عيد بثينة وأقرانها

02 سبتمبر 2017
نجت بحياتها، لكن لا يعرف كيف سيكون مستقبلها (تويتر)
+ الخط -

ينتظر الأطفال العيد لارتداء الملابس الجديدة والحصول على "العيدية" من الأهل والأقارب لإنفاقها على الألعاب والحلوى، أو توفيرها لشراء ما ينقصهم من مستلزمات، لكن عيد الطفلة اليمنية بثينة الريمي، وعشرات الآلاف من أقرانها، على العكس من ذلك.

نجت بثينة قبل أيام من قصف غير مبرّر لطيران التحالف الذي تقوده السعودية، استهدف منزل عائلتها قرب جبل عطان، جنوب غرب العاصمة صنعاء. نجت الطفلة بحياتها، لكن لا يعرف كيف سيكون مستقبلها بلا عائلة في بلد فقير تمزقه الصراعات.

صورة بثينة التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي حولتها إلى أيقونة جديدة تضاف إلى ألبوم يضم عشرات من أطفال العرب الذين باتوا أيقونات شاهدة على البؤس والدمار الذي جلبه الغباء والفساد والأطماع.

للوهلة الأولى ذكّرتني صورة بثينة، بصورة شهيرة تم التقاطها في يونيو/حزيران 1972، للطفلة وقتها، كيم فان، ظهرت فيها الطفلة الفيتنامية تجري عارية تصرخ من شدة آلام احتراق جسدها بفعل النابالم الذي قصفت به القوات الفيتنامية الجنوبية الموالية للولايات المتحدة، قريتها التي احتلتها القوات الفيتنامية الشمالية.

تحولت كيم فان حينها إلى أيقونة بسبب الصورة المأساوية، ورغم أن الرئيس الأميركي وقتها، ريتشارد نيكسون، شكك في صحة الصورة، إلا أنها ظلت دليلاً دامغاً على الوحشية الأميركية في فيتنام، وكانت أحد أسباب انتهاء تلك الحرب التي تكشف لاحقاً كثير من فظائعها.

إن كنت تظن أن صورة بثينة المأساوية قد تحرك ضمير العالم، أو توقف الحرب المستعرة في اليمن، فأنت واهم، هل أوقفت صور الطفلين السوريين إيلان وعمران التي انتشرت حول العالم، نزيف الدم السوري، أو دفعت العالم لاتخاذ خطوة واحدة في هذا المسار؟

بات العالم مكاناً أكثر وحشية مما كان عليه في سبعينيات القرن الماضي، وزادت مشاعر البشر تبلداً، ولم يعد كثيرون يزعجهم حجم الدم المراق يومياً.

لن ترتدي الصغيرة ابنة اليمن السعيد، ملابس العيد، ولن تطلب من والديها العيدية، ولن تمرح أو تلهو في حيها الحزين، ليس لأنها، ومثلها كثير من أقرانها، لا يريدون الفرح، أو أنهم مسؤولون عن تحويل احتفالات العيد إلى جنازات، ولكن لأن آخرين من الكبار يواصلون تغذية مسلسل العنف، ويواصلون الصراع على ثروات البلد الذي تشترك الحرب والكوليرا والفيضانات في تحويله إلى أحد أكثر بلدان العالم بؤساً.

ستطاردنا صورة الطفلة اليمنية بثينة لأيام، أو ربما أسابيع، ثم ننساها مثلما نسينا قبلها الكثير من المآسي المشابهة، أو ننشغل بمأساة جديدة لطفل أو طفلة في بلد آخر من بلدان العرب الحزينة.


المساهمون