درج الشباب السوداني خلال الفترة الأخيرة على الاحتفال بعيد الحب الذي يصادف في 14 فبراير/شباط من كل عام. وتمتلئ محال الهدايا والمطاعم فضلاً عن الحدائق العامة بالشباب من الجنسين لإحياء المناسبة وتبادل الهدايا.
ومع الانفتاح والعولمة بدأت الظاهرة تنتشر، رغم أن المجتمع السوداني من المجتمعات المحافظة، والتي تعتبر الحب "عيباً"، إذ يصعب على الأزواج التعبير عنه صراحة أمام العامة.
في المقابل، يحذر رجال الدين والمحافظون الشباب من الاحتفال بعيد الحب، على اعتبار أنه تقليد أعمى لما يسمونه "الكفار والنصارى"، وعادة دخيلة على المجتمع السوداني، ناسبين العيد للوثنيين الرومان.
وعشية عيد الحب وزعت تلك الجماعات مطويات في مراكز المواصلات العامة والطرق الرئيسية، والغريب أن بعضها كانت باللون الأحمر، كما علقت ملصقات تحذيرية في الأماكن العامة، تؤكد تجريم المحتفلين بالمناسبة دينياً، وتعتبرهم من أعداء الله في بعض شعائرهم وعاداتهم. وتؤكد الملصقات والتحذيرات أن من مقاصد عيد الحب إشاعة المحبة بين الناس بلا استثناء، مؤمنين وكفاراً، ما يخالف الدين ويعارض أصول السنة والجماعة.
وخصصت بعض المساجد في العاصمة الخرطوم خطبة الجمعة الماضية للحديث عن عيد الحب ومطالبة الشباب بالعزوف عن الاحتفال به.
اقرأ أيضاً: فالنتاين دوما
لم تجد تلك التحذيرات آذاناً صاغية بين الشباب والمحبين ممن يعدون الأيام والليالي لذاك العيد.
ويمثل عيد الحب موسماً لأصحاب المكتبات وبائعي الورد، إذ يعمدون إلى تزيين محالهم باللون الأحمر وعرض أجمل ما لديهم من هدايا بطريقة جاذبة للجمهور المستهلك.
ويقول عوض صاحب محل هدايا لـ"العربي الجديد ": "عيد الحب بالنسبة لنا موسم تحقيق الأرباح لأن سوق الهدايا يبقى راكداً بقية العام". ويوضح: "إن غالبية زبائنه من طلاب الجامعات، يأتون عادة لشراء الهدايا والبطاقات التي تحمل كلمات تعبر عن الحب".
وتوضح رويدا، وهي طالبة، أنها اعتادت على الاحتفال بعيد الحب مع خطيبها ويخططان معاً لشكل الاحتفال قبل ثلاثة أشهر من موعده، ويتبادلان الهدايا. وتضيف: "نحرص على قضاء اليوم كله سوياً"، مؤكدة أن عيد الحب مناسبة لتجديد الحب، ولا ترى أي مانع من الاحتفال به.
ويؤكد أحمد، الموظف، أن العيد يجدد الحب بينه وبين زوجته. ويحرص على اصطحابها إلى أحد المطاعم بعيداً عن أجواء المنزل والأطفال، ويتبادلان الذكريات ويكسران روتين حياتهما اليومية.
وترى رقية، وهي ربة منزل، أن عيد الحب بدعة. وتؤكد "الحب لا يحتاج لأعياد حتى يتجدد، وأعتقد إن الأم التي تسمح لابنتها بالاحتفال به، تكون قد دعتها للفسق وبعدها لا تلوم إلا نفسها".
وتقول ريما الموظفة: "ميزة عيد الحب أننا نعبر فيه عن حبنا بشكل واضح، كما أنه يزيد الإلفة ويقوي الترابط الأسري، وهذه أهداف الدين السمحة فلماذا النظرة السلبية له"؟ وتضيف: "الحب لا يحتاج إلى منطق ليبرره فهو نفسه منطق".
ويرى أستاذ الطب النفسي علي بلدو أن جنوح السودانيين نحو الاحتفال بعيد الحب يعبر عن فقدانهم للحنان. ويقول: "الحب شعور إنساني أصيل ونبيل، ويجري في دم كل إنسان، ولكن المحاذير المجتمعية والتربية المتزمتة، وانعدام الإلفة بين الأسرة والشارع، وانعدام ما يسمى بمناهج الصحة العاطفية بالمدارس والجامعات جعلتنا نعيش في صحراء عاطفية نعاني من سوء تغذية التعبير اللفظي وهشاشة في الشعور".
اقرأ أيضاً: لا تشترِ الورود الحمراء في الفالنتاين