابطة.

وفيما كانت سماء شارع الحبيب بورقيبة ملهية بآلاف عصافيرها المهاجرة، كانت أرضه تشهد تظاهرتين في نفس الوقت، الأولى تسائل الحكومة عن "بترول الشعب" وتطالب بفتح ملفات الطاقة والفساد وتحاول أن تنقل حملة بدأت افتراضية إلى أرض الواقع، فيما تسعى التظاهرة الثانية الى الدفاع عن "الميني" أي التنورة القصيرة، منتصرة لنساء الجزائر وردّاً على حملة "حجّب زوجتك". وقف رجال الأمن المساكين بينهما، يواجهون الأولى ويحمون الثانية.

وفي شوارع الجنوب، حيث يحتجّ شباب ومهربون ومتشددون، يدافع الأولون عن حقهم في الحياة والكرامة، ويستغل الباقون هذا الاحتجاج لتوتير الأجواء والإبقاء على مصالحهم. وفي مشهد تونسي باريسيّ، ينتفض الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي، منتصراً لمحمد مرسي، داعياً أهله في مدينة "دوز" إلى التظاهر بسلمية وعدم التنازل عن حقهم في السؤال عن بترولهم وثروتهم المهدورة. وبالعودة إلى تونس، كانت ضاحية "قمرت" للعاصمة التونسية تشهد احتفالات النهضة بذكرى تأسيسها الـ 34، واختلطت فيها مشاعر الحنين وصور الماضي القاسي بسجونه ومنافيه بلحظات الحاضر وأسئلته الصعبة، ووقف راشد الغنوشي يعلن صراحة أن حركته ستكون في الصف الأول للدفاع عن الدولة، والتصدي لمن يعمل على إخراج العفاريت من قمقمها في الجنوب، مدافعاً عن الحرية ومنتصراً لتماهيها مع الإسلام وعدم تعارضها معه.

في الوقت نفسه، كانت الجبهة الشعبية اليسارية تستعد لأحد امتحاناتها الهامة وتلتفت إلى مشاكلها الداخلية والاتهامات الخارجية بالعمل على إسقاط الحكومة... وفي هذه الأثناء، كان البقية يهمسون، أين حزب الرئيس؟ أين الرئيس نفسه؟